مفاوضات أربيل – بغداد: هل يتنازل الكاظمي من دون مقابل؟
في وقت ينتظر فيه مواطنو «كردستان» اتفاقاً ينهي معاناتهم المستمرّة منذ مطلع العام الجاري، والمتفاقمة خلال الشهرين الأخيرين، تتضارب الأنباء بخصوص المفاوضات الجارية في بغداد في هذا الشأن. وبينما تُروّج أربيل لاتفاق شامل سيتمّ توقيعه، يدور الحديث في بغداد عن نيّة مصطفى الكاظمي صرف مساعدة كبرى لـ«الإقليم» من دون مقابل
وكشف مصدر سياسي، لـ«الأخبار»، قرارات تمّ الاتفاق عليها خلال الاجتماع، أبرزها «إعطاء حكومة إقليم كردستان مبلغاً يصل إلى قرابة تريليون دينار عراقي، من أجل تهدئة الأوضاع في مدن الإقليم»، مستدركاً بأن «الإقليم لن يقوم في المقابل بتسديد مبالغ الإيرادات النفطية وغير النفطية، الأمر الذي يُعدّ مخالفة لما جاء في قانون تمويل العجر المالي»؛ إذ ينصّ القانون المذكور، في إحدى فقراته، على إلزام «الإقليم» بتسليم 480 ألف برميل من النفط إلى الحكومة الاتحادية مع كلّ الإيرادات غير النفطية، مقابل إرسال رواتب موظفيه وحصّته من الموازنة. وإلى أبعد من ذلك، ذهب مصدر سياسي في حديثه إلى “الأخبار”، بالقول إن «الكاظمي أخذ يمارس الضغط على وزير المالية علي علاوي، لإرسال مبالغ مالية لتغطية رواتب الموظفين في الإقليم لثلاثة أشهر، وهذا ما يرفضه علاوي بسبب عدم إيفاء الإقليم بالتزاماته».
هذه الأنباء أثارت موجة رفض كبيرة في أوساط القوى السياسية، إلى حدّ تهديد بعض أعضاء البرلمان باللجوء إلى القضاء في حال تنفيذ قرار منح «الإقليم» أموالاً لتغطية رواتب الموظفين، من دون أن تُسلّم أربيل ما بذمّتها من أموال بيع النفط والمنافذ الحدودية. وتمنّى النائب جواد الموسوي، المنتمي إلى «تحالف سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، على الكاظمي التعامل مع أبناء الوسط والجنوب وبغداد – حينما تأخرت رواتبهم – بالاهتمام نفسه الذي تعامل به مع أبناء «الإقليم» لاستيعاب غضب الشارع هناك، معتبراً أن الكاظمي يمارس الازدواجية، و”هذا مؤشّر خطير في استخدام الصلاحيات والسلطة لأغراض شخصية وسياسية، وربّما لأهداف انتخابية”، قد “يعيد الثورة الشعبية إلى شوارع الوسط والجنوب”.
وأشار النائب عدي عواد، بدوره، إلى أن المعلومات تشي بأن الكاظمي يريد صرف الأموال لـ«إقليم كردستان» كنوعٍ من “المجاملات السياسية”، من دون أن يسدّد “الإقليم” ما عليه من التزامات مالية ونفطية، و”هذا سبب غضب سياسي وشعبي كبير، على الكاظمي الحذر من تزايده”. وأعلنت النائبة عالية نصيف، من جهتها، أن الحكومة الاتحادية تنوي إرسال مبلغ 960 مليار دينار إلى حكومة أربيل، عن ثلاثة أشهر. وحذرت نصيف، في بيان، من أن «أيّ جهة في الحكومة الاتحادية تقوم بتحويل الأموال من دون وجود واردات نفطية وغير نفطية من الإقليم ستقع عليها التبعات القانونية وفقاً للمادة الرابعة من قانون تمويل العجز المالي». أمّا عضو اللجنة المالية النيابية، ثامر ذيبان، فاعتبر أن «أيّ اتفاق حكومي مع كردستان لا يؤخذ فيه رأي اللجنة المالية ومجلس النواب، غير ملزم ويُعدّ باطلاً». وأضاف ذيبان، الذي مُنع من دخول الاجتماع التفاوضي إلى جانب زميله في اللجنة عبد الهادي السعداوي، أن «الاتفاق مع الإقليم خارج السلطة التشريعية، ومن دون تسليم إيرادات النفط والمنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية لا يمكن القبول به بالمطلق، فهو يخرق قانون تمويل العجز المالي».
في المقابل، وعلى رغم تأكيد نائب رئيس مجلس الوزراء في “كردستان”، قوباد طالباني، أن «حكومة الإقليم مستعدّة للاتفاق مع بغداد في شأن التعامل مع المستحقات المالية وفق الدستور والقوانين المعمول بها»، يؤكد كثيرون أنه لا يمكن لأربيل، أصلاً، أن تُسلّم الحكومة الاتحادية واردات النفط، لكون “الإقليم” رهن نفطه لتركيا لـ50 عاماً وبسعر 10 دولارات للبرميل الواحد. مع ذلك، روّجت مصادر سياسية كردية، أول من أمس، لزيارة سيقوم بها رئيس «الإقليم»، نيجيرفان بارزاني، إلى العاصمة بغداد، الإثنين، من أجل «التوقيع على الاتفاق الشامل مع الحكومة الاتحادية، والذي ينصّ على تسليم الإقليم للنفط مقابل أن تلتزم بغداد بإرسال رواتب الموظفين والبيشمركة كاملة وحصة كردستان من الموازنة»، وهو ما لم يحدث، فيما نفت النائبة عن “الاتحاد الوطني الكردستاني”، آلا طالباني، أمس، وجود اتفاق من الأساس، قائلة إن “الحوار عاد إلى المربّع الأول”، مضيفة أن “التفاوض مستمرّ”، ولكن “ليست هناك رغبة حقيقية في التوصّل إلى حلول، فكلّ جهة تريد فرض ما تريد على الجهة الأخرى”. وكان من المفترض، بحسب مصادر مطلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، أن تثمر زيارة بارزاني إلى بغداد «اتفاقاً في شأن حصّة الإقليم من الموازنة العامة»، التي أجّلت الحكومة الاتحادية سابقاً مناقشتها على رغم اعتراض البرلمان، «لتتلافى الدخول في مشاكل مع إقليم كردستان، وحرصت على أن تتمّ مناقشتها بحضور ممثلين عن الإقليم»، وفق المصادر نفسها.