هل قفز سعد الحريري في الهواء؟
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: قبل يوم واحد من الاستشارات النيابية الملزمة التي من المفترض أن تنطلق في قصر بعبدا، لا تبدو الرياح السياسية تسير وفق ما تشتهي سفن الرئيس سعد الحريري الذي ما يزال يتخبط في في أمواج وتيارات قد تمنعه من الوصول الى شاطئ التكليف وتقطع عليه الطريق نحو برّ أمان التأليف.
يبدو مستغربا ما أقدم عليه الرئيس الحريري بترشيح نفسه لرئاسة الحكومة ضمن حلقة تلفزيونية، حيث يراه البعض قفزة في الهواء غير محسوبة النتائج، خصوصا أن “زعيم المستقبل” لا يبدو حتى الآن أنه ينطلق من دعم دولي وإقليمي، أو يعتمد على متغيرات في المنطقة، أو يتوافق مع تيارات سياسية أساسية تأخذ على عاتقها تعبيد الطريق أمامه للوصول الى السراي الحكومي.
تشير المعلومات الى أن المشاورات التي أجراها الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لم تكن إيجابية، وهذا ما يفسر عصبيته وتجهم وجهه لدى خروجه من الاجتماعين، حيث تقول هذه المعلومات إن عون طلب من الحريري التشاور مع جبران باسيل، وأبلغه رفضه منطق الرئيس السياسي على رأس حكومة إختصاصيين، في حين أبلغ بري الحريري تمسك الثنائي الشيعي بموقفه وأن ما لم يعطه للرئيس المعتذر مصطفى أديب لن يعطيه الى الحريري.
ترى مصادر سياسية مطلعة أن الحريري منذ إعلان ترشحه لرئاسة الحكومة يوم الخميس المقبل، أقدم على أكثر من دعسة ناقصة، وخيّم التناقض على سلوكه، وذلك عبر استفزاز حليفه الأساسي وليد جنبلاط الذي وصل عتبه الى حدود الغضب على الحريري ورفضه إستقبال اللجنة التي شكلها، وكذلك القوات التي تتمسك بعدم تسميته، في وقت أشارت فيه المعلومات الى أن إجتماع جعجع و ””اللجنة الزرقاء” لم يفض الى نتيجة إيجابية تجاه تسمية الحريري.
أما بالنسبة للتناقض، فترى هذه المصادر أن الحريري وهو رئيس تيار سياسي يطرح نفسه رئيسا لحكومة إختصاصيين خالية من السياسيين وهذا أمر لن تتقبله التيارات والأحزاب، كما أنها ليست مغرمة بالحريري لكي تفوضه تشكيل حكومة مستقلة برئاسته وبمعزل عنها، في حين أن الحريري قال في قصر بعبدا أنه “إذا بقيت التيارات السياسية خارج الحكومة ستة أشهر فلن تموت”، فيما هو سيكون ضمن الحكومة ورئيسا لها، وكذلك يتجسد هذا التناقض في حديث الحريري عن وزراء مستقلين، بينما تؤكد مصادر الثنائي الشيعي أنه سينطلق من حيث إنتهى مع الدكتور أديب أي بالالتزام بما قاله السيد حسن نصرالله بأننا “نريد أن نشارك سياسيا في أي حكومة لكي نحمي ظهر المقاومة”، ما يعني أن كل ما يقوم به الحريري في هذا المجال يتناقض مع توجه الأحزاب والكتل النيابية، وربما نابع من رغبة حريرية شخصية بالعودة الى رئاسة الحكومة.
يمكن القول، إن الآداء السياسي الارتجالي للحريري، أعطى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الفرصة لأن يتجرأ عليه ويقطع الطريق أمامه ويعيد إحياء معادلته القديمة “إما سعد وجبران داخل الحكومة وإما أن يكونا خارجها”، إضافة الى إستهزائه به عندما تحدث عن أن ““إيمانويل ماكرون لم يعين مفوضا ساميا لمتابعة مبادرته” في إشارة الى ما يقوم به الحريري عبر اللجنة التي شكلها لمعرفة مدى إلتزام التيارات السياسية بالمبادرة الفرنسية، الأمر الذي أنهى مفاعيل لقاء باسيل مع اللجنة قبل أن يبدأ.
كما دفع سلوك الحريري باسيل الى أن يتجرأ أيضا على الدستور وعلى إتفاق الطائف، ما إستدعى ردا عنيفا وقاسيا جدا من الرئيس نجيب ميقاتي الذي يأخذ على عاتقه بأن يكون خط الدفاع الأول عن الدستور، في وقت ما تزال “المبادرة الميقاتية” في تشكيل حكومة تكنوسياسية أقرب الى الواقع السياسي القائم.. فهل تكون خشبة الخلاص للحريري؟..