ٍَالرئيسية

رقابة رقمية وقمع ميداني: التكنولوجيا في خدمة السلطة بتركيا

شفقنا-مع تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء تركيا، لجأت السلطات إلى استخدام تقنيات متعددة للسيطرة على المظاهرات وإخمادها، بما في ذلك تقييد الوصول إلى الإنترنت وتوظيف تقنية التعرف على الوجه لتحديد هوية المحتجين. لذلك، لجأ المتظاهرون إلى وسائل جديدة لمواجهة هذه الإجراءات الحكومية والتكيف مع الظروف المستجدة.

على الرغم من حظر التجمعات الاحتجاجية في تركيا، تم اعتقال ما يقرب من 2000 شخص على خلفية المظاهرات التي اندلعت عقب توقيف أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول.

إلى جانب المحتجين الذين أوقفوا في الشوارع، تم اعتقال آخرين بعد التعرف عليهم من خلال الصور أو مقاطع الفيديو التي سجلتها الشرطة أثناء الاحتجاجات.

حتى الآن، تم احتجاز 13 صحفيًا تركيًا، من بينهم ياسين أكغول، المصور في وكالة فرانس برس، أثناء تغطية الاحتجاجات. ووجهت السلطات التركية إليه تهمة المشاركة في “تجمعات ومسيرات غير قانونية” استنادًا إلى الصور التي التقطت له.

يرى أورهان شينير، الخبير في تكنولوجيا المعلومات والشبكات الرقمية، أن استخدام التكنولوجيا في قمع الاحتجاجات الحالية يمثل تحولًا كبيرًا مقارنة بأحداث عام 2013، عندما تحولت مظاهرة صغيرة ضد مشروع إزالة حديقة غيزي وسط إسطنبول إلى موجة اضطرابات وطنية.

وقال شينير: “لقد تطورت قدرات تكنولوجيا المعلومات لدى قوات الأمن بشكل كبير منذ ذلك الوقت”، موضحًا أنه في عام 2013 كان المحتجون يسيطرون على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تكن الشرطة قادرة على تعقبهم، أما اليوم، فعند مشاركتك في تظاهرة بتركيا، يتم التعرف على وجهك عبر الكاميرات، وتتم مقارنة هذه المعلومات مع حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي”.

إخفاء الوجوه

بسبب هذا الخطر في تركيا، أصبح العديد من المتظاهرين يغطون رؤوسهم ووجوههم بالقبعات والأقنعة والأوشحة. ووفقًا لمراسلين في وكالة فرانس برس، قامت شرطة إسطنبول عدة مرات بتطويق المتظاهرين في المدينة، مطالبة إياهم بإظهار وجوههم أمام الكاميرات، ومن يرفض ذلك لا يسمح له بالمغادرة، مما تسبب في حالة من التوتر والقلق بين الشباب.

ويرى أريف كوثر، الخبير في تأثير التقنيات الحديثة، أن “كل قيد يفرضه النظام يولد استجابة عكسية”، متوقعًا أن يتزايد استخدام ملابس ونظارات ومستحضرات تجميل خاصة لتضليل تقنيات التعرف على الوجه.

لكنه أشار إلى أن تقنية التعرف على الوجه ليست العامل الأساسي في الضغط على المحتجين حاليًا، بل إن “التلاعب بالمعلومات لتشويه الاحتجاجات أو تفكيكها وبث الفرقة بين المتظاهرين” يلعب دورًا أكبر.

في هذا السياق، وصف رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، الاحتجاجات بأنها “إرهاب شوارع”، متهمًا المتظاهرين بـ “تخريب مسجد ومقبرة”، وهي اتهامات رفضها معارضوه.

وقال شينير إن الأنظمة الاستبدادية لم تعد تكتفي بأساليب الرقابة التقليدية، بل أصبحت تعرف كيفية استغلال الإنترنت لصالحها، مضيفًا: “الأهم من ذلك، أنهم يستخدمون الإنترنت وسيلة للدعاية”.

التوجه نحو الرقابة الشاملة

فور اعتقال إمام أوغلو، بدأت السلطات التركية بتخفيض عرض النطاق الترددي للإنترنت في إسطنبول، مما جعل الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي مستحيلًا لمدة 42 ساعة.

كما أعلنت منصة إكس أن السلطات التركية أصدرت أوامر بحظر أكثر من 700 حساب تابع لصحفيين ومؤسسات إعلامية وشخصيات سياسية وطلاب وغيرهم.

وأكد يامان أكدنيز، أستاذ القانون ورئيس جمعية حرية التعبير التركية، أنه “لم يكن هناك أي قرار قضائي وراء هذه الإجراءات، بل تم تنفيذها بشكل تعسفي”.

وأشار إلى أن الحكومة التركية تعمل على سن قانون جديد يلزم تطبيقات المراسلة مثل واتساب وسيغنال وتلغرام بفتح مكاتب في البلاد، وتسليم بيانات المستخدمين للسلطات.

وقال أكدنيز إن تركيا “تتحرك نحو المراقبة الشاملة”، مشيرًا إلى تقرير نشره موقع ميدياسكوب المستقل عام 2022، كشف أن مزودي خدمات الإنترنت بدأوا منذ 2020 بمشاركة بيانات النشاط الرقمي وهويات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية.

وأضاف: “بموجب القانون، لا يسمح لهذه الهيئة بالاحتفاظ بالبيانات لأكثر من عامين، ولكننا رأينا أنه في تحقيقات تتعلق برئيس بلدية إسطنبول المحتجز، تم تقديم بيانات تعود إلى 10 سنوات مضت، مما يفتح الباب أمام إجراءات تعسفية وغير قانونية”.

ويرى شينير أن الفصل بين العالمين الواقعي والافتراضي لم يعد موجودًا، مشيرًا إلى أن الحكومة التركية “تستخدم تقنية التعرف على الوجه لردع الناس عن الاحتجاج، وفي الوقت ذاته تراقب وسائل التواصل الاجتماعي لمنع أي تحركات منظمة”.

المصدر: موقع جماران

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2025-04-02 23:28:59
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى