هل وقع الطلاق النهائي بين عون والحريري؟
“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
يبدو أن الأجواء التفاؤلية بإمكان ولادة الحكومة العتيدة، والتي سادت خلال الأيام المنصرمة، قد تبخّرت لتعود الأمور إلى المربع الأول من جديد، وحيث تشير المعلومات نقلاً عن مصادر مقرّبة من بيت الوسط، بأن هناك استياءً من كلام رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي سَخِر من الرئيس المكلّف سعد الحريري من على منبر الصرح البطريركي السبت الفائت بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي.
لكن، وبحسب المصادر نفسها، فإن الحريري الموجود في أبو ظبي، أبلغ مكتبه في بيروت لتعميم تمنياته على محازبي تيار “المستقبل” والمؤيّدين بضرورة عدم الردّ على كلام رئيس الجمهورية، لأنه لا يريد إغضاب البطريرك الراعي، ويتفهّم عظاته النارية ومواقفه وكل ما قيل في الجلسة المغلقة بينه وبين رئيس الجمهورية.
أما في ما خصّ مسار تأليف الحكومة، فذلك لا زال يدور في حلقة مفرغة، وثمة معلومات بأن آخر الإقتراحات حول وزراة الداخلية، والتي سيسمي وزيرها البطريرك، فهذا أيضاً لا زال مجرّد مداولات، كما تشير أجواء الرئيس نبيه بري، والتي تجزم بأن ما يحصل من قبل رئيس المجلس لا يعدو كونه عملية تبادل أفكار ومحاولة لتقريب وجهات النظر، وليس هناك من مبادرة في هذه المرحلة، وأنه استشف أن الطلاق النهائي يشقّ طريقه بين الرئيسين عون والحريري، ما دفعه للتحرّك كي لا ينعكس ذلك ويفاقم من مشكلة الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية المتدهورة.
وهنا، ومن خلال الدوائر الضيقة التي تواكب الدور الذي يقوم به بري، تؤكد بأن هناك اجتماعات مكثفة قد تنطلق خلال الساعات المقبلة مع عودة الرئيس الحريري، وحيث سيلتقيه موفد الرئيس بري، وصولا ً إلى فتح قنوات مع بعبدا وكليمنصو، لأن هناك توجّساً من أن تصدر مواقف غربية تؤنّب الطبقة السياسية الحاكمة، تناغماً مع المواقف التي أعلنها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، واستباقاً لمواقف مرتقبة للوزير الفرنسي والإتحاد الأوروبي، فإن حركة اللقاءات والمشاورات ستتوالى، وعندئذٍ يتبين ما إذا كان هناك خرقاً حقيقياً قد يحصل لتُعلَن الحكومة في وقت ليس ببعيد.
ولكن، وفي المقابل، ثمة من يشير إلى أن هناك حراكاً دولياً على خط العراق والسعودية، وصولاً إلى سوريا وإيران، وكل ما يحصل على الساحة المحلية لا يقدّم ولا يؤخّر ربطاً بسلسلة عناوين قد يُستَشَف من خلالها ما إذا كان هناك “قبّة باط” دولية وإقليمية لتشكيل الحكومة، وذلك من خلال التواصل الأميركي الإيراني، وكذلك عما تمخّض عن الإتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه داخلياً.
وفي هذا السياق، يكشف مرجع سياسي بارز أمام أصدقائه، بأن الرئيس الحريري قد لا يعتذر، ولكن باعتقاده أنه من الصعوبة أن يتعايش مع رئيس الجمهورية بعد حملات الأخير المتتالية والتي طاولته بشكل واضح، وآخرها ما صرّح به من بكركي، لافتاً إلى أنه استقى معلومات من دوائر الرئيس بري التي أشارت إلى أن محاولات حصلت بغية تقريب وجهات النظر بين الرئيس الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لا سيما وأن الرئيس عون يشدّد على هذه الناحية وغاضب لتجاوز صهره من كل لقاءات واستشارات الحريري، ولكن هذه الإتصالات لن تؤدي إلى النتائج المطلوبة، ووجد بري استحالة في لقائهما في هذه المرحلة، وأبلغ رئيس الجمهورية بضرورة تشكيل الحكومة أولاً، وربما يتم اللقاء بين الحريري وباسيل في وقت لاحق، لكن الأولوية اليوم هي للخروج من هذا النفق المظلم الذي يقبع به لبنان، خاصة أنه لم يعد جائزاً الإستمرار في المراوحة لأن الأجواء الداخلية خطيرة والوضع الإقليمي أكثر خطورة.