من يملأ الفراغ الأميركي في سوريا؟
مع إغلاق الولايات المتحدة 3 قواعد عسكرية صغيرة شرق نهر الفرات، تجدد الحديث عن الجهة التي ستملأ حالة الفراغ التي سيخلقها الانتهاء من الوجود العسكري الأميركي في سوريا.
وبعد أن كان الحضور العسكري الأميركي يتجاوز حاجز الألفين جندي، تقلص بعد إغلاق قواعد “القرية الخضراء” و”الفرات” في دير الزور، و”خراب جير” في الحسكة، إلى 1400 وفق ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلاً عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.
ومهما كان حجم القواعد التي أُغلقت، تؤشر العملية إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد اعتمدت فعلياً خطة الانسحاب “التدريجي والكامل” من سوريا، رغم الحديث عن نية واشنطن إبقاء عدد قليل من الجنود في سوريا، إلى حين الانتهاء من ترتيب الجهة التي ستواصل مهمة محاربة تنظيم “داعش”، المهمة الوحيدة التي تهم واشنطن في سوريا بعد تغيير نظام حكم دمشق، وأفول النفوذ الإيراني في سوريا.
عدد الجنود تحدده المهمة
وبحسب الصحيفة الأميركية، لا يبدو قرار الانسحاب من سوريا مستبعداً، وما يؤجل اتخاذه من قبل إدارة ترامب التي تسلمت البيت الأبيض حديثاً، هو عدم اكتمال التعيينات في المناصب الأساسية المعنية بالشرق الأوسط، ما يعيق إجراء “المراجعة الشاملة” للسياسة الأميركية في سوريا.
وهنا، يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية حازم الغبرا أنه من المستبعد اتخاذ قرار الانسحاب الكامل من سوريا، ويقول لـ”المدن”: “حالياً، يُستبعد اتخاذ هكذا قرار، ونحن أمام قرار بتخفيض عدد الجنود”.
ويضيف “المهمة العسكرية الأميركية في سوريا لم تعد تحتاج عدداً كبيراً من الجنود، لأن التهديدات الروسية والإيرانية لم تعد كما كانت في السابق”.
وبذلك يعتبر أنه “لن ينجم حالة فراغ في سوريا في هذه المرحلة”، لكن إلى متى ستُبقي الولايات المتحدة جنودها في سوريا؟ يرد بقوله: “لا يوجد آفاق واضحة”.
دمشق وقسد
على ما يبدو أن الاتفاق “المبدئي” الذي وقعته “قسد” بدفع أميركي مع دمشق في 10 آذار/مارس الماضي، والذي من المفترض أن يؤدي في نهاية المطاف إلى دمج القوات الكردية بالدولة السورية، قد ساهم في تسريع قرار الانسحاب الأميركي من سوريا.
وما يدل على ذلك، أن تراجع حجم الوجود العسكري الأميركي في سوريا يأتي متزامناً مع كل تقدم في تطبيق اتفاق دمشق (حلب، سد تشرين).
ومن هنا، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن “الولايات المتحدة سُتبقي على وجودها العسكري “الرمزي” في سوريا، إلى حين اكتمال تطبيق اتفاق دمشق”.
ويقول لـ”المدن”: إن “حالة الفراغ التي ستنجم عن انسحاب الجنود الأميركيين من سوريا، ستملأ بتوافق بين الحكومة السورية وقسد”.
وتدعم المعطيات التي أوردتها “نيويورك تايمز”، قراءة علاوي، حيث اعتبرت الصحيفة أن واشنطن قد ترى في الحكومة السورية الجديدة “شريكاً محتملاً” في محاربة “داعش”، بعد ظهور مؤشرات “إيجابية”، من بينها إحباط ثمانية مخططات للتنظيم في دمشق.
وما رشح حتى الآن عن محادثات ومطالب أميركية من الحكومة السورية، وصولاً إلى زيارة وفد من الكونغرس الأميركي دمشق اليوم الجمعة، يُعزز الظن أن واشنطن لم تعد “مترددة” في اتخاذ قرار الانسحاب من سوريا، ويبدو أن ما يؤجله “الحذر” من السلطة السورية.