الحدث

صوّان : رَيّحوني وارتاحوا…. انتظروا مفاجأة

“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر

منذ اللحظة الأولى أوحى سلوك السلطة السياسية، بأن الإتجاه كان نحو لفلفة جريمة المرفأ لاعتبارات كثيرة، وهو أمر مفهوم، إلا أن المستغرب حتى اللحظة أن “الشعب مِش خَرج”، وكذلك السلطة القضائية التي هي على صورة الطبقة السياسية ومثالها، لذلك الخطوة الأولى المطلوبة اليوم هي انتفاضة قضائية مدعومة شعبياً. فاللعبة في ملعب مجلس القضاء الأعلى المدعو إلى اتخاذ موقف مشابه للذي اتُّخذ في مسألة التشكيلات القضائية وإصراره عليها.

وخلافاً لكل ما هو سائد من أن أياً من القضاة لن يتجرّأ على خلافة صوّان، بدليل موافقة القاضي سامر يونس الذي رفعت وزيرة العدل اسمه، رغم علمها أن مجلس القضاء لن يسير به، فإن المشكلة الحقيقية تكمن عملياً في لعبة “شدّ الحبال” بين مجلس القضاء الأعلى ووزيرة العدل، حيث لا يخفي البرتقاليون رغبتهم بتسليم التحقيق لأحد المحسوبين عليهم، سواء القاضية عون أو غيرها.

وهنا، تكشف مصادر في الإغتراب، أن جهات لبنانية فاعلة في عواصم القرار، باشرت اتصالات مع المعنيين فيها لتشكيل قوة ضغط باتجاه السير بلجنة تقصّي حقائق دولية، بعد فشل السلطات اللبنانية وتقاعسها عن القيام بواجباتها، لافتة إلى أن موسكو ستعرقل أي قرار في حال إحالة الأمر إلى مجلس الأمن. ولذا، فإن الإتجاه هو نحو ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية، عبر فرض عقوبات على الأشخاص الذين يرفضون الإمتثال للتحقيق، وصولاً إلى إلزامها بالخطوات الدولية، مشيرة إلى أن مساعي الرئيس ماكرون “لحماية وتغطية” “حزب الله” لن يُكتَب لها النجاح هذه المرة.

والواضح من متابعة تفاصيل الملف، وجود تشابك وتقاطع مصالح سياسي، أمني – قضائي، حيث اتخذت المعركة أكثر من طابع تارة هي سياسية – قضائية، وطوراً أمنية – قضائية، وبينهما الأهم، أمنية – أمنية من تحت الطاولة، وشكّلت السبب الأساس، للإطاحة بالقاضي صوّان بعدما “انحاز” أمنياً، متبنّياً وجهات نظر “تَحوم حولها الشبهات”.

وبانتظار قرار نقابة المحامين، بوكالتها عن أهالي الضحايا، وعلى وعود رئيس مجلس القضاء الأعلى المعسولة للأهالي، التي لن تجد مكاناً لصرفها، فإن قرار تنحية صوّان الصادر عن محكمة التمييز، قد بيّن أموراً خطيرة يجدر التوقّف عند بعضها، وهي كالآتي:

ـ المنحى الطائفي الذي اتّخذته الأزمة، خلال الساعات الماضية، مع التهليل، السنّي لجماعة “غرندايزر” السراي ومن لفّ لفّهم، والشيعي المتمثّل بأنصار الثنائي بالإنتصار المُحقّق، في مقابل غضب واحتضان مسيحي للقاضي صوّان، ودعم قضائي درزي له، مثّله القاضي العريضي. واللافت هنا، تقاطع المواقف غير المباشر بين البرتقالي والأزرق على تنحية صوّان، وإن من منطلقات مختلفة.

لقد أظهر قرار هيئة محكمة التمييز وجود مشكلة عميقة داخل الجسم القضائي خلاصتها غياب الثقة بين القضاة. فهل يُعقل أو يُصدّق، أن تَشكّ “التمييز” ولو للحظة، أن قاضياً مناطاً به التحقيق بجريمة من هذا العيار الثقيل، ممكن أن يتأثّر بتعويض قدره 18 مليون ليرة؟.

فهل تجوز “الريبة المالية” بسبب تعويض حصل الآلاف على مثيله؟ وهل استلزم الأمن والقضاء ستة أشهر لاكتشاف أن القاضي صوّان من المتضرّرين؟

وبيّنت الأزمة الحالية، أنه بات لزاماً إعادة النظر بقوانين الحصانات، بعدما باتت “قميص عثمان” للتهرّب من المحاسبة والقانون، خصوصاً وأن المرحلة الماضية شهدت توسيعاً كبيراً لها “قطاعياً” و “حدوداً”.

مصادر مقرّبة من القاضي صوّان، تقول أنه مرتاح الضمير لما أنجزه، ومرتاح لقرار تنحيته، لأنه “يفضّل ألف مرّة ترك الملف على أن يكسر قراراً قضائياً” حفاظاً على هيبة تلك السلطة.

وتضيف المصادر، أن القاضي صوّان، أدرك لدى تعيينه أنه سيكون عرضةً للضغوط السياسية، نافيةً أن يكون قد رضخ لضغط الشارع، ومذكرةً أولئك الذين “يتنطّحون” ويتحدّثون عن عدم انتقاله للخارج للتحقيق، بأن روسيا رفضت التحقيق أو تسليم أي من مواطنيها المعنيين، وهم أساسيون، واعدة بأنه سيكون للقاضي صوّان كلمته في الوقت المناسب، خاتمة بأن “الرَيّس” يملك الكثير من المفاجآت.

“كاد المريب يقول خذوني”، واقع حال السلطة السياسية ومافياتها… هكذا يرى الشاطر حسن، المُتعجّب من أولئك الذين “ما استحوا من يلّلي ماتوا”، والأنكى أنهم ذاتهم يعملون دائماً على قاعدة “ضربني وبكى وسَبقني واشتكى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى