تحقيقات - ملفات

“جهنّم” قضائية: جنبلاطيون يحضّرون هجمة “كهربائية” مرتدّة

 

كريستال خوري -أساس ميديا

من مُفارقات السياسة في لبنان: اتّهامات كثيرة ومُتّهمون “بالجملة”، ولكن ليس هناك من مُدانين. في هذه الأيام يكبر حجر الادّعاءات وتتوزّع الإخبارات يُمنةً ويُسرةً حتّى صار قوس العدالة ملعباً مستجدّاً للقوى السياسية.

يتّهم خصوم العهد وخصوم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، بأنّه أنشأ “غرفة سوداء” لتحضير ملفات قضائيّة يضغط من خلالها على بقيّة القوى السياسية. حتّى أنّ أعضاء من مجلس القضاء الأعلى نقلوا عن رئيس الجمهورية كلاماً كبيراً بحقّ بعض خصومه، ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ولو أنّ الرئاسة الأولى عادت ونفت تلك التسريبات.

لكنّ مشهدية الادّعاءات التي تتوالى لدى المراجع القضائية، تُثبت بما لا يقبل الشكّ أنّ ثمة فريقيْن معنيين، وتحديداً حركة “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي، قرّرا التحرّك بشكل مضاد، على قاعدة الهجوم من باب الدفاع.

وبعد اندفاعة المحقق العدليّ القاضي فادي صوان باتجاه تسطير ادّعاءات بحقّ الوزراء السابقين علي حسن خليل، غازي زعيتر، ويوسف فنيانوس (اثنان منهما من “أمل”) وفي ضوء اتهامات مكتومة تُوجّه إلى “التيار الوطني الحر” بالوقوف خليف تسييس هذه الادّعاءات واستنسابيتها، بالتوازي مع انقضاض العونيين على ملفّ وزارة المهجرين وتحريك هيئة القضايا في وزارة العدل تحت عنوان قانون الإثراء غير المشروع… انطلقت هجمة مرتدّة ركزت على ملفّ الكهرباء الذي يعتقد خصوم العونيين أنّه الخاصرة الرخوة التي يمكن إسقاطهم من خلالها في فخّ الارتكابات، على ركيزتيْن اثنتين:

– أولاً: عبر الإخبار الذي تقدم به المحامي ربيع بركات إلى النيابة العامة المالية على خلفيّة “مخالفات ماليّة مرتَكبة في وزارة الطاقة والمياه، مِن قبل الوزراء المتعاقبين: جبران باسيل، أرتور نظريان، سيزار أبي خليل، ندى البستاني وشركة “نيدز” و”مؤسسة كهرباء لبنان”، وكلّ من تدخّل وساهم في هذا الملف، لكَون هؤلاء الوزراء قد حصلوا على منافع شخصيّة من الشركة والعقود ومنها توظيفات. ولم تقم الشركة بواجباتها ولم تنفّذ العقود الّتي وقّعتها وقبضت الأموال لأجلها. لا بل مارست الغشّ والتضليل”. وطالب الإخبار بـ”إلزامهم باسترداد هذه الأموال لصالح الخزينة اللبنانية”.

هنا يقول بعض المعنيين، إنّه على المستوى السياسي، فقد تمّ تحريك هذا الادّعاء “بالتنسيق” مع حركة “أمل” ضمن صراع الإخبارات الحاصل.

– ثانياً: من خلال الإخبار الذي تقدم به النائبان هادي ابو الحسن وبلال عبدالله، باسم “اللقاء الديموقراطي”، للنيابة العامة التمييزية في ملف مناقصات بواخر الكهرباء، واتركز فيه إلى ما أدلى به رئيس إدارة المناقصات جان العلية في مؤتمره الصحافي الأخير حول “ارتكابات تحصل في وزارة الطاقة عبر تقديم دفاتر شروط في موضوع المناقصات في ملف الكهرباء تؤدي دائماً إلى عارض واحد بما يتنافى مع قانون المناقصات والأصول للحفاظ على المال العام، وهذا يدلّ على الإمعان في سياسة الهدر والنزف والسمسرات والصفقات”.

وقد طالب “اللقاء الديموقراطي” أن “يتمّ التحقيق مع وزراء سابقين ومستشارين وموظفين. وإذا تبيّن وجود ارتكابات فلا بدّ أن يُحاكم هؤلاء وفق أحكام القوانين الجزائيّة، ووفق قانون الإثراء غير المشروع وقانون مكافحة الفساد الذي أقرّ أخيراً في المجلس النيابي”.

في آخر المستجدات القضائيّة، يُنتظر أن يبدأ المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم التحقيق في هذا الملفّ على أن تكون الخطوة الأولى، وفق المعلومات، الاستماع إلى إفادة رئيس إدارة المناقصات جان العليّة، وذلك بالتوازي مع تحضير “اللقاء الديموقراطي” مستنداتٍ تثُبت الادعاء المقدّم، على أن تكون الخطوة الثانية، إذا لم يحصل “تنييم” للملف، استدعاء المعنيين في وزارة الطاقة.

كما تفيد المعلومات أنّ “اللقاء” بصدد رفع طلب رسميّ إلى إدارة المناقصات وفق قانون حقّ الوصول إلى المعلومات، للحصول على المستندات اللازمة التي تبيّن الارتكابات الحاصلة في وزارة الطاقة بشأن ملفّ البواخر. فالعليّة ارتكز في مؤتمره الصحافي على نقطة محدّدة وهي الردّ على ما اعتبره تزويراً لأحد المستندات من جانب الوزير السابق سيزار أبي خليل. لكنّ التدقيق القضائي الجديّ، وفق متابعي هذا الملف، سيفتح باب “جهنم”، بسبب المخالفات والإشكاليات الحاصلة، وهي لا تُعدّ ولا تُحصى. ما يعني أنّه في حال قرر المدّعي العام المالي وضع يده على الملف، فسيكتشف أنه بصدد الدخول إلى “مغارة علي بابا…”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى