مخرج هيل للنزول عن الشجرة؟
هل يشكل الاقتراح الذي طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاستعانة بخبراء دوليين لترسيم خط الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واستجابة وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل له، مخرجاً لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، بعدما تجمدت نتيجة الرفض الإسرائيلي للخط الجديد الذي طرحه لبنان في تشرين الثاني الماضي؟ الخريطة اللبنانية الجديدة التي اعتمدت الخط البحري 29، أضافت إلى حقوق لبنان 1430 كيلومتراً مربعاً فوق الـ860 كيلومتراً مربعاً التي يحددها الخط السابق 23 الذي كان لبنان فاوض على أساسه في السابق.
بدا هيل كأنه يفتح الباب على تسوية ما للعودة إلى التفاوض، حين قال بعد اجتماعه مع عون أمس: “يمكن، عند الاقتضاء، استقدام خبراء دوليين للمساعدة في اطلاعنا جميعاً”. تلقف الوسيط الأميركي بضع خطوات إيجابية من الجانب اللبناني في الأيام الأخيرة، تحت ظلال السجال الداخلي الدائر حول الحقوق النفطية والغازية في البحر، منها امتناع عون عن توقيع المرسوم الذي أرسله إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موقعاً منه ووزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار. وكان وزراء طُلب إليهم التوقيع امتنعوا عن ذلك، مثل وزيرة الدفاع زينة عكر، لأن الأمر من اختصاص الأشغال، استناداً إلى المرسوم الأساسي الرقم 6433 الصادر في كانون الثاني 2011 الذي يتبنى الخط 23.
قبل اجتماعه مع عون كان هيل عبّر أمام من التقاهم فور وصوله، عن ارتياحه لأن الأول لم يوقع المرسوم الجديد الذي يعدل المرسوم 6433 لاعتماد الخط 29 بدل الخط 23 لتحديد الحدود، معتبراً أنه بادرة إيجابية تسمح بمخارج بدلاً من أن يتشبث لبنان بخط جديد ترفضه إسرائيل فيصعب على واشنطن التوسط لتسوية تتيح بدء التنقيب جنوباً.
كان الجانب الأميركي مرر النصيحة إلى الجانب اللبناني عبر عدة وزراء ومستشارين، بألا يتم توقيع المرسوم، فجرى توفير الحجج القانونية كي يمتنع عون عن ذلك، بأن نص وفقاً لرأي “هيئة التشريع والاستشارات” على أن توقيع وزير الأشغال ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لا يغني عن قرار من مجلس الوزراء ليصبح المرسوم نافذاً. فـ”الموافقة الاستثنائية” التي تصدر باسمها المراسيم في ظل تصريف الأعمال واستمرار أزمة تأليف الحكومة، تتناول مواضيع تسيير أعمال الدولة والإدارات، وإذا كانت تحتاج لمجلس الوزراء يمكن الحصول على موافقة لاحقة، لكن أمراً بأهمية ترسيم الحدود يلزم الدولة اللبنانية بموقف حساس، لا يمكن التعاطي معه بهذه الطريقة. والمرسوم الأساسي 6433 صدر بعد قرار من مجلس الوزراء، وتعديله يحتاج لقرار السلطة نفسها.
في انتظار تشاور واشنطن مع إسرائيل حول الاستعانة بـ”خبراء دوليين” تكثر الأسئلة اللاحقة، أحدها طرحه الرئيس نبيه بري: إذا وافق الإسرائيليون على التخلي للبنان عن الـ860 كيلومتراً مربعاً الأساسي، ما الموقف؟ المرسوم السابق أقره مجلس الوزراء بناء لمحضر اجتماع عام 2009 ثبّت الخط 23 ووقعه ممثلون عن وزارات الأشغال، الدفاع، الخارجية، رئاسة الحكومة، المجلس الوطني للبحوث العلمية ومنشآت النفط، فلماذا لم يتنبه من أرادوا تعديله إلى ذلك قبل بدء المفاوضات؟ ولماذا لم يُستعَن بالخبراء الدوليين سابقاً؟
ومن الأسئلة: هل هناك من أراد توريط قيادة الجيش في سقف عالٍ لغاية سياسية، من أجل توظيف خفضه لاحقاً، ما دفع العماد جوزف عون إلى القول في 8 آذار الماضي إن دور الجيش “تقني بحت” داعياً “السلطة السياسية إلى دعم الوفد المفاوض وتحديد المطلوب منه”.