جيمي كارتر، الفلاح الذي أصبح رئيساً للجمهورية
لكن بعد خروجه من البيت الأبيض، استطاع كارتر تعزيز مكانته بشكل كبير. أصبح من أبرز المدافعين عن السلام وحقوق الإنسان والقضايا البيئية.
ناشط في حقوق الإنسان
كان والده، الذي كان من مؤيدي الفصل العنصري بين البيض والسود، فلاحًا وتاجرًا، أما والدته، التي كانت تُدعى ليليان وكانت ممرضة، فقد انضمت إلى فيلق السلام في سن الـ68 وعملت في الهند لمدة عامين.
لكن بعد وفاة والده في عام 1953، استقال كارتر من وظيفته وعاد إلى مدينته لإدارة مزرعة عائلته التي كانت في حالة غير جيدة. تمكن من تغيير وضع الأعمال العائلية وحقق الثراء.
بدأ كارتر دخوله إلى السياسة من القاعدة، حيث انضم أولاً إلى بعض مجالس المدارس ولجان المكتبات، ثم انتخب عضوًا في مجلس الشيوخ بولاية جورجيا لدورتين. في عام 1966، ترشح لمنصب حاكم ولايته لكنه لم يحصل على موافقة الحزب الديمقراطي. في النهاية، تم انتخاب ليستر مادوكس، الذي كان من مؤيدي الفصل العنصري، حاكمًا للولاية.
لكن أداء كارتر في الحملة الانتخابية ساعده على تحسين مكانته بين الناخبين في جورجيا، وفي عام 1970 فاز في النهاية بمنصب حاكم ولاية جورجيا.
خلال فترة حكمه الأربع سنوات، كان كارتر من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان. كان يصر على أن فترة الفصل العنصري بين البيض والسود قد انتهت، وكان له دور مهم في وصول الأمريكيين من أصل أفريقي إلى المناصب الحكومية.
ومع ذلك، واجه صعوبة في التوازن بين معتقداته الدينية الصارمة وميوله الليبرالية في ما يتعلق بقانون الإجهاض. كان يدعم حق النساء في الإجهاض القانوني، لكنه كان ضد زيادة التمويل لهذا المجال. في عام 1974، بدأ حملته للترشح للرئاسة في وقت كانت البلاد لا تزال تعاني من تداعيات فضيحة ووترغيت واستقالة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون.
استفاد كارتر من انعدام الثقة العامة في السياسيين في واشنطن، وقدم نفسه كـ “غريب” عن النظام، مشيرًا إلى أنه لا يتورط في فساد أعضاء الكابيتول هيل (الكونغرس).
تعهد بعدم الكذب أبدًا أو تضليل الناخبين عمدًا. جعلت هذه الصورة العامة من شخص لا يملك الكثير من الفرص للفوز في الانتخابات محط اهتمام وسائل الإعلام، واعتُبرت خلو سجله من الفضائح من النقاط الإيجابية التي جذبت الناخبين.
في بداية عام 1976، أظهرت استطلاعات الرأي أن 4٪ فقط من الديمقراطيين يدعمونه. لكن بعد تسعة أشهر فقط، هزم الرئيس الحالي جيرالد فورد ليصبح أول شخص من ولاية جنوبية يصل إلى الرئاسة منذ عام 1848، عندما وصل زاكاري تايلور من ولاية لويزيانا إلى الرئاسة.
كان كارتر شخصية معقدة ورئيسًا غير تقليدي. لم يكن من السهل فهمه، على الرغم من أنه كان دائمًا ودودًا ومعتدلًا في الظهور العام وكان يبتسم دائمًا.
إخلاصه للصدق في السياسة جعله يقع في بعض الزلات. ففي أحد المقابلات مع مجلة “بلاي بوي”، قال: “لقد نظرت إلى العديد من النساء بدافع الشهوة. وفي كثير من الأحيان، ارتكبت الزنا في قلبي. الله يعلم أنني أفعل ذلك وسيغفر لي.”
كان يحب ارتداء الجينز والكنزات الصوفية. وبطبيعة الحال، كانت هذه الملابس مفيدة له بعد قراره إيقاف نظام التدفئة في البيت الأبيض لتوفير الطاقة. كما قام بتركيب ألواح شمسية على سطح المبنى، ولكن تم إزالتها لاحقًا في عهد ريغان.
شارك كارتر في “Fireside Chats” (الدردشات على النار) وشارك في برامج إذاعية وتلفزيونية تسمى “اسأل الرئيس كارتر”، حيث كان الجمهور يتصل هاتفياً للمشاركة.
مع تزايد المشكلات التي واجهها كارتر، مثل التضخم والبطالة وأزمة الطاقة، بدأ أسلوبه في الحكم يفقد جاذبيته. أدى التدهور الاقتصادي إلى انخفاض مستمر في شعبيته.
محاولته لإقناع الأمريكيين بقبول إجراءات اقتصادية تقشفية لمواجهة أزمة الطاقة في الصيف واجهت مشكلة كبيرة، حيث أعلن كامل طاقم حكومته عن استعداده للاستقالة. ولكن كارتر حقق نجاحات في مجالات أخرى، بما في ذلك محاولاته الشاقة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
كان توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن في عام 1978 يعتبر انتصارًا شخصيًا له.
في يونيو 1979 (خرداد 1358)، سافر إلى فيينا لتوقيع اتفاقية “سالِت 2” (معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية 2) مع الاتحاد السوفيتي.
سقوط حكم الشاه في إيران، ثم احتلال السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين، ثم غزو السوفييت لأفغانستان كانت اختبارات صعبة له.
في أبريل 1980 (فروردين 1359)، حاولت الولايات المتحدة، في مسعى يائس لتحرير الرهائن، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وفرضت عقوبات تجارية ضدها.
فشلت المحاولات العسكرية لإنقاذ الرهائن، مما أثار موجة من الانتقادات وأدى إلى استقالة وزير الخارجية سايروس فانس. هذه الأحداث أدت إلى تدمير آمال كارتر في إعادة انتخابه.
واجه كارتر تحديًا كبيرًا من السناتور إدوارد كينيدي للحصول على دعم الحزب الديمقراطي في انتخابات 1980، وبعد فوزه بترشيح الحزب، حصل على 41% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية. هذا لم يكن كافيًا لهزيمة منافسه الجمهوري رونالد ريغان، الذي فاز بسهولة في الانتخابات بعد تحقيق انتصار في جميع الولايات ما عدا ستة منها.
أعلن كارتر في آخر يوم له في الرئاسة عن نجاح مفاوضات الإفراج عن الرهائن، ولكن إيران تأخرت في إطلاقهم حتى بعد مراسم تنصيب ريغان. شكرًا لجهود كارتر في تحرير الرهائن، طلب ريغان منه السفر إلى ألمانيا للترحيب بهم.
سافر ممثلًا عن الولايات المتحدة في مهمة للسلام إلى كوريا الشمالية، مما أسفر عن توقيع وثيقة تعرف باسم “الإطار المتفق عليه” بهدف إغلاق برنامجها النووي.
ساعد كارتر أيضًا في إعادة رئيس جمهورية هايتي إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري في عام 1994، وشارك في الأنشطة الدبلوماسية في دول مثل الصين والبوسنة وإثيوبيا.
أصبح مركز كارتر، المكتبة التابعة له، من أبرز مراكز الأفكار والبرامج لحل المشكلات والأزمات الدولية. من بين المبادرات المهمة التي تم إطلاقها في المركز، منظمة دولية تسمى “جلوبال 2000″، وكان هدفها تحسين مكافحة الأمراض والإنتاج الزراعي في البلدان النامية.
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-12-31 00:34:01
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي