لوحظ تراجع الزخم الذي قام عليه الدور الروسي بعد سلسلة لقاءات فاعلة في الإمارات المتحدة وصولاً إلى موسكو، عبر وزير الخارجية سيرغي لافروف، إلى الإتصالات والمشاورات التي يقوم بها نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وموفد الرئيس فلاديمير بوتين إلى المنطقة ، ميخائيل بوغدانوف، وذلك وفق معلومات نقلها متابعون للدور الذي تضطلع به موسكو، وعزت هذا الأمر إلى تفاعل الصراع في المنطقة، ولا سيما في ضوء استمرار تدهور العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، وبالتالي التصعيد وتبادل الحملات بين إيران والرياض ، كاشفةً عن جولة مقبلة من الإتصالات ستقوم بها روسيا مع المسؤولبين اللبنانيين، باعتبار أن هناك مؤشرات دفعت موسكو، إلى إعادة النظر في بعض المسائل الممتدة من لبنان إلى سوريا، في ظلّ الترقّب للموقف الأميركي مع طهران، وذلك بعد التوتر في العلاقة الروسية-الأميركية على أثر مواقف الرئيس الأميركي جو بايدن، والتي تُعتبر بالنسبة لروسيا أكثر من خطيرة، وهو ما أعطى هذا الملف الأولوية بعيداً عما جرى في الأسابيع الماضية من دينامية روسية تمثّلت بلقاءات واتصالات مع شريحة واسعة من المسؤولين اللبنانيين.

وتكشف المعلومات عن زيارات قد تقوم بها مرجعيات سياسية لبنانية بارزة إلى العاصمة الروسية بعد التطورات على الساحة المحلية، وفي ضوء ارتفاع منسوب تدهور العلاقات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، بالاضافة الى متابعة نتائج لقاءات وفد حزب الله مع المسؤولين الروس، واللقاء الذي جمع لافروف في أبو ظبي مع الحريري.

ولهذه الغاية، فمن المتوقّع أن يزور موسكو الرئيس المكلف قريباً تزامناً مع حراك هادىء وبعيداً عن الأضواء يقوم به السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف، الذي يقللّ من الكلام والتصاريح، حول نتائج إتصالاته مع بعض المسؤولين اللبنانيين ، حيث يُنقل أنه وخلال الزيارات التي قام بها في الأيام الماضية لمرجعيات سياسية وحزبية، كان مستمعاً ومصغياً أكثر منه محدّثاً، ما يدلّ على أن التحرّك الروسي، وبحسب المعلومات نفسها، ينحصر بدور قوامه التهدئة وتقريب المسافات بين المسؤولين اللبنانيين واللعب في هذا الوقت الضائع على الرقعة اللبنانية، حيث تفرملت أو تلاشت كل المبادرات الدولية التي طُرحت، ومنها الفرنسية وغيرها.

ولكن المحسوم، وهذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية روسية، أنه ليس هناك من مبادرة لموسكو، أو صيغة للحل يجري العمل على تسويقها، لكن هناك حرص على تشكيل حكومة برئاسة الحريري، لإنقاذ هذا البلد ومساعدته على النهوض من الأزمات التي يتخبّط بها. وهذا التحرك ينسحب على كل عواصم القرار التي تتحرك على الخط اللبناني، ولكن حتى الآن ليس هناك ما يوحي بمبادرة جدية، أو تسوية ما تحظى بتوافق المجتمع الدولي لتسويقها على اللاعبين الإقليميين من أجل فرضها على المسؤولين اللبنانيين.

ومن هنا، فإن الدور الروسي، والذي يصبّ في هذه الخانة، ليس منسّقاً مع أي دولة غربية أو عربية، مع الإشارة إلى أن الرئيس بوتين، سبق له وأن دعم مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولكن في هذه المرحلة، كما في لبنان حيث تسجل عمليات تصفية حسابات سياسية، فإن هناك خلافات دولية وإقليمية حول مستقبل المنطقة ، حيث ثمة إعادة رسم خارطة لدول عدة، وبالتالي، فإن الجميع يسعى للإستفادة من هذا الوقت الضائع في سياق المناورة السياسية بين هذه الدولة وتلك ولبنان ساحة لتبادل الرسائل لللاعبين الكبار.