البنك الدولي يهزّ العصا… وهذا ما يتخّوف منه
اندريه قصاص-لبنان24
ما قاله نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج مؤخرًا كان لافتًا جدًّا. واللافت أكثر أنه تزامن مع حديث لوزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، الذي دعا إلى ضرورة “الموافقة سريعاً على خطة لتقليص الدعم وإصدار بطاقات تموينية إذ أن الاحتياطات الأجنبية المتبقية للدعم ستنفد في نهاية أيار”.
والأنكى من كل ذلك، وعلى رغم خطورة هذين التصريحين على المالية العامة، لا نزال نلمس خفّة في التعاطي من قبل المسؤولين، وبالأخص في ما يتعلق بالمواضيع الحساسة والخطيرة. فما سمعناه من فخامة رئيس الجمهورية من على درج بكركي لا يبشّر كثيرًا بأن الأمور آيلة إلى الحلحلة، إذ قال بما معناه إنه كلما حاولنا فكفكة عقدة نكتشف عقدة أخرى، وهو ربط أي حلحلة بعودة الرئيس سعد الحريري من الخارج، مع العلم أن هاتفه الجوال يرافقه حيثما ذهب، وهو قادر على العودة ساعة يلمس جدّية في المعالجة.
وبالعودة إلى ما قاله بلحاج، وهو الذي زار لبنان أكثر من مرّة، ويعرف مشاكله المالية والنقدية حتى أكثر من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم، يتبيّن أن كلامه نابع من معطيات جديدة أملت عليه الأدلاء بدلوه عندما تحدّث عن أنه يتعين على لبنان أن يكون على استعداد لتنفيذ بعض التغييرات الحقيقية من أجل الحصول على مساعدات تمويلية دولية.
وأضاف بلحاج “لبنان بحاجة إلى مساعدة نفسه، حتى نتمكن من مساعدته. لسوء الحظ، حتى الآن، لم يكن لبنان مهتماً أو راغباً أو قادراً على مساعدة نفسه.
وقال: “إنها مأساة، ما نحاول القيام به في لبنان هو الالتفاف حول الأنظمة الحكومية ومحاولة مساعدة الشعب بشكل مباشر، من خلال التحويلات النقدية غير المشروطة لأنك عندما تنظر إلى لبنان اليوم، نقترب من فقر بنسبة 50في المئة. وصل معدل التضخم السنوي في لبنان إلى مستوى قياسي مرتفع، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنحو 400% في كانون الأول، مما يسلّط الضوء على التأثير الجذري على المستهلكين والشركات جراء أسوأ أزمة مالية تشهدها البلاد منذ عقود.
بعد هذا الكلام العالي السقف من قبل البنك الدولي الا يحق لنا، نحن كمواطنين نُضرب وهناك من يعدّ لنا الضربات، أن نسأل المسؤولين عندنا إذا كان هذا الكلام قد أثرّ فيهم، أو إذا ما كان قد عنى لهم شيئًا، وهم الذين يعيشون في غير كوكب، ولا يدرون حجم الأزمة التي نعيشها وما يمكن أن نصل إليه بعد مدّة، في حين لا نزال نسمع من هنا وهناك حججًا واهية لا تقدّم بل تؤخرّ المعالجات الممكنة.
ما هو ممكن اليوم قد يتحّول غدًا إلى مستحيل، مع ما يعني ذلك من أننا واصلون حتمًا إلى كارثة ما بعدها كارثة، خصوصًا أن لا بوادر حلحلة تلوح في أفق الأزمة الحكومية، التي يقول البعض أن اسباب عرقلتها خارجية أكثر منها داخلية. فهذه الحجّة لا تقلي عجّة التأليف، وبالتالي لا تطعم جائعًا، وما أكثرهم.
وخوفًا من وصول إلى مرحلة تعميم الجوع بمعدل مئة في المئة قرع الوزير وزني جرس الإنذار، وقد يكون الأخير له قبل أن دخول لبنان دائرة الخطر. وللبحث صلة.