ٍَالرئيسية

دول عربية تتجه لزيادة اعتمادها على تحلية مياه البحر لتفادي حروب المستقبل

شفقنا- من بين 17 دولة في العالم تعاني من الاجهاد المائي ، 11 منها توجد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذا الوضع دفع البلدان العربية للجوء إلى تحلية مياه البحر لسد العجز المائي، في ظل زيادة عدد السكان، والجفاف الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي.

ووفق تقرير أممي صدر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، في مارس/آذار 2023، فإن 90% من سكان الوطن العربي يعانون من ندرة المياه.

أزمة المياه.. مستقبل غامض ينتظر المنطقة العربية

يتوقع علماء الطقس أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في الشرق الأوسط بمقدار 5 درجات مئوية مع نهاية القرن الـ21، أي بعد 77 عاماً، ما سيجعل أجزاءً من هذه المنطقة غير صالحة للعيش البشري، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الفقر المائي.

فمن دون مياه لن تقوم للإنسان حضارة، ولن يستطيع زراعة الأرض، ولا حتى تشغيل المصانع، ما سيؤدي إلى موجات من الهجرة إلى الشمال، بل قد يشعل حروباً بين البلدان المتصارعة على موارد المياه الشحيحة.

وإذا كان رئيس الحكومة الفرنسي جورج كيلومنصو، تنبأ خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918) بأن “كل قطرة نفط تعادل قطرة دم”، فإنه إذا لم تسارع الدول العربية لإيجاد حلول لأزمة المياه فإن “كل قطرة ماء ستعادل قطرة دم” في السنوات المقبلة، كما يقول تقرير لوكالة الأناضول.

والاحتقان بين مصر وإثيوبيا حول “أزمة سد النهضة”، وتقاسم مياه النيل، والتلويح بالخيار العسكري، يمثل إشارة إنذار لما قد تؤول إليه الأوضاع في المنطقة العربية بسبب “الإجهاد المائي”.

كم نصيب الفرد العربي من المياه؟

يمثل متوسط نصيب الفرد العربي من المياه 10% من المتوسط العالمي، مقابل زيادة سكانية سنوية تقدر بـ2%، وهو ضعف معدل متوسط الزيادة السكانية على مستوى العالم.

وهذه الأرقام تعني أن نصيب الفرد العربي يتراجع سنوياً بسبب الزيادة السكانية، وأيضاً بسبب تغير المناخ وتراجع التساقطات المائية، والمياه السطحية والجوفية.

وعلى سبيل المثال، فإن دول مجلس التعاون بحاجة إلى زيادة مواردها المائية بنسبة 77% في عام 2050، لتلبية متطلبات سكانها، وفق موقع “أراب نيوز”.

غير أن محطات تحلية مياه البحر، تمثل أبرز الحلول التي لجأت إليها الدول العربية لمواجهة الجفاف وعدم كفاية المياه السطحية وحتى الجوفية لسكان المنطقة.

كيف يتزايد اعتماد الدول العربية على مياه البحر؟

تستحوذ الدول العربية مجتمعة على نحو 50% من سوق تحلية مياه البحر والمحيطات في العالم، وحصة السعودية لوحدها تقدر بـ22.2% من السوق العالمي.

ويبلغ إنتاج السعودية من تحلية مياه البحر أكثر من 7.9 مليون متر مكعب يومياً، وفق المؤسسة العامة للمياه المحلاة في السعودية (حكومية)، التي تنتج نحو 75% من إجمالي إنتاج المملكة، تليها الإمارات بنحو 14% من الإنتاج العالمي، أي إن بلدين عربيين فقط يستحوذان على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي.

لكن الكويت أكثر الدول العربية اعتماداً بل تبعية لمياه التحلية بنسبة 90%، أي إن مياه الأمطار والمياه الجوفية لا تغطي سوى 10% من احتياجات السكان، والاستخدامات الصناعية والزراعية.

وسلطنة عمان لا تختلف كثيراً عن الكويت، إذ تعتمد بنسبة 86% على تحلية مياه البحر، وهذه النسبة تبلغ في السعودية 70%. وقطر، التي احتضنت كأس العالم في عام 2022، ضاعفت إنتاجها من تحلية مياه البحر أربعة أضعاف خلال السنوات العشرين الماضية.

550 محطة تحلية لمياه البحر في الدول الخليجية

خلال الفترة ذاتها، أنفقت الدول الخليجية مجتمعة 33 مليار يورو لإنشاء 550 محطة لتحلية مياه البحر، ما ساهم في ازدهار العمران والمساحات الخضراء المسقية في منطقة يسود أغلب أرجائها مناخ صحراوي قاسٍ.

لكن الأمر لم يقتصر على دول الخليج، فمصر إحدى الدول التي تعاني من فقر مائي، ومع ذلك فإن حصتها التاريخية من نهر النيل التي تفوق 55 مليار متر مكعب سنوياً، مهددة بعد اكتمال سد النهضة الإثيوبي، الذي يقام على نهر النيل الأزرق، أحد روافد النيل.

فمصر تعاني من عجز مائي شديد يصل إلى نحو 42 مليار متر مكعب، وفق تصريح صحفي للدكتور نادر نور الدين، الأكاديمي المتخصص في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.

هذا الوضع الحرج دفع البلاد للتوسع في مشاريع تحلية مياه البحر، حيث يبلغ عدد المحطات القائمة 63 محطة، بطاقة إنتاجية إجمالية تصل لـ799 ألف متر مكعب يومياً، وفق إعلام محلي.

ووضعت البلاد خطة لمضاعفة قدراتها في تحلية مياه البحر لتبلغ 3.35 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2025، ثم إلى 8.85 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2050.

الجزائر، التي تواجه حالياً موجة جفاف، أمر رئيسها عبد المجيد تبون، في أبريل/نيسان الماضي، بوضع مخطط استراتيجي استعجالي لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل شريطها الساحلي، البالغ أكثر من 1600 كلم.

وتمتلك الجزائر حالياً 24 محطة تحلية مياه البحر، تنتج نحو 2.2 مليون متر مكعب يومياً، تمثل 18% من مياه الشرب المستهلكة سنوياً، وفق تقرير لموقع العربي الجديد. ومن المرتقب أن تدخل 7 محطات جديدة حيز الإنتاج مطلع 2024، ما سيرفع إنتاج محطات تحلية مياه البحر إلى 3.7 مليون متر مكعب يومياً.

وفي الصيف المقبل، تعتزم الجزائر الانطلاق في إنجاز 5 محطات كبيرة لرفع الإنتاج إلى 5.5 مليون متر مكعب يومياً.

إلى جانب الدول الخليجية الست ومصر والجزائر، فإن الأردن الذي يعد من أفقر دول العالم مائياً، يعتزم تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر الأحمر عبر جر 300 مليون متر مكعب من خليج العقبة إلى محطات لمعالجة المياه في الشمال، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، لكن إيجاد مصادر تمويل المشروع يواجه صعوبات.

بينما يسعى المغرب لإنجاز محطتين كبيرتين لتحلية مياه البحر، لتضاف إلى محطات صغيرة تنتج مجتمعة 147 مليون متر مكعب في السنة، أو ما يعادل نحو 400 ألف متر مكعب يومياً، فيما تخطط دول أخرى أيضاً لذلك مثل موريتانيا.

إشكالات مالية وبيئية لمشاريع تحلية المياه في الدول العربية

إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه التوسع في بناء محطات التحلية تكلفة الإنتاج المرتفعة، رغم أن تكنولوجيا التحلية تطورت وقلصت من سعر إنتاج المتر المكعب إلى 0.34 دولار.

لكن هذه التكلفة غير مستقرة، ومن الممكن أن ترتفع خاصة إذا ارتفعت أسعار الطاقة، التي تستخدم في تشغيل محطات التحلية، ما يؤثر على تكلفة إنتاج المتر المكعب من المياه.

فدول غير بترولية مثل تونس والأردن، تجد صعوبة في تمويل مشاريع تحلية مياه البحر، التي تتطلب مليارات الدولارات.

والتوسع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر يطرح إشكالات بيئية، خاصة بالنسبة لتصريف مخلفات المياه المحلاة (محلول الملح)، والذي تفوق نسبة ملوحته ضعف ملوحة مياه البحر، ويمكنه قتل الحياة المائية القريبة.

كما يمكن لمحطات تحلية البحر قتل الأسماك عندما يتم حصرها أمام مصافي تحمي صمامات دخول المحطات، ويمكن أيضاً أن تمتص الكائنات الحية الصغيرة مثل البكتيريا والعوالق، ما يهدد الحياة البحرية.

فوفق تحقيق لموقع “ذي كونفرسيشن” الأمريكي، فإن لجنة كاليفورنيا الساحلية، رفضت في مايو/أيار 2022، بالإجماع إنشاء محطة لتحلية مياه المحيط مقترحة بقيمة 1.4 مليار دولار في هنتنغتون بيتش، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثيرها المحتمل على الحياة البحرية.

وهذه الإشكالات البيئية، تتطلب إيجاد حلول من قبيل استخدام الطاقات النظيفة في تشغيل محطات التحلية، وتصريف مياه البحر والمياه العادمة وفق شروط بيئية صارمة.

*عربي بوست

انتهى

 

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-11 06:57:27
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى