ٍَالرئيسيةمقالات

الجمهورية: لبنان يريد المساعدات والخارج ينتظر الإصلاحات.. المستوطنون يعبرون الحدود: انتهاك يُنذر بتوترات

وكالة نيوز – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:

بدأت الحكومة رحلة الألف ميل في مقاربة الملفات الداخلية، وتشعّبات تلك الملفات وتعقيداتها بالإضافة إلى عامل الوقت يضغط عليها، واللبنانيّون الذين وُعدوا بانفراجات ينتظرون ترجمة الوعود، ولاسيما في ما يتعلق بملف التعيينات، الذي ترتفع في بعض الأوساط أصوات تُعبِّر عن الخشية من أن يُغرَق في التجاذبات والمماحكات. ومن ضمن مجموعة الأولويات والتحدّيات لحكومة نواف سلام، يفرض الملف الجنوبي نفسه في صدارة قائمتها، وسط مخاوف على أكثر من صعيد محلي وخارجي من انزلاق الوضع في منطقة الحدود الجنوبية إلى توترات خطيرة.

على الخط السياسي برز اللقاء بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وبحسب المعلومات الرسمية، فإنّ الرئيسَين عرضا الأوضاع الراهنة في لبنان ولاسيما في الجنوب، وأطلعَ الرئيس عون الرئيس بري على نتائج زيارته إلى السعودية وأجواء مشاركته في القمة العربية الطارئة في القاهرة.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ ملف التعيينات لم يَغِب عن لقاء الرئيسَين. ولفتت مصادر المعلومات إلى أنّ «الرأي الجامع بين الرئيسَين من حيث المبدأ، أن تُملأ بصورة عاجلة الشواغر، وخصوصاً في المراكز الرئيسة، مراعيةً لأعلى معايير الكفاءة والاختصاص وحُسن الاختيار». وتشير المعلومات إلى أنّ ورشة التعيينات ستتمّ على جرعات متتالية في المدى المنظور.

الامتحان الصعب

وحَول التعيينات، فإنّ كل الأنظار مُصوَّبة على الحكومة وكيفية عبورها الامتحان الصعب الذي تخضع له والمتعلق بهذه التعيينات. فتؤكّد الأوساط الحكومية أنّه موضوع على نار حامية وعلى طريق الإنجاز. إلّا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه على مائدة العمل الحكومي يقول: مقاربة ملف التعيينات وحسمه تتداخل فيهما مجموعة اعتبارات يُمليها عدم الإخلال بتركيبة البلد وتوازناته، ومعايير ليس أقلّها معيار النزاهة والكفاءة، فهل ستتمكن الحكومة من إثبات صدق قولها بأنّها ستتجاوز اعتبارات السياسة ومعاييرها ومحاصصاتها وتُقدّم تعيينات مشهودة، معيارها النزاهة والكفاءة لا التبعية والاستزلام؟

كرة ثلج… كرة نار

ضمن هذا السياق، أعرب مرجع سياسي عبر «الجمهورية» عن أمله في أن تُحدِث الحكومة «نقلةً نوعية في التعيينات، تنسف تجارب العهود السابقة التي لا أحد يستطيع أن ينكر أنّ التعيينات خلالها، كانت عرضةً لمداخلات وحسابات ومحاصصات تغلب فيها المعايير السياسية والشخصية على أصحاب الجدارة والكفاءات. من هنا الانتباه واجب، فالملف الماثل أمامها، في يدها أن تحوّله إلى كرة ثلج تتدحرج بإيجابيات على كلّ المراكز الوظيفية، سواء أكانت مراكز أو رفيعة عبر اعتماد مبدأ الكفاءة والجدارة. أو أن تحوّله إلى كرة نار تحرق الوعود والآمال عبر التفرّد في القرار، أو الاستنسابية وتغليب المحسوبيات والصداقات على الكفاءات».

ورداً على سؤال عمّا إذا كان يتوقع نجاح الحكومة في هذه المهمّة، أجاب المرجع: «إن شاء الله. نحن معها في إعادة انتظام الإدارة وملء كل الشواغر. وأنا مقتنع تماماً أنّ في إمكان الحكومة أن تنجح نجاحاً باهراً في ملف التعيينات، إن اعتمدت معايير النجاح فقط (أي الكفاءة والنزاهة والاختصاص)، وتجنّبت سوء الاختيار والتقدير، وحاذرت الوقوع في «مطبات المستشارين» ورغباتهم».

في سياق متصل، صدر مرسوم تعيين أعضاء الجمعية العامة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية برئاسة السيدة الأولى نعمت عون وسحر بعاصيري نائباً للرئيس والأعضاء: غادة حمدان، ناتالي زعرور، جان مراد، لارا سعادة، جومانا سليلاتي، سابين سعد مكاري، سينتيا أسمر، مادونا أيانيان، ماي مخزومي، سمرندا نصار، ميريم صفير مراد، لميا عسيران، لينا قماطي، كايتي ساروفيم، زينا دكاش، عبلا محيو السباعي، نازك الخطيب، رولا فوزي جعفر، شرين عبد الرؤوف قطيش وروبى مكارم.

المساعدات… والإصلاحات

ومعلومٌ في هذا الإطار، أنّ موضوع التعيينات، مُدرَج في بنك المطالب الخارجية للبنان بإجراءات إصلاحية وإنقاذية عاجلة، وفي هذا الإطار، لفتت زيارات متتالية يقوم بها سفراء دول كبرى إلى مستويات سياسية ووزارية، ومعلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، أنّ جانباً من تلك الزيارات مرتبط بالحديث عن برنامج مساعدات لقطاعات معيّنة في لبنان، وأمّا الجانب الآخر منها، فغايته التعبير بصورة مباشرة وصريحة عن الارتياح البالغ لـ»التحوّلات والمتغيّرات» التي شهدها لبنان، بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة، وأنّ لبنان سينتقل حتماً إلى واقع مختلف عمّا كان سائداً في السنوات الأخيرة.

الإلتزامات

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ مسؤولاً مالياً دولياً أكّد أمام مجموعة من الاقتصاديِّين أنّ انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة في لبنان أمرٌ يبعث على الأمل في إعادة الانتعاش إلى لبنان. والمجتمع الدولي عبّر عن تأكيدات جدّية بدعم لبنان والوقوف إلى جانبه لتمكينه من تخطّي أزمته، وتعافيه مالياً واقتصادياً واجتماعياً.

وتحدّث المسؤول عينه عن فرصة متاحة في الوقت الراهن لإحداث نقلة ملموسة في هذا الاتجاه، ولاسيما أنّ المؤسسات المالية الدولية تواكب تطوّرات الوضع اللبناني بصورة حثيثة. وأكّد على ما مفاده أنّ المساعدات للبنان ستكون متاحة بعد أن تُوفي الحكومة بالتزاماتها الإصلاحية بالطريقة التي تعطي دليلاً أكيداً على مكافحة الفساد.

الموازنة

في سياق متصل، أثار إقرار الحكومة مشروع موازنة العام 2025 بمرسوم في مجلس الوزراء تساؤلات حول الحكمة من ذلك، واعتراضات على إقراره في مجلس الوزراء. فلوّح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بالطعن به، خصوصاً أنّه كان في إمكان الحكومة سحب المشروع وإعداد موازنة جديدة تحاكي الإصلاحات ووضع البلد كما هو في ظل المستجدات التي طرأت عليه بعد العدوان الإسرائيلي. والأمر نفسه متصل بقرار التمديد المفاجئ لسنّ التقاعد لعدد من الديبلوماسيِّين والسفراء، الذي لقيَ استغراب «الحزب التقدّمي الإشتراكي» الذي اعتبر أنّ معالجة الشكوى مَن باعتباره يحرم تجديد الإدارة العامة ورفدها بالكفاءات الجديدة. لافتاً إلى أنّ الشكوى العامة من ترهّل الإدارة العامة في لبنان يجب معالجتها من خلال المسلك الإداري السليم الذي يكون بفتح باب التوظيف من خلال مجلس الخدمة المدنية وليس تمديد سن التقاعد للموظفين الحاليِّين».

وإذا كان صدور المرسوم يعود إلى نفاذ مهلة إقرار مشروع الموازنة في مجلس النواب، فإنّ بعض الأصوات استغربت هذا التعجيل، واعتبرته إشارة سلبية سُجِّلت في رصيد الحكومة وسلة الوعود الواسعة التي أطلقتها أولاً، لأنّ الموازنة لا تُلبِّي متطلبات الوضع اللبناني برمّته، وخالية من النَفَس الإصلاحي، وثانياً لأنّ وقت إحالة المشروع تزامن مع فترة العدوان الإسرائيلي التي استحال فيها انعقاد مجلس النواب.

والبارز في هذا السياق، ما قاله وزير المال ياسين جابر إنّ «خيارات إقرار الموازنة كان الأفضل من بين الخيارات الأخرى، بالتزامن مع تحضيرات في الوزارة لإعداد مشروع جديد». وأكّد جابر أنّه يتطلّع إلى «موازنة ترصد الاستراتيجيات الإنمائية، وأهدافاً إصلاحية كانت رفعتها الحكومة عنواناً لها، وذلك من خلال إعادة تفعيل أجهزة الحوكمة وأجهزة الرقابة وإعادة هيكلة المصارف والدَين العام ومحفظة اليوروبوندز»، مشيراً إلى أنّ «مشروع الموازنة الذي يجري إعداده يأخذ في الحسبان إجراءات من شأنها أن تسهم في سلوك المسار الصحيح بالنسبة إلى الإنتظام المالي ويفسح المجال أمام الموازنات اللاحقة في زيادة الإنفاق في المجالات الاجتماعية».

وفي هذا الإطار، تبلّغ جابر من سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دو وال «أنّ المساعدات يمكن أن يقدّمها الاتحاد من خلال مساعدة الوزارات في عملية إعداد وتحضير ميزانياتها الخاصة، ما يُسهّل على وزارة المالية عملها في مجال تحديد الاعتمادات المالية المرصودة لها».

جنوباً، الوضع على امتداد خط الحدود يشهد صعوداً وهبوطاً في ظل الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات المتمادية لاتفاق وقف إطلاق النار، التي استهدفت مجموعة من المواطنين في بلدة كفركلا أمس، واتبعت ذلك مساء بسلسلة غارات جوية (نحو 25 غارة) نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي واستهدفت وادي برغز، القطراني، وادي نفخة في زبقين، وحرش عيتا الجبل وبيت ياحون ووادي مريمين بين زبقين وياطر، ومنطقة الزهراني وجبل الريحان، ومنطقة وادي الزغارين الواقعة بين (سجد – العيشية – الريحان)، والمنطقة الواقعة بين البابلية والزرارية واطراف انصار.

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس ان سلاح الجو شن غارات عنيفة لإزالة تهديدات عاجلة حاول «حزب الله» القيام بها لخرق وقف إطلاق النار.

تضاف إلى ذلك المحاولات المعلنة لفرض وقائع جديدة في تلك المنطقة، سواء عبر جعل المناطق القريبة والمحاذية للنقاط الخمس التي يحتلها الجيش الإسرائيلي، مناطق خالية من الحياة كلياً، أو عبر زيارات ينظّمها الجيش الإسرائيلي لمجموعات من المستوطنين المتطرّفين إلى بعض المقامات الدينية باعتبار أنّها ملك لإسرائيل.

بيان الجيش

وحول هذا الأمر، أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، في بيان أمس، أنّه «في سياق مواصلة العدو الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان، عمد عناصر من القوات المعادية إلى إدخال مستوطنين لزيارة مقام ديني مزعوم في منطقة العباد – حولا في الجنوب، ما يمثل انتهاكاً سافراً للسيادة الوطنية اللبنانية».

وأكّدت القيادة، أنّ «دخول مستوطنين من الكيان الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية هو أحد وجوه تمادي العدو في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار». وشدّدت على أنّها «تتابع قيادة الجيش الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – اليونيفيل».

الكلام نفسه

في هذا الإطار، أبلغت مصادر وزارية إلى «الجمهورية» قولها، إنّ الملف الجنوبي يُشكّل بند المتابعة الأول على صعيد رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة، وما جرى في الأيام الأخيرة من استهداف للعائدين إلى بلداتهم بالإضافة إلى الخرق الفاضح باستقدام «حُجّاج» إسرائيليِّين إلى محاذاة بلدة حولا (موقع العباد) وهو أمر غير مسبوق. وبالتالي أوجب تزخيماً إضافياً للعجلة الديبلوماسية خصوصاً مع الراعيَين الأميركي والفرنسي لاتفاق وقف إطلاق النار».

وعمّا هو ردّ الراعيَين، اكتفت المصادر بالقول «إنّهم يولون الأمر اهتماماً كبيراً». إلّا أنّ مسؤولاً رفيعاً أجاب رداً على سؤال لـ«الجمهورية» عمّا يمكن أن يقوم به لبنان في هذا المجال، لبنان ملتزم بالقرار 1701 وباتفاق وقف إطلاق النار، و«اليونيفيل» ولجنة المراقبة وكل الناس تعرف أنّه من جانب لبنان لم يقم أي طرف بخرق للقرار وللاتفاق. فيما إسرائيل تخرق وتعتدي ولا مَن يُلزمها على وقف هذا الأمر. ومرّات كثيرة بل ومتتالية رُفِعت الشكوى إلى رعاة الاتفاق وحتى الآن ما زلنا نسمع الكلام ذاته والوعود ذاتها، ويقولون لنا إنّ لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق ستتحرّك وستتابع الموضوع، فيما لا نرى بالعَين المجرّدة سوى اعتداءات وخروقات إسرائيل المستمرة».

كلفة العدوان

في سياق متصل، قدّر البنك الدولي احتياجات إعادة الإعمار والتعافي في أعقاب الحرب على لبنان بنحو 11 مليار دولار أميركي، وفقاً لتقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان لعام 2025 (RDNA)، الذي يُقيِّم الأضرار والخسائر والاحتياجات في 10 قطاعات في جميع أنحاء البلاد خلال الفترة الممتدة من 8 تشرين الأول 2023 حتى 20 كانون الأول 2024.

وأوضح التقرير الذي صدر عن البنك الدولي، أنّ «هناك حاجة إلى تمويل بنحو 3 إلى 5 مليارات دولار أميركي من قِبل القطاع العام، منها مليار دولار أميركي لقطاعات البنية التحتية (الطاقة، الخدمات البلدية والعامة، النقل، المياه والصرف الصحي والري). في حين ستكون هناك حاجة إلى تمويلٍ من القطاع الخاص بنحو 6 إلى 8 مليارات دولار أميركي، يكون معظمه موجّهاً إلى قطاعات الإسكان، التجارة، الصناعة، والسياحة».

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى