“لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط”.. هل الحل في المملكة العربية السعودية؟
“لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط”.. هل الحل في المملكة العربية السعودية؟
المصدر:لبنان ٢٤
ذكرت مجلة “Foreign Affairs” الأميركية أنه “على مدى العقد الماضي، وخاصة منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، افترضت إسرائيل أن قوتها العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية يمكن أن تشتري لها حلفاء بين دول الخليج العربي. وفي الأشهر الأخيرة، توصل المسؤولون الإسرائيليون أيضًا إلى الاعتقاد بأن التصعيد من شأنه أن يقلب التوازن الإقليمي لصالحهم، فقد تجبر حرب أوسع نطاقًا بين إسرائيل وإيران ووكلائها الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، على الانضمام أخيرًا وبشكل كامل إلى الإسرائيليين”.
وبحسب المجلة، “كان القادة الإسرائيليون يعتقدون أن اندلاع الحرب في الشرق الأوسط من شأنه أن يؤدي إلى تآكل المصالحة الهشة بالفعل بين دول الخليج وإيران، الأمر الذي يجعل هذه الدول،والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، تعتمد على الضمانات الأمنية من الحليف الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة.وكان المسؤولون الإسرائيليون يعتقدون أن معارضة الزعماء العرب للعمليات الإسرائيلية في غزة وجهودهم الدبلوماسية لدعم الفلسطينيين لم تكن في نهاية المطاف شاغلهم الأساسي، وبالتالي فإن التصعيد الإسرائيلي من شأنه أن يؤكد أن إيران تشكل التهديد الرئيسي لجيرانها العرب، الأمر الذي لا يترك أمام دول الخليج خيارا سوى التحالف بشكل أوثق مع إسرائيل”.
ورأت المجلة أن “افتراضات إسرائيل أثبتت خطأها، والواقع أن حرب إسرائيل في غزة والمنطقة الأوسع نطاقا تدفع المملكة العربية السعودية وإيران إلى التقارب. وفي الحقيقة، إن العمليات الإسرائيلية استهدفت بالفعل بعض أعداء المملكة العربية السعودية، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، ولكن احتمال اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط وضع المملكة العربية السعودية في موقف هجومي. فقد أعادت الرياض بشكل استباقي الالتزام بقضية الدولة الفلسطينية وسعت إلى إبقاء خياراتها الاستراتيجية مفتوحة، والانخراط مع الولايات المتحدة من ناحية وإيران والصين من ناحية أخرى. ولا شك أن التصعيد الإسرائيلي ضد إيران ووكلائها من شأنه أن يضغط على طهران، خوفا من العزلة، لتكثيف محادثاتها الأمنية مع الرياض، وربما تقديم ضمانات أمنية أكثر جرأة لدول الخليج. وبالنسبة للمملكة، فإن مثل هذه الضمانات أكثر أهمية من أي معلومات استخباراتية يمكن أن تقدمها إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية”.
وتابعت المجلة، “بالنسبة لواشنطن، قد يبدو التقارب السعودي مع إيران بمثابة خبر سيئ. فقد أمضى المسؤولون الأميركيون سنوات في الضغط على إسرائيل والمملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات، ولكن ينبغي للولايات المتحدة أن ترحب بتحول الرياض.فإذا تمكنت المملكة من إقامة علاقات عمل مع كل من إيران وإسرائيل، فيمكنها أن تلعب دورا جديدا ومفيدا في تخفيف التوترات في الشرق الأوسط، ويمكنها أن تعمل كوسيط بين الأطراف المتنافسة، وربما تضع حدا للتبادل الحالي بين إيران وإسرائيل. لقد قلبت أحداث العام الماضي الخطوط الحمراء الراسخة، ومعايير الردع، وقواعد الاشتباك التقليدية بين الأعداء، والرياض في وضع قوي فريد من نوعه لتوليد نظام إقليمي أفضل”.
وبحسب المجلة، “مع اتساع رقعة الصراع في المنطقة، أصبحت سياسة المملكة معرضة لخطر النتائج العكسية، فغيرت البلاد مسارها. فقد أظهرت عمليات إسرائيل المكثفة في غزة وهجماتها في لبنان، إلى جانب التبادلات الجديدة بين إيران وإسرائيل في أيلول وتشرين الأول، أن الولايات المتحدة غير قادرة أو غير راغبة في كبح جماح إسرائيل. كما كشفت هذه التصعيدات عن مدى تصميم إسرائيل على استخدام القوة العسكرية لتأكيد تفوقها في المنطقة وكشف نقاط الضعف الأمنية في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي أدى إلى تضييق الخيارات الاستراتيجية أمام الرياض. ومنذ أيلول، بدأت المملكة في التحول من الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس إلى انتقادات عامة أكثر قوة لإسرائيل ودعم الدولة الفلسطينية. وفي خطاب رئيسي ألقاه في أيلول أمام مجلس الشورى، صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان علناً بأن التطبيع مع إسرائيل سيكون مشروطاً بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة”.
ورأت المجلة أن “إسرائيل تعول على الأمل في أن تؤدي تصعيداتها إلى قلب ميزان القوى الإقليمي، وهي تراهن على أن الولايات المتحدة سوف تنجر في نهاية المطاف إلى هذه الديناميكية، مما يؤدي إلى إضعاف إيران وإمكانية تحقيق استقرار في الشرق الأوسط يرتكز على التحالفات بين إسرائيل ودول الخليج. ورغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قد يحاول السعي إلى تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل على غرار اتفاقات إبراهيم، فإن المملكة ينبغي لها أن ترد على ذلك من خلال الترويج لحل الدولتين على الفور، قبل التطبيع. قد يخيب هذا آمال ترامب، ولكن الولايات المتحدة ينبغي لها أن ترحب بمثل هذا الجهد السعودي كوسيلة لإنهاء الصراع الذي يحيط بالمنطقة حاليا. والواقع أن النوع الجديد من التوازن الذي بدأت المملكة العربية السعودية ودول الخليج في السعي إلى تحقيقه يجعلها في وضع أفضل على نحو متزايد لخفض التوترات الإقليمية”.
وختمت المجلة، “ينبغي لواشنطن أن تدرك أن قوة المملكة العربية السعودية تخدم الجميع، فهي قادرة على إضعاف قوة إيران، كما يمكنها أن تدفع إسرائيل إلى عقد السلام مع الفلسطينيين. وبهذا، تتمتع السعودية بموقع فريد يسمح لها بالمساعدة في وقف القتال الذي أحدث دماراً هائلاً في مختلف أنحاء الشرق الأوسط”.