ترامب استمات في خدمة اليهود… والمقابل حرمانه من الرئاسة!
الوقت- على الرغم من الهدايا والعطايا غير المسبوقة التي قدمها دونالد ترامب للصهاينة خلال فترة رئاسته لأمريكا، وفقا لاستطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً، فقد فضل معظم اليهود في أمريكا منافس ترامب من الحزب الديمقراطي جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أعلن اليهود الأمريكيون علناً أنهم سيصوتون لبايدن، الأمر الذي أدى الى غضب وسخط ترامب، الذي قال إنهم لا يحبون إسرائيل.
حيث يوجد حالياً 6.3 ملايين يهودي يعيشون في أمريكا، ويمثلون نحو 1.9 في المئة فقط من سكان الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، لديهم 36 عضوا في الكونجرس وتسعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي.
كما ينتمي اليهود الأمريكيون أيضا إلى الحزب الديمقراطي ولديهم 27 عضوا يهوديا في مجلس النواب الأمريكي ، 25 منهم ديمقراطيون وعضوان فقط في الحزب الجمهوري.
لكن من بين الهدايا التي قدمتها إدارة ترامب للمحتلين الصهاينة على مدى السنوات الأربع الماضية، الاعتراف بالقدس المحتلة كعاصمة للكيان الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى هذه المدينة، ووقف المساعدات الفلسطينية.
كما أغلقت إدارة دونالد ترامب مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأعطت الشرعية لبناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واعترفت بسيادة الكيان الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
والأهم من ذلك، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سهّل ترامب تطبيع العلاقات بين عدة دول عربية مع الكيان الصهيوني، ما أدى إلى توقيع اتفاق تسوية بين الإمارات والبحرين والسودان مع تل أبيب.
والحقيقة أن ترامب لم يدخر أي خدمة أو جهد للصهاينة. لكن لم يلفت أي من ذلك انتباه اليهود الأمريكيين له، حيث فضل 77 في المئة من اليهود بايدن على ترامب وفقا لاستطلاع جديد أجراه معهد جي ستريت اليهودي في واشنطن.
حيث ذكرت هذه المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة الامريكية مقراً لها أن النسبة المئوية لليهود الذين صوتوا لجو بايدن في الانتخابات الأمريكية لعام 2020 كانت مختلفة بشكل كبير عن عدد اليهود الذين صوتوا للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في عام 2016؛ حيث إن هذا الرقم يعادل نحو 45 ٪ في الانتخابات الأمريكية عام 2016 و 77 ٪ في الانتخابات الجديدة لعام 2020.
وتظهر استطلاعات الرأي في مجلسي الشيوخ والنواب أن 78 في المئة من اليهود صوتوا لمرشحين ديمقراطيين بينما صوت 21 في المئة منهم فقط للجمهوريين.
وقال مسؤول اعداد الاستطلاعات إن الانتخابات الأمريكية لعام 2020 كثفت مواقف الجالية اليهودية بعد أربع سنوات من الكراهية لإدارة دونالد ترامب. كما يدعم الناخبون اليهود بأغلبية ساحقة المرشحين الديمقراطيين الساعين إلى ايجاد حل للصراع الفلسطيني الصهيوني والعودة إلى سياسات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ، مثل الاتفاق النووي مع إيران.
وفي هذا الصدد أكد داني دانون، ممثل الكيان الصهيوني السابق لدى الأمم المتحدة، على نتائج الاستطلاع هذه، قائلاً إن معظم اليهود الأمريكيين يدعمون بايدن في الانتخابات.
وفي مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي في 2 نوفمبر، أشار دانون إلى دعم رجال الأعمال والمنظمات اليهودية لدونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، قائلاً إن المال اليهودي يلعب دورا أكثر أهمية في تحديد نتيجة الانتخابات من تصويتهم.
ووفق هذا المسؤول الصهيوني السابق، تلقت حملة دونالد ترامب مبالغ كبيرة من اليهود الأرثوذكس والإسرائيليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة الامريكية.
الفجوة العميقة بين اليهود الأمريكيين والصهاينة
قالت نشأت الأقطش، رئيسة قسم الإعلام في جامعة بيرزيت في فلسطين المحتلة، إن دونالد ترامب قدم لليهود والإسرائيليين أكثر مما كانوا يتصورون ويتمنونه، ومع ذلك لم يستطع الحصول على دعمهم.
وفي ذات السياق أوضح الأقطش أن اليهود يرون الآن ترامب على أنه بطاقة محترقة ويبحثون عن شخصية جديدة، في حين ان بايدن هو صديق قديم لليهود.
وفيما يتعلق بأسباب عدم دعم اليهود لترامب، رغم كل الخدمات التي قدمها للإسرائيليين خلال فترة رئاسته، قال الأقطش إن هناك سيناريو في هذا الصدد، وهو وجود انقسامات داخلية في التنظيم السري الذي يحكم الكيان الإسرائيلي.
ووفقاً لرئيس قسم الإعلام في جامعة بيريزيت، هناك مقاربات مختلفة في هذه المنظمة، حيث يعتقد بعض أعضائها أن إسرائيل لا تحتاج إلى مزيد من الأعداء (لا تريد المزيد من الأعداء) بسبب ما فعله ترامب في الماضي لإرضاء اليهود. وفي المقابل يجادل آخرون بضرورة دعم ترامب؛ وخاصة أنه في السنوات القادمة لن يكون هناك من يكرر التنازلات التي تم تقديمها لليهود مثل ترامب.
وفي هذا الصدد، يعتقد “حمي شاليو”، وهو محلل صهيوني يعيش في الولايات المتحدة، أن توجهات اليهود الأمريكيين معاكسة تماما لتوجهات اليهود الصهاينة.
وقال في ندوة افتراضية نشرتها صحيفة هآرتس الصهيونية في الـ 28 من تشرين الأول “ان الإسرائيليين يعتقدون أن ترامب يعد رئيساً استثنائياً بالنسبة لهم، وهذا بغض النظر عما يحدث داخل الولايات المتحدة الامريكية، ما يشير إلى انقسام عميق بين اليهود الأمريكيين واليهود الإسرائيليين.
وفق هذا المحلل الصهيوني، فإن الإجراءات الأمريكية الأخيرة لمصلحة النظام الإسرائيلي، مثل رفع الحظر عن التعاون العلمي الأمريكي مع المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان المحتلة، فشلت أيضا في سد الفجوة بين اليهود الأمريكيين واليهود الصهاينة.
هذا وتوقعت صحيفة هآرتس الصهيونية في أوائل مايو أن يصوت اليهود لجو بايدن في الانتخابات الأمريكية، وهو ما يتماشى مع استطلاعات الرأي الأخرى.
وكان عبد الرحمن السراج، الخبير في الشؤون الأمريكية ، قد توقع أيضاً في وقت سابق أن يهود الولايات المتحدة يفضلون الديمقراطيين على الجمهوريين، كما فعلوا في عامي 2012 و 2016.
ووفق هذا الخبير السياسي، هناك فرق بين الناخبين اليهود في الولايات المتحدة الامريكية لأننا هنا نتحدث عن ناخب يهودي، وناخب صهيوني ، وناخب مؤيد لإسرائيل.
واختتم بقوله إن اليهود يدعمون الكيان الصهيوني المحتل وسياساته القمعية في المعسكر الجمهوري الأمريكي. في حين أن ثمة هناك قسم كبير من اليهود هم من أنصار الحزب الديمقراطي المعارض للسياسات الاستعمارية للكيان الصهيوني.