ماكرون المصاب بكورونا يلغي زيارته للبنان والأمل بمساعي الوساطة الفرنسيّة يتبدّد صوان يجمّد تحقيقاته عشرة أيام… ومجلس النواب قد يبحث الملف الإثنين / فرنجيّة يحذّر من الفوضى ودعوات الفدراليّة: أخشى الفراغ النيابيّ والرئاسيّ
كتب المحرّر السياسيّ-البناء
أصيب اللبنانيون بنزول ماء بارد على رؤوسهم عندما سمعوا نبأ إصابة الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون بفيروس كورونا، وإلغاء زيارته المقرّرة يوم الثلاثاء المقبل الى لبنان، ومع الإلغاء تبخّرت الآمال بمساعٍ للوساطة بقيت قائمة رغم الإعلان الفرنسي عن اختزال الزيارة بالتوجّه الى الجنوب لمشاركة القوات الفرنسية العاملة في “اليونيفيل” أعياد الميلاد.
الضياع السياسيّ مشفوعاً بالانسداد في المسارات الحكومية يسيطر على المشهد، كما قال الوزير السابق سليمان فرنجية في حوار تلفزيوني، تناول خلاله مخاطر الفوضى التي تنتظر لبنان بغياب مشروع جدّي للتغيير ومشروع واقعيّ للتوافق، واضعاً الفوضى ضمن مشروع يستهدف لبنان على عتبة التفاوض على التسويات الذي ستدخله المنطقة، ويشكل لبنان إحدى ساحات الصراع الرئيسية فيها، حيث الذين يحملون راية “الثورة” بعجزهم عن إنتاج مشروع تغيير جدي وقيادة واضحة سيتحول اصحاب النيات الطيبة منهم الى مجرد وقود للفوضى، محذراً دعاة الفدرالية، خصوصاً بين المسيحيين، ومثلهم المستعجلون على التطبيع، من خطورة المغامرة بالمسيحيين مرة أخرى الى معارك وهمية يخرجون منها خاسرين، كما كانت نتائج المغامرات السابقة، داعياً للعقلانية وتغليب لغة الحوار لأن التصعيد الكلامي يصنع الكراهية ويضع البلد على عتبة الحرب الأهلية. وقد تساءل فرنجية عما إذا كانت الانتخابات النيابية ستتم في موعدها، أم سيتم التمديد للمجلس النيابي، وعما إذا كان رفض التمديد عندها ولو تحت عناوين براقة سيكون المدخل للفراغ النيابي وبالتالي الفراغ الرئاسي، مفسراً التجاذب على الوضع الحكومي من هذه الزاوية، لأنه إذا وقع الفراغ فستتحوّل هذه الحكومة التي يُراد تشكيلها اليوم إلى مَن يملأ الفراغ ويدير البلاد.
في المسار القضائيّ علّق المحقق العدلي فادي صوان تحقيقاته واستدعاءاته لمدة عشرة أيام هي المهلة التي يضعها القانون لرد القاضي المطعون بولايته على أي قضية لإبداء ردّه على الطعن، بعدما تقدم الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى لتنحية القاضي صوان تحت عنوان قانوني يعرف بالارتياب المشروع، وبعد مطالعة صوان رداً على دعوى زعيتر وخليل، ستبتّ محكمة التمييز بالدعوى، وهذا سيعني تجميد المسار القضائيّ الذي وضع له صوان روزنامة استدعاءات أصيبت بالجمود، لحين البتّ بدعوى تنحيته، ما يفتح الباب لاحتمال المزيد من التصعيد بين المحقق العدلي المدعوم من مجلس القضاء الأعلى من جهة ومجلس النواب من جهة مقابلة، بينما تعتقد مصادر حقوقية بوجود فرصة خلال هذه الفسحة لتقدم مساعي تسوية قضائية نيابية تنتهي بصدور تفسير متفق عليه للمادة 70 من الدستور عن المجلس النيابي الذي سيعقد جلسة تشريعية يوم الاثنين، يتوقع أن تشهد بدايتها نقاشاً للمسار القضائي من ضمن الأوراق الواردة.
إرجاء زيارة ماكرون إلى لبنان
بعدما علّق اللبنانيون بعضاً من الأمل على زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت والتي كانت مقرّرة الأسبوع المقبل، علّقت إصابة ماكرون بوباء الكورونا الزيارة وعلّقت معها الملفات الداخلية الحساسة، ودخلت البلاد منذ اليوم في جمود عام يتزامن مع عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وبالتالي أُرجِئت الملفات إلى العام المقبل.
خطف بيان الرئاسة الفرنسية الأضواء المحلية من تداعيات قرار قاضي التحقيق العدلي بتفجير مرفأ بيروت. إذ أعلنت الرئاسة الفرنسية إصابة ماكرون بكورونا، وأشارت إلى أنه سيعزل نفسه لـ7 أيام. ونقلت رويترز عن مسؤول في الإليزيه أن ماكرون ألغى كل رحلاته الى الخارج بما في ذلك زيارته المقررة للبنان.
أما الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي استبق زيارة ماكرون بحركة زيارات ومشاورات ووساطات للإيحاء للضيف الفرنسي بأنه يقوم بواجبه ويبذل المساعي على خط التأليف، كتب بضع كلمات عبر «تويتر» لمواساة الرئيس الفرنسي مجدّداً تمسكه بالمبادرة الفرنسية وقال: «أصدق التمنيات لصديق لبنان الرئيس ايمانويل ماكرون بالشفاء والعافية ومبادرتك أمانة لن نتخلّى عنها مهما تكاثرت التحديات».
سقوط خطة بومبيو
لكن لا يبدو أن الفرنسيين سيتمكنون من خلق معجزة سياسية في ما تبقى من العام الحالي في ظل تجميد المبادرة الفرنسية بتعليق زيارة ماكرون، وثانياً في ظل تصلب الأميركيين المستمر حتى آخر أيام وجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وأكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن «خطة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للبنان فشلت ولن تؤدي أهدافها فيما تبقى من عمر الإدارة الأميركية الحالية، خلافاً لكل الأجواء التهويلية التي تعمم على الساحة الداخلية». وحذرت المصادر من «حملة إعلامية تهويلية تندرج في اطار الحرب النفسية والضغط الى الحدود القصوى لفرض وقائع وظروف سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية لانتزاع مكاسب من لبنان في الربع الساعة الأخير لمصلحة أميركا و»اسرائيل» ومشروع التطبيع»، ولفتت الى أن «المقاومة أثبتت قدرة كبيرة على استيعاب الضغوط الخارجية والداخلية لحرصها على السلم الأهلي والاستقرار في لبنان، لذلك تعمل على الحد من الأزمة قدر المستطاع لتمرير المرحلة الصعبة بأقل الخسائر».
وتوقفت المصادر عند «تعمّد جهات سياسية مالية مصرفية معروفة بتسريبات عن سقوط لبنان في العتمة الكهربائية واختفاء الودائع في المصارف والجوع وفقدان المواد الغذائية والمحروقات ورفع الدعم»، علماً أن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، طمأن الى أنّه «لن تكون هناك «عتمة» في لبنان»، كاشفًا أنّ «هناك 4 حلول على الأقل لموضوع الفيول، يتمّ بحثها حاليًّا». وعلمت «البناء» أن من ضمن هذه الخيارات «استيراد المحروقات والفيول من العراق مع تسهيلات بالدفع على أن تظهر نتائج المفاوضات مع العراق مطلع العام المقبل»، كما علمت «البناء» أنه «تبين دفع لبنان ثمن كميات من الفيول تكفي لعام كامل». كما قدمت وزارة الاقتصاد والتجارة تصورها لاستبدال برنامج الدعم بالعملات الأجنبية الحالية، ببرنامج تعويضات نقدية بتغطية واسعة للمواطنين اللبنانيين، الذي سبق أن تحدث عنه وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمه.
واستمعت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس، الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حضر الى مكتبها، حول ملفي الهدر الحاصل في استعمال الدولار المدعوم والقروض السكنيّة المدعومة من مصرف لبنان.
مساعٍ على خط بعبدا – بيت الوسط
وفي سياق ذلك علمت «البناء» أن «حزب الله يبذل مساعي على خط بعبدا – بيت الوسط»، وهذا ما أكدته مصادر قناة «المنار» التي تحدثت عن مسعى يقوم به رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله على خط الرئيس ميشال عون – الرئيس الحريري – باسيل وآخر يقوم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط بعبدا – عين التينة – بيت الوسط لمعالجة العقد أمام تشكيل الحكومة. لكن مصادر «البناء» أوضحت بأن المساعي الجارية على نطاق واسع ليست للحل على صعيد تأليف الحكومة بقدر ما تهدف إلى التهدئة وتمهيد وتحضير الأرضية والظروف السياسية المناسبة لتلقف اي حل مقبل في مطلع العام المقبل». وفي التفاصيل بحسب معلومات «البناء» أن الرئيس الحريري توسط البطريرك الماروني مار بشارة الراعي خلال زيارته له أمس الأول، فاتصل الراعي برئيس الجمهورية وتمّ تحديد موعد خلال الساعات المقبلة لزيارة يقوم بها الراعي الى بعبدا في محاولة منه للتوفيق بين الرئيسين، وبدوره طلب عون من اللواء إبراهيم الدخول على خط الوساطة، على أن يزور إبراهيم الرئيسين بري والحريري خلال الساعات المقبلة.
واستبعدت أوساط متابعة للشأن الحكومي أن تحقق هذه المساعي اختراقاً ما في جدار الأزمة خلال الايام الفاصلة عن نهاية العام، مرجحة حصول تقدم ما في نهاية شهر كانون الأول أو مطلع شباط المقبل.
ورأى مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية حسام زكي خلال جولة قام بها على المسؤولين، الى أن «هدف زيارته الى لبنان هو الاطلاع على الوضع والاستماع إلى تقييم ككل». وقال بعد لقاء عون في بعبدا: «نحن جاهزون للمساعدة إذا طلب منا ذلك».
في المقابل أكد عون أن «لبنان يتطلع الى وقفة عربية واحدة حيال الصعوبات التي يعاني منها». وأشار إلى أن اعتماد معايير واحدة يمكن أن يذلل صعوبات التشكيل، والحكومة العتيدة ستعنى بإجراء الإصلاحات الضرورية بالتزامن مع التدقيق المالي الجنائي».
تعليق التحقيقات
وسجل ملف انفجار مرفأ بيروت تعديلاً في مساره لمرحلة مؤقتة، فقد علق القاضي صوان التحقيقات في الملف لمدة عشرة أيام، وهي المهلة القانونية التي على المحقق العدلي أن يقدم خلالها جوابه على طلب كف اليد عن الملف المقدّم من الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل «للارتياب المشروع وتعيين محقق آخر».
وتجدر الإشارة إلى أن أطراف الدعوى كافة من النيابة العامة التمييزية الى المحقق العدلي ونقابة المحامين، بوكالتها عن المدعين المتضررين من جراء الانفجار لديها مهلة عشرة أيام للإجابة، علماً أن فور تقديم المحقق العدلي جوابه، ستباشر النيابة العامة مطالعتها تمهيداً لإبداء الرأي.
كما صرف صوان النظر عن استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي كان مقرراً اليوم، وذلك الى أن تبتّ محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، بالمذكرة التي تقدم بها خليل وزعيتر اللذان قررت هيئة مكتب مجلس النواب عدم إبلاغهما دعوة صوان للمثول أمامه.
ولم يحضر وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس أمس ولا وكيله القانوني الى دائرة المحقق العدلي ولم يرسل أي عذر. فيما حضر المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا مع وكيله القانوني، إلا أنه لم يتم الاستماع إليه ولم تحصل أي مواجهة بينه وبين الرائد جوزف النداف.
وأوضحت المديرية العامة لأمن الدولة أن اللواء صليبا قد حضر إلى قصر عدل بيروت في الوقت المحدد. وكرّرت تمنيها عدم نشر أو تداول أية أخبار من دون التأكد من صحتها والذي من شأنه تضليل التحقيق.
وتوقعت مصادر مطلعة على الملف أن يتجمّد الملف القضائي على أن يشهد تطورات متسارعة مطلع العام المقبل، لكنها لفتت لـ»البناء» الى أن قرار صوان يشوبه الكثير من الثغرات القانونية وأهمها الانتقائية في الادعاء والاستدعاء ما أفقد التحقيق الثقة والمصداقية اللازمة من قبل المدعي عليهم والمواطنين بشكل عام وأصاب أهالي شهداء المرفأ بالضياع.
فرنجية
ورأى رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية أنه «لا أحد كان يقدّر أن نيترات الأمونيوم ستؤدي إلى هذا الانفجار، وإذا كان قاضي التحقيق فادي صوان يريد محاكمة السياسيين، عليه أن يأتي بكل من تعاقبوا على السلطة منذ 2013 لليوم، لا أن يرسل إلى مجلس النواب أسماء 3 رؤساء حكومة و5 وزراء، بعدها يسمّي 3 وزراء ورئيس حكومة».
ولفت فرنجية، خلال مقابلة تلفزيونيّة على قناة ام تي في، إلى أن «ضميرنا وضمير الوزير فنيانوس مرتاح وهو سيمثل أمام القضاء، وبأي تحقيق في الدولة اللبنانية سيذهب للخضوع للعدالة»، موضحاً أنه «لكن لنصل للعدالة يجب أن نرى من الذي أدخل الباخرة التي حملت الأمونيوم، ومَن الذي وضع البضائع في العنبر، والسؤال الأهم: مَن الذي وضع الأسهم النارية مع الأمونيوم، والمواد المشتعلة مَن أشعلها!».
واعتبر فرنجية أن «هذه الحكومة برأيي لا علاقة لها بانفجار بيروت»، لافتاً إلى أن «هذه الكارثة أي إنسان لديه 1% من الأخلاق كان ركض ليتخلّص منها، وفي النظرية التي تُطرح حول أن كل مَن لديه خبر بالأمونيوم لماذا لم يذهب لإزالته! سنصل لتحميل مسؤولية بهذا الصدد لرئيس الجمهورية لأنه رجل عسكري ويعرف ماذا تعني نيترات الأمونيوم، وهو كان تلقى كتاباً بوجودها في 21 تموز، بالتالي لماذا لم يوعز لوزير الأشغال بإزالتها، وهو لم يتكلّم مع مستشار وزارة الأشغال بل تكلم مع مستشاره الأمني لأنه يعرف خطورتها».
وأكد أن «المسؤول الأول والأخير عن وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ هي الأجهزة الأمنيّة، و»حزب الله» ليس له دور كما يظهر في الإعلام في موضوع المرفأ ونيترات الأمونيوم».
سجال التيار – «الجديد»
وتفاعل السجال بين رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة وقناة الجديد من جهة ثانية، إذ أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان أن محطة «الجديد» تواصل «اختلاق الروايات الكاذبة وزج اسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بها». وشددت على أن «رئيس الجمهورية لم يتدخل يوماً في التحقيق الخاص بجريمة مرفأ بيروت لا من قريب ولا من بعيد. وآن الأوان لمحطة «الجديد» ان تتوقف عن بث مثل هذه الادعاءات التي لم تعد تنطلي على أحد والتي من شأنها أن تؤثر سلباً على مجريات التحقيق».
من جهتها، سألت اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر: «لمصلحة من يجري تنفيذ حملة إعلامية استفزازية ضد رئيس الجمهورية وضد فريق سياسي يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين؟ وما هي الدوافع الحقيقية وراء هذه الحملة المشبوهة؟ وأين الرسالة الإعلامية التي تسعى محطة الجديد الى إيصالها بمحتوى كلام مماثل لا يصدر عادة عن منبر إعلامي محترم؟».
الكشف على المستوعبات في المرفأ
في غضون ذلك، أعلنت وزارة المال في بيان، أن «الجيش بدأ بالتعاون مع الجمارك اللبنانية بالكشف على حوالى 700 مستوعب متروك في المرفأ منذ العام 2005. وفي 16/12/2020، تمّ البحث في موضوع التنسيق بين الجيش والجمارك باتصال هاتفي بين وزني وقائد الجيش جوزيف عون للكشف على المستوعبات المتروكة ومعالجتها فوراً. وعُقد اجتماع بين وزني ورئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي ومدير عام الجمارك بالتكليف ريمون خوري ومدير عام مرفأ بيروت بالتكليف باسم القيسي، وتم البحث في موضوع التعاون الكامل وتنسيق الخطوات السريعة مع الجيش لمعالجة موضوع المستوعبات والتأكد من سلامتها».
جلسة نيابية
إلى ذلك، دعا الرئيس بري الى عقد جلسة عامة الاثنين المقبل في قصر الأونيسكو لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.