عودة ترامب إلى السلطة والتحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني
ومن المحتمل أنه بعودة ترامب إلى السلطة، يحاول فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على البضائع الصينية. وبالنظر إلى الحجم الحالي للتجارة بين البلدين، والذي يبلغ حوالي 650 مليار دولار، فإن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تقلل بشدة من صادرات الصين إلى الولايات المتحدة. ويقدر الخبراء أن حجم التجارة قد ينخفض إلى 100 مليار دولار، وهو ما يمثل ضربة اقتصادية قاسية لبكين.
وردا على ذلك فإن الولايات المتحدة قد تخسر مكانتها باعتبارها الشريك التجاري الأكبر للصين، ومن المرجح أن تتحرك الصين نحو علاقات اقتصادية أقوى مع اليابان وكوريا الجنوبية وروسيا، وبالتالي خلق ديناميكيات سوق جديدة في آسيا.
تقليل الضغوط الجمركية
ومما لا شك فيه أن الصين ستحاول التعويض عن هذه الخسائر من خلال البحث عن طرق إمداد بديلة. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد إعادة توجيه الصادرات عبر دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وإندونيسيا في تقليل الضغوط الجمركية. ومن خلال القيام بذلك، قد تحتفظ بكين بحوالي 200 مليار دولار من الصادرات، على الرغم من أن فائضها التجاري سيظل يتقلص بنحو 30 إلى 50 في المائة، أي خسارة تبلغ حوالي 300 مليار دولار.
وستكون هذه التحديات كبيرة بالنسبة للاستقرار الاقتصادي في بكين، وخاصة بالنسبة لحكومة شي جين بينج، التي أعطت الأولوية للإنتاج المحلي ونمو الصادرات.
تتمثل إحدى الاستراتيجيات المحتملة للصين في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا أقل تطرفا بشأن البضائع الصينية، مما يوفر لبكين “جسرا اقتصاديا” عبر المحيط الأطلسي. ومع ذلك، هناك حدود، حيث تتأثر السياسات الأوروبية أيضا بالضغوط الخارجية، وخاصة من الولايات المتحدة.
ومن الممكن أن تؤثر سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها ترامب بشكل أكبر على التحالف عبر المحيطات، الذي عمل منذ فترة طويلة على تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من خلال التجارة متبادلة المنفعة. وهذا التحالف، الذي بني على سنوات من التعاون الوثيق، سوف يضعف بشدة مع انخفاض حجم التجارة. وسوف تواجه الشركات الصينية والأمريكية التي تعتمد على التجارة عبر المحيطات خسائر وتقلص نفوذها السياسي، مما يزيد من تعقيد احتمالات استعادة العلاقات في المستقبل المنظور.
التداعيات المحتملة على اليابان وكوريا الجنوبية
إن رغبة ترامب في إبعاد الولايات المتحدة عن الدعم النشط لليابان وكوريا الجنوبية يمكن أن تؤدي إلى الإخلال بتوازن القوى الإقليمي. ومن المرجح أن تصبح اليابان واحدة من أكبر الشركاء الاقتصاديين للصين، ولكنها سوف تشعر بالقلق إزاء نفوذ الصين المتنامي والتعدي الصيني المحتمل على تايوان. وبالنسبة لكوريا الجنوبية فإن احتمال إضعاف التحالف مع الولايات المتحدة أمر مثير للقلق بقدر ما تواجهه من حالة من عدم اليقين في علاقاتها مع الصين وكوريا الشمالية. وفي نهاية المطاف، قد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح في المنطقة حيث تعمل الدول الآسيوية على تعزيز قدراتها الدفاعية.
وفي ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي هذا، يصبح الوضع في شبه الجزيرة الكورية أكثر تعقيدا. ولا تزال العلاقات بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية متوترة، على الرغم من أن ترامب معروف بنهجه المرن تجاه كوريا الشمالية. وقد تفسر بيونغ يانغ هذا الموقف على أنه ضوء أخضر لتعزيز موقفها. وفي الوقت نفسه، سوف تتعرض كوريا الجنوبية لضغوط من كل من الصين وكوريا الشمالية، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
إن عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي لن تؤدي إلى تغييرات في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة فحسب، بل وأيضا إلى تغييرات عميقة في توزيع القوة العالمية. وإذا ركزت سياسته على عزل الصين من خلال التعريفات الجمركية والامتناع عن التدخل في الصراعات الآسيوية، فقد يؤدي ذلك إلى خلق فراغ في المنطقة. ومن المرجح أن تسعى الصين إلى ملء هذا الفراغ، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في شرق آسيا وربما إشعال صراعات بين اليابان وكوريا الجنوبية.
ستواجه الصين موقفا معقدا يتمثل في موازنة خسارة السوق الأمريكية مع الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وفي مثل هذا الوضع، قد تتخذ بكين موقفا أكثر عدوانية تجاه تايوان وتعزز تعاونها مع الدول الآسيوية الأخرى، بينما تراقب الولايات المتحدة هذه الأوضاع بحذر ومن بعيد.
المصدر: موقع بازار
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-11-13 01:31:41
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي