بكركي تحسم الجدل… لن نسمّي وزراء
يشهد الوضع الحكومي هبّة باردة وأخرى ساخنة، لكنّ الحقيقة الماثلة أمام أعين الشعب أن لا حكومة في المدى المنظور، ولن يقفل مسلسل الإنهيار في القريب العاجل.
يحاول بعض المقربين من بكركي أو الطامحين للعب دور مستقبلي وبعض الخصوم غير المعلنين، إغراق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بعض التفاصيل، بغية تحقيق مكاسب شخصية أو حرف مسار البطريرك والتخفيف من صدى كلامه، خصوصاً عندما ينتقد السلاح غير الشرعي ودويلة “حزب الله”، لكن الثابت في الصرح البطريركي أن سيّد الصرح هو “الكل بالكل”، يستمع، يستشير، يسأل، وفي النهاية هو من يُقرّر وفق ما يراه مناسباً لرعيته والشعب اللبناني أجمع، ويرفض أن يتدخّل أحد، حتى من أقرب المقربين في كلماته وعظاته، وخصوصاً أنه اختبر الإعلام جيداً، ويُعتبر خطيباً من الصفّ الأول ولا يحتاج إلى أحد لكي يُساعده في هذا المجال.
في بكركي، تبدو الصورة واضحة للبطريرك، يُصلّي كثيراً، يتأمّل، يُتابع، ومن ثمّ يخرج بمواقف واقتراحات من أجل إنقاذ البلاد والعباد، ويعمل على أساس وطني لا سياسي، ويتذكّر الجميع أنه بعد وقوع الفراغ الرئاسي في 25 أيار 2014، إقترح البعض أن يتولّى الراعي زمام الرئاسة لفترة معينة ريثما يتفق أهل السياسة على رئيس جديد للبلاد، فكان الجواب حازماً: البطريرك ليس قطع غيار نستعمله ومن ثمّ نبدّله، البطريرك بطريرك والرئيس رئيس، والفصل واجب بين المركز الديني والمركز السياسي.
وأمام كل هذه الإعتبارات، يسقط كل الكلام عن أنه سيكون للبطريرك الراعي وزير أو وزيران أو أكثر في الحكومة، وترفض بكركي إغراقها في لعبة التسميات، وتعتبر أن طرح الموضوع من هذا الباب يهدف إلى ضرب أُسس تأليف الحكومات، واستطراداً دور بكركي التاريخي والوطني.
ويبقى الراعي على إصراره على تأليف حكومة إختصاصيين غير حزبيين من دون ثلث مُعطّل لأحد، وبالتالي يُسقط من حسابات البعض كل محاولة لجرّه إلى لعبة الحصص، وبالتالي فهو يضع أهل السياسة أمام مسؤولياتهم التاريخية في تمرير إستحقاق تأليف الحكومة وإختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.
يعرف الراعي أن تعقيدات الأزمة اللبنانية كثيرة وكبيرة ولها إرتباطات إقليمية ودولية، لكنه يُحاول الضغط قدر المستطاع على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري من أجل الخروج من المأزق، وفي بكركي رأي يقول من لا يستطيع التحرّر من مصالحه الخاصة وحبّه للسلطة والضغط الخارجي، فليترك الدور لغيره من أجل إنقاذ ما تبقّى من جمهورية.
تعتبر بكركي أن القصّة ليست في من يختار وزير الداخلية أو العدل أو أي وزارة أخرى، فحتّى لو قبلت بكركي، وهذا أمر مستحيل، بتسمية بعض الوزراء المسيحيين من أجل حلّ العقدة، فإن من يريد عرقلة مسار التأليف سيخلق عقداً كثيرة، وبالتالي فإن المشكلة بالذهنية الحاكمة وليست في الجهة التي تختار الوزراء. ورغم كل الأجواء السوداوية التي تحيط بملف تأليف الحكومة وتعثّر الطروحات الخارجية وعلى رأسها الفرنسية، إلا أن الراعي مُصرّ على الذهاب إلى المواجهة من أجل الإنقاذ حتى النهاية، من هنا كان كلامه الأسبوع الماضي عن دور “حزب الله” في حروب المنطقة وإدخاله لبنان في حروب لا يريدها شعبه وإعتبار السلاح من أبرز الامور التي تجوّع الشعب اللبناني كله بمن فيه جمهور “الحزب”، دليلاً على أن الراعي سيكمل المواجهة حتّى النهاية، ولن يرضخ للضغوط وحملات التخوين لأن مصير البلد في خطر، بينما هناك فريق يستقوي بالسلاح ويفرض هيمنته وغير آبه بمصير الشعب.