الراعي يرسم “الخطوط العريضة” للتسوية.. “ثقة فتشاور فاتفاق فحكومة”
حسن هاشم-لبنان24
حملت عظة البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في أحد الشعانين، يوم أمس، ما يمكن اعتباره صيغة تحمل “الخطوط العريضة” لتسوية من شأنها المساهمة في إنهاء الأزمة السياسية القائمة، وتأليف حكومة إنقاذ تنهض بالبلاد من الانهيار.
في قراءة سطور عظة البطريرك الراعي، يشير العديد من المراقبين إلى أنّها خلت من الحديث عن الحياد بشكلٍ مباشر أو الدعوة إلى مؤتمر دولي برعاية أممية وهي عبارات كان رددها البطريرك في عظات سابقة عديدة، فكانت عظة “الشعانين” مناسبة لوضع السياسيين أمام مسؤولياتهم وحثّهم على التواصل مع بعضهم بهدف الوصول إلى حلّ.
الراعي نفض يديه من السياسيين
وفقاً لهؤلاء المراقبين، فإنّ البطريرك الراعي لمس أنّ الأزمة اليوم باتت داخلية أكثر منها خارجية، لا سيما بعد الحراك الديبلوماسي الأخير والذي أظهر إجماعاً دولياً على ضرورة الإسراع بتأليف حكومة تكون مهمتها تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وبحسب المراقبين، فقد رفع البطريرك الماروني سقف الخطاب باتجاه السياسيين حتّى أنّه “نفض يديه منهم”، بتأكيده أنّ الصرح البطريركيّ “لم يكن يوماً مؤيداً لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه، كما لم يكن مؤيداً لسلطة تمتنع قصداً عن احترام الاستحقاق الدستوريّ وتعرقل تأليف الحكومات، ولم يكن يوماً مؤيداً لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله”.
الخطوط العريضة للتسوية
إلا أنّ البطريرك الراعي، رسم “الخطوط العريضة” لشكل التسوية المنشودة والتي نادت بها السفيرة الأميركية، دوروثي شيا، من القصر الجمهوري في بعبدا بعد لقائها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
فذكّر البطريرك الراعي أولاً بالمعايير الواجب اعتمادها لتأليف الحكومة انسجاماً مع “المبادرة الفرنسية”، وهي أن تكون “حكومة إنقاذيّة غير حزبيّة، مؤلّفة من خيرة الإختصاصيّين في العلوم والخبرة والإدارة، أحرار من كلّ لون حزبيّ وسياسيّ ومن كل ارتهان، قادرين على القيام بالإصلاحات والنهوض بالبلاد”.
وثانياً، وضع البطريرك الراعي الخطوات العملية للخروج من عنق الزجاجة وتحقيق الهدف المنشود بتشكيل الحكومة وفق هذه المعايير، فأشار إلى أنّ ذلك يتحقق من خلال أن يدرك رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف أنّهما “وإنطلاقًا من الثقة المتبادلة والمسؤوليّة المشتركة، محكومان بالتشاور وبالإتفاق وفقًا للقاعدة التي جرت منذ التعديلات الدستوريّة عام 1990 ما بعد “الطائف”، إذ كانا يحدّدان معًا المعايير ويختار كلٌّ منهما وزراء، ثمّ يتّفقان على التشكيلة برمّتها”.
وهنا، يُلاحظ أنّ البطريرك الراعي أراد من خلال هذا الكلام توجيه رسالة باتجاه الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري تتضمّن دعوة لإعادة الثقة المفقودة بينهما وتحمّل مسؤولياتهما “بالتشاور والاتفاق”، مستنداً إلى التعديلات الدستورية التي أقرّها اتفاق الطائف حيث كان رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يحددان المعايير ويختار كل منهما وزراء ثمّ يتفقان على التشكيلة كاملة.
“ثقة فتشاور فاتفاق فحكومة”
يمكن القول إنّ البطريرك الراعي رسم خطوط التسوية المنتظرة من اللبنانيين الذين يئنّون من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، ووضعها بين يدي الرئيسين عون والحريري على قاعدة “ثقة فتشاور فاتفاق فحكومة”، أي أن تكون الثقة هي المدخل الأساسي لهذه التسوية ومن ثم التشاور والاتفاق بحسب ما ينصّ عليه دستور “الطائف”.
فهل من يتلقّف هذه المبادرة التي ربّما تكون باب الأمل الأخير للإنقاذ ونحن على أبواب عيد الفصح المجيد أو عيد القيامة؟