مخارج العقد بدأت تطرح على الطاولة… الشيطان لا يزال في التفاصيل
بعد أيام على عرقلة المساعي الرامية لتأليف الحكومة، والتي أضاعت المزيد من الوقت على اللبنانيين، أُعيد ضخ أجواء إيجابية من طرفَي الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، اللذين تحدثت أوساطهما عن إحراز تقدم في عملية التشكيل، دون أن يعني ذلك أن الشيطان قد غادر التفاصيل بعد.
وفيما مرّ موعد الانتخابات الأميركية، وانتهى التصويت نهار أمس على أن تُعلن النتيجة الرسمية في أيام، فإن لبنان على موعدٍ جديد اليوم بين الحريري وعون لتقديم تصور حكومي يبدأ على أساسه البحث في الأسماء وتوزيع الحقائب. ويقوم الطرح على صيغة حكومية من 18 وزيراً، وكان عون حين وافق على هذه الصيغة المصغّرة، اشترط أن ينال وزارة الطاقة مقابل هذا التنازل.
وعلمت “الأنباء” أنه في سياق المخارج التي بُحث عنها، عُرضت وزارة الطاقة على حزب الطاشناق كحل وسط يثبت المداورة، ويرضي الجميع، لكن النائب آغوب بقرادونيان أكد رفض الطاشناق لوزارة الطاقة، وأنه يفضّل الحصول على وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما تمسّك التيار الوطني الحرّ باختيار بيتر خوري للطاقة، وهو في الأساس أحد المستشارين العاملين في الوزارة. وبحال رست الحلول على هذا المخرج فذلك يعني العودة إلى القواعد السابقة، لا سيّما وأن الحريري عاد وتمسك بوزارة الداخلية، فيما حزب الله يصرّ على وزارة الأشغال، ووزارة الاتصالات لتيار المردة. أما محاولات اختراع ذريعة جديدة لعرقلة تشكيل الحكومة من خلال ابتداع عقدة درزية فقد سقطت بسبب موقفٍ أبلغه حزب الله لرئيس الجمهورية، ما دفع التيار الوطني الحر إلى التراجع.
وأشارت مصادر مواكبة عبر “الأنباء” إلى أنه بحال سلكت المشاورات كما هو دائر في الكواليس، وبحال تطابقت الأجواء الإيجابية مع الوقائع على الأرض، يُفترض أن تتشكل الحكومة في مهلة أقصاها نهاية الأسبوع.
وتحدثت المصادر في هذا السياق عن لقاء بين الحريري والنائب جبران باسيل، من دون كشف المزيد من التفاصيل حوله.
إلّا أنه لعضو “تكتل لبنان القوي” النائب ماريو عون رأي مخالف، فهو أشار في اتصالٍ مع “الأنباء” إلى أنه، “على ما يبدو تم الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري على أن تكون الحكومة مؤلّفة من 18 وزيراً، لكن من جهتنا لا ندعم هذا الخيار، وفي الوقت نفسه لم يتواصل معنا أحد، ولم يأخذوا رأينا في هذا الخصوص”، نافياً أن يكون لزيارة النائب جبران باسيل الأخيرة إلى بعبدا أي أثر على عملية التشكيل.
وردّ عون التأخير في التشكيل إلى، “التزام الحريري بوعود مسبقة أطلقها قبل تكليفه، منها للثنائي الشيعي بإيلائهما حقيبة المالية، ما خرق مبدأ المداورة، وعندها يحق للجميع المطالبة بأي حقيبة”. وأكد عون “ضرورة احترام التوازنات، بعيداً عن النكايات السياسية، إذ لا يمكن تجاهل أكبر كتلة نيابية في المجلس النيابي بغضّ النظر عن التسمية من عدمها، إذ المبدأ كان فصل موضوع التسمية عن عملية التشكيل”.
وعن الأجواء التي تدور حول عملية التشكيل، وإمكانية الخروج بحكومة في وقت قريب، ناقضَ عون الأجواء الإيجابية وقال إن، “الوضع لا يبدو مسهّلاً، ومنسوب التفاؤل تراجع عن المستويات السابقة”.
عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجّار اعتبر من ناحيته أن، “عون والحريري تجاوزا الكثير من خطوات التأليف، منها الاتفاق على حجم الحكومة، والتوزيع الطائفي للحقائب، لكن لا زالت هناك أمور لا تقل أهمية، كتوزيع الوزارات على الأحزاب داخل الطوائف، والاتفاق على الأسماء”. واستدرك الحجار بالتشديد على، “ضرورة أن يكونوا أشخاصاً مستقلين ومختصين، حسب ما يريد الحريري، من أجل العمل والإنتاج”.
في موازاة ذلك، عاود عدّاد فيروس كورونا ارتفاعه، مسجّلا 1512 إصابة و15 حالة وفاة. وفي هذا الإطار، عزا رئيس قسم جراحة الدماغ والعمود الفقري في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، البروفيسور غسان سكاف، تراجع أعداد الإصابات في الأيام الأخيرة إلى سببين أساسيين، “أوّلها تراجع عدد الفحوص التي تُجرى يومياً، وثانياً الفوضى التي تواجه المختبرات لناحية تسجيل الحالات الجديدة، إذ أنّ بعضها لا ترسل النتائج إلى وزارة الصحة، وأخرى تصدر نتائج دون فحوص، والعكس صحيح، ما يؤكّد أن أعداد وزارة الصحة غير صحيحة”. وطالبَ وزارة الصحة الحسم في هذا الموضوع، وملاحقة التجّار.
أما في ما خصّ الحلول، وما إذا كان الإغلاق هو الأفضل، فقد اعتبر سكاف أن، “الإغلاق التام ليس حلاً في ظل غياب المساعدات الاجتماعية للأسر الفقيرة، كما وأن قرارات وزارة الداخلية القاضية بحظر التجوّل، وإقامة الحواجز، عشوائية. لكن في المقابل فإنّ الإبقاء على فتح المطاعم والكازينو ليست صائبة، والمطلوب اليوم تدارك الأمر وأخذ إجراءات أكثر جدّية من قِبل وزارة الداخلية، كما وتأمين التمويل لمساعدة العائلات الفقيرة في حال التوجّه نحو الإقفال، على أن يكون الوعي لدى الناس هو الأساس. فالحماية تبدأ من ارتداء الكمامة وتطبيق التباعد الجسدي، كما وتفادي الاكتظاظ”.
وعن استقدام لقاح في الشهرين المقبلين، نفى سكاف إمكانية التوصّل إلى لقاح يتمتع بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية قبل شهر آذار، “في ظل عدم نجاح أي تجربة حتى الآن، وبروز عقبات عدّة منها وفاة المتطوّعين أثناء التجارب، ما يعني عدم وصوله إلى لبنان قبل شهر حزيران”.
ونبّه سكاف من، “الوصول إلى حافة المليون إصابة حتى شهر حزيران المقبل، وارتفاع عدد الوفيات إلى 10 آلاف، في حال حافظنا على الوتيرة نفسها. لكن، ومع هجرة الأطباء، أعداد الوفيات قد ترتفع أكثر”، مؤكداً أن الأرقام مبنيّة على أسسٍ علمية.
المصدر: الأنباء الالكترونية