جمدوا كل أنشطتهم الأخرى لمحاربة الفيروس.. سباق محموم داخل المختبرات الروسية لإنتاج لقاح كورونا
جهود مستمرة حول العالم للتوصل إلى لقاح مُعتمد لكورونا – رويترز
قال كبير علماء الفيروسات في روسيا ومدير معهد جماليا ألكسندر غينتسبورغ، لشبكة CNN الأمريكية، الإثنين 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020، في مقابلةٍ نادرة، إنّ روسيا عملت بجد لتطوير لقاح لفيروس كورونا لمنح الناس الأمل وليس بسبب الضغط السياسي.
فيما يقول النقاد في جميع أنحاء العالم إن السرعة الفائقة لتطوير اللقاح تشير إلى ضغوط سياسية من الكرملين، الذي يحرص على تصوير روسيا كقوة علمية عالمية، خاصة أن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن بنفسه الموافقة على اللقاح وسط ضجة كبيرة في التلفزيون الحكومي الروسي.
تعبئة شاملة من أجل اللقاح: لكن غينتسبورغ قال لشبكة CNN إنّ الكرملين لم يعط تعليمات لمعهد جماليا بشأن ذلك اللقاح، وأضاف أن جميع الأعمال الأخرى في معهد جماليا قد جرى تعليقها وكُلف العلماء والباحثين بتطوير لقاح فعال.
يعد معهد جماليا، ومقره موسكو، أحد أقدم وأكبر مختبرات أبحاث اللقاحات في روسيا. لكن في إطار الاندفاع لإنتاج لقاح “سبوتنيك الخامس”، تجاوز المعهد الممارسات والمعايير العلمية العادية.
فبالإضافة إلى تخطي الاختبارات البشرية على نطاق واسع قبل الموافقة على اللقاح، استخدم المعهد الجنود الروس “كمتطوعين” في التجارب المبكرة، حتى إن مدير المعهد حقن نفسه وموظفيه باللقاح التجريبي كما علمت CNN في وقتٍ مبكر من إبريل/نيسان 2020.
جديرٌ بالذكر أن روسيا لديها رابع أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، بعد الولايات المتحدة والهند والبرازيل، وفقاً لما ذكرته جامعة جونز هوبكنز الأمريكية. وتُظهِر بيانات جامعة جونز هوبكنز أن روسيا تحتل المرتبة الـ12 في إجمالي عدد الوفيات.
نتائج “واعدة” رغم الانتقادات: غينتسبورغ أصر على أن النتائج الواعدة أدت إلى الموافقة على اللقاح حتى قبل إجراء اختبارات بشرية واسعة النطاق. لكن الخبراء يقولون إنّ هذه الاختبارات البشرية مطلوبة قبل استخدام أي لقاح على نطاق واسع.
فقد نُشرت نتائج الاختبارات البشرية الأولى للقاح المسمى “سبوتنيك الخامس” في دورية The Lancet العلمية الشهر الماضي. والأهم من ذلك هو أنّ نحو 76 شخصاً فقط هم من شاركوا في التجارب. إذ يقول الخبراء إنّ هذا العدد صغير جداً لتحديد ما إذا كان اللقاح الروسي آمناً وفعالاً.
لكن الدورية ذكرت أنّ البيانات السريرية التي خضعت لمراجعة الأقران كانت إيجابيةً في الغالب، مع الإبلاغ عن آثار سلبية خفيفة فقط، وقد أدى اللقاح إلى استجابة مناعية في المشاركين في التجربة.
على الجانب الآخر أثارت السرعة الهائلة في موافقة روسيا على اللقاح قبل بدء المرحلة الثالثة من التجارب البشرية، وفي وقتٍ يبحث فيه العالم بأسره عن لقاح، انتقادات خارج روسيا. لكن غينتسبورغ، الذي يصف الوباء بأنه “حرب وحالة طوارئ”، قال إنّه ليست لديه هواجس أو شكوك بشأن فعالية اللقاح.
جولة داخل المختبرات: بعد شهور من الطلبات، سُمح لشبكة CNN بجولة حصرية داخل المختبرات الفعلية حيث جرى تطوير اللقاح. وكان الباحثون يرتدون القفازات والمعاطف البيضاء، ويعملون على تطوير لقاح سبوتنيك الخامس في المباني التي جرى استخدامها للبحث العلمي منذ الحقبة السوفيتية.
وقال رئيس المختبر فلاديمير غوشين إن الفريق استخدم خبراته، بالإضافة إلى المعرفة والتقنيات التي جرى شحذها في تطوير لقاحات لأمراض أخرى، ربما للحصول على ميزة على شركات الأدوية العالمية التي تتطلع أيضاً إلى تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد.
كما أضاف أن التركيز الخالص على التغلب على فيروس كورونا يعد أمراً حيوياً.
على الجانب الآخر، أعلن صندوق الثروة السيادية الروسي الذي يمول إنتاج اللقاح عن صفقات لتوفير مئات الملايين من جرعات لقاح سبوتنيك الخامس إلى الدول في جميع أنحاء العالم.
بوتين قد يأخذ اللقاح: بعد تشخيص إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفيروس كورونا، أخبر غوشين شبكة CNN أنه يجب على الولايات المتحدة إعادة النظر في رفضها التعاون في تطوير لقاح.
بينما يقول الكرملين الآن إنّ بوتين نفسه قد يأخذ اللقاح قريباً، قبل رحلة محتملة إلى كوريا الجنوبية. وبهذا قد يصبح بوتين أحدث شخصية روسية رفيعة المستوى تتناول لقاح سبوتنيك الخامس بعد وزير الدفاع، وعمدة موسكو، وإحدى بنات بوتين على حد زعمه.
لكن صانع اللقاح لا يبدو قلقاً، حيث يقول غينتسبورغ: “لا أشعر بأي ضغط، أشعر فقط بمسؤولية معينة تجاه منتج اللقاح، وسوف أشعر بها طوال حياتي”.