مباركة مصرية لصيغة الـ”888″… والحريري إلى الفاتيكان الحكومة رهن تذليل “العقد النفسية”: باسيل “زحفاً زحفاً” نحو الإليزيه
عدا عن بلوغ انفصام السلطة، حدّ توجيه الرئيس ميشال عون تحذيراً إلى من وصفه بـ”الجانب اللبناني” في المفاوضات مع شركة التدقيق الجنائي وكأنه رئيس جمهورية “الجانب الخصم”… يبدو أنّ باريس اقتنعت بأن الرهان على عون لبتّ معضلة التأليف لن يقدّم ولن يؤخر طالما القرار الفصل في قصر بعبدا هو لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي باتت الرئاسة الفرنسية تحمّله المسؤولية المباشرة عن تعطيل ولادة الحكومة، لأسباب تتمحور في جوهرها حول حاجته المُلحّة إلى “إثبات الوجود” بعد تقهقر حظوظه الرئاسية وتدهور شعبيته الحزبية والمسيحية.
وعليه، انتقلت عملية الدفع باتجاه استيلاد الحكومة اللبنانية من تبديد العقد السياسية إلى تذليل “العقد النفسية”، حسبما وصفتها مصادر مواكبة للملف الحكومي، موضحةً أنّ زيارة باسيل المرتقبة إلى باريس ستكون “إذا حصلت” بمثابة “جائزة ترضية” له، يعوّل على استثمارها في سبيل “إعادة تعويم نفسه دولياً بعد العقوبات الأميركية عليه، من خلال تصوير لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنه “لقاء ندّي حاسم في مسار التأليف رغم أنه ذاهب في حقيقة المشهد “زحفاً زحفاً” نحو الإليزيه بعدما لم يوفّر وسيلة استجداء ولا وساطة لإقناع الفرنسيين بأن يقبلوا استقباله!”.
وإذ سعى رئيس “التيار الوطني” خلال الساعات الأخيرة إلى تعميم أجواء تتنكّر لوساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وللجهود الحثيثة التي بذلها في سبيل تأمين زيارة باريس، جزمت مصادر معنية بترتيبات الزيارة بأنّ “ابراهيم هو الذي أبلغ باسيل بموعد الزيارة، وعقد معه ليل أمس اجتماعاً، بحضور مسؤول في “حزب الله”، لوضع اللمسات الأخيرة على أجندة المباحثات مع الفرنسيين”، مشددةً على أنّ شرط القبول بإجراء هذه المباحثات هو أن يحمل باسيل معه “موافقة مسبقة” على وقف التعطيل وقبوله بتأليف حكومة بلا ثلث معطل “وإلا فلا داعي للزيارة”.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر أنّ “رسائل حازمة” تبلغها باسيل خلال الأيام الأخيرة، سواءً من اللواء ابراهيم أو من سفير لبنان في باريس رامي عدوان، مفادها بأنّ الجانب الفرنسي جدي في مسألة فرض عقوبات على معرقلي التأليف في حال لم تتشكل الحكومة خلال الأسبوع الجاري، وبموجب هذه الرسائل لم يعد أمام باسيل سوى أن يحسم خياراته، على قاعدة أنّ “استقباله في الإليزيه يترتب عليه الامتثال الفوري للرغبة الفرنسية في ولادة الحكومة الإنقاذية والتخلي عن كل الحسابات السياسية والشخصية التي يضعها لعرقلة التشكيل”.
وفي حين نقلت أوساط سياسية معلومات مساءً تفيد بأنّ “حزب الله” غير متحمّس لعقد لقاءات في باريس، سواءً كانت أحادية أو ثنائية أو متعددة الأطراف، لأنه سينتج عنها “التزامات لن يكون بمقدور باسيل أو غيره من الأفرقاء اللبنانيين التنصّل منها فور عودتهم إلى بيروت”، لم تستبعد هذه الأوساط أن يحصل تعديل في مواعيد الزيارة الفرنسية إذا ما استشعر رئيس “التيار الوطني الحر” أنه غير قادر على استثمارها لمصلحته في مواجهة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي لا يستحسن فكرة عقد لقاء ثنائي مع باسيل في باريس يتجاوز الأصول الدستورية كون التأليف إنما يتم بالاتفاق بينه وبين رئيس الجمهورية حصراً، وعلمت “نداء الوطن” أنّ الحريري يتجه إلى زيارة الفاتيكان خلال الساعات الـ72 المقبلة.
تزامناً، تتجه الأنظار إلى زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري بيروت وما سينقله من رسائل خلال مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين، وأكدت مصادر ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” أنّ شكري “لا يحمل معه مبادرة مصرية معينة لكنه سيركّز على إيلاء القاهرة اهتماماً بالغاً بمسألة تشكيل الحكومة اللبنانية باعتبارها أولوية مطلقة في المرحلة الراهنة لإنقاذ لبنان، وهو سيؤكد مباركة صيغة الحل المتداولة لتشكيل الحكومة وفق تشكيلة الـ “888” على أن يصار إلى الإسراع في تأليفها من دون أن يكون فيها أي ثلث معطل”.
وفي هذا الإطار سينقل وزير الخارجية المصري أمام من سيلتقيهم “أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي يعتبر مصر معنية بأن تشكّل قوة دفع عربية أساسية لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته ومنع انهياره”، وكشفت المصادر أنه يعتزم لقاء الرؤساء عون والحريري ونبيه بري، بالإضافة إلى زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي والاستماع منه إلى وجهة نظره حيال “مسببات الأزمة ومعوقات الحل”، لكنّ جدول زيارته لم يكن يلحظ حتى مساء أمس أي لقاء مع رئيس “التيار الوطني الحر”، مع الإشارة إلى أنه لم يلتق به أيضاً خلال زيارته الأخيرة لبيروت.