أفكار على هامش مؤتمر النازحين السوريين
معن بشور-البناء
مَن يدقق في أسماء الحكومات والجهات التي قاطعت مؤتمر عودة النازحين السوريين الى بلادهم المنعقد بمبادرة من الحكومة الروسية، يلاحظ من دون صعوبة أنها الحكومات والجهات نفسها التي لعبت دوراً هاماً في إشعال الحرب على سورية وفيها، وتسبّبت بهجرة ملايين السوريين الى خارج بلادهم وأنها الجهات نفسها التي حرّضت هؤلاء النازحين على مغادرة بلادهم مقدّمة لهم الوعود بالمنّ والسلوى، ثم هي نفسها التي تأففت من وجودهم وبدأت تحمّلهم مسؤولية كلّ أزمة تعيشها تلك الحكومات والجهات، ثم هي نفسها التي ترفض عودتهم الى بلادهم وتوفير التسهيلات لعودتهم، وتصرّ على استخدام قضيتهم كورقة سياسيّة في حرب يريدونها طويلة، بعد أن قاربت تجاوز السنوات العشر، ضدّ بلد رفض منذ الاستقلال ان يرضخ للإملاءات الاستعمارية والصهيونية.
أما التذرّع بربط عودة النازحين بحلّ سياسي، نحرص جميعاً عليه، فهو ضغط من أجل فرض شروط على سورية لا تستطيع قبولها… وهو تبرير لاستمرار المأساة الإنسانية لملايين السوريين المشرّدين خارج بلادهم التي بقيت في كلّ الظروف مستقلة في قرارها غير خاضعة لا لدَيْن مالي خارجي أو غير مالي.
صحيح انّ مؤتمر النازحين في دمشق قد انعقد بغياب دول مؤثرة، عربية وأجنبية، تستطيع أن توفر ظروفاً أفضل لعودة النازحين ولإعادة إعمار سورية، لكن الدول والهيئات المشاركة، الكبرى والإقليمية، قادرة في المقابل أن تساهم مساهمة فاعلة في حلّ هذه القضية الوطنية والإنسانية.
غير أنّ الأهمّ هو أن انعقاد المؤتمر، بالمشاركين فيه والمقاطعين، قد كشف مَن هي الجهات التي وقفت الى جانب حرب تدمير سورية وتشريد أهلها، ومَن هي الجهات التي وقفت الى جانب سورية وشعبها المعطاء في كلّ الظروف.
أما المشاركة اللبنانية الشجاعة في هذا المؤتمر فهي تستحقّ تقديراً، كما تشجع الدولة اللبنانية على الإسراع في عودة العلاقات بين البلدين – التوأم. سورية ولبنان، إلى طبيعتها ليس لإنجاز ملف عودة النازحين السوريين في لبنان الى بلادهم فحسب، بل أيضاً للمساهمة في إخراج لبنان من محنته، وهو إخراج لن يتمّ إلا بفتح بوابة لبنان الى عمقه العربيّ والمشرقيّ والشرقيّ، وهي البوابة السورية…