الجمهورية: هوكشتاين يظهر في واشنطن.. والجواب الإسرائيلي لا يفتح ثغرة
المصدر:الوكالة الوطنية للإعلام
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية”: لم تتضح بعد أي ملامح لما يُحكى عن حلّ يوقف إطلاق النار في غزة كما في جنوب لبنان، على رغم من كثافة الاتصالات الديبلوماسية الجارية في مختلف الاتجاهات، في ظل تصاعد المواجهات في غزة كما في الجنوب، حيث واصلت إسرائيل عدوانها، خصوصاً على لبنان، حيث حاولت قواتها أمس التقدّم إلى بلدة الخيام فصدّها رجال المقاومة مكبدينها مزيداً من الخسائر في الجنود والآليات، في الوقت الذي واصل طيرانها غاراته التدميرية في الجنوب والبقاع وطاول امس منطقة حارة صيدا والصرفند موقعاً 20 شهيداً وأكثر من 40 جريحاً.
اعتقد الجميع انّه في إسرائيل منذ الاثنين، وإذ بالموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين يعلن عبر منصة «إكس» انّه موجود في واشنطن، ليتبين أنّه لم يزر إسرائيل بعد، وأنّ كلّ ما تردّد إعلاميًّا عن لقاء جمعه برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «مجرّد كلام لا أساس له من الصحة».
ولفتت مصادر ديبلوماسية وسياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، إلى انّ أخبار هوكشتاين تفتقر إلى كثير من الجدّية. فهو ومنذ زيارته الاخيرة لبيروت لم تشر المعلومات الى اي حراك له سوى لقاءاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومنها انتقل الى باريس، وقيل إنّه التقى بأعضاء من الخلية الفرنسية المكلّفة متابعة الوضع في لبنان ومن بعدها انقطعت أخباره. وجزمت هذه المصادر بأنّ الأخبار عن جهوده تفتقر إلى الدقة، ولربما كانت من نسج الخيال ويُستثنى منها ما تسرّب من لقائه مع بري، حيث قيل إنّه وعده بأنّه سيعود إليه بجواب اسرائيلي على اقتراحاته الجديدة في مهلة انتهت اول امس، ولم تتوافر أي معلومات في هذا الإتجاه.
«مرحلة متقدّمة»
وفي المقابل، أفادت «يديعوت أحرونوت»، أنّ «المحادثات الجارية من أجل التوصل إلى تسوية في لبنان بلغت مرحلة متقدمة». ولفتت إلى أنّ «هوكشتاين يقود هذه الجهود، ويعتزم زيارة كل من اسرائيل ولبنان».
كذلك نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر غربيّة، قولها إنّ «حزب الله» وافق على فصل ملفّ لبنان عن غزة، لافتةً إلى أنّه «حصل على الضوء الأخضر من إيران للتراجع إلى شمال الليطاني». وكشفت أنّ «المقترح الجديد يبدأ بوقف إسرائيل و«حزب الله» الأعمال القتالية لمدة 60 يوماً، ويتضمن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب». كما لفتت المصادر الغربيّة، إلى أنّه سيتمّ تعزيز قوات «اليونيفيل» واستبدالها بقوات أخرى من جنسيات ألمانية وفرنسية وبريطانية.
لكن قناة «سكاي نيوز عربية»، نقلت عن «مصدر لبناني»، أنّ «المعلومات التي نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» بشأن مقترح تسوية في لبنان غير صحيحة».
وأضاف المصدر، أنّ «هوكشتاين، لن يعود إلى لبنان قبل الانتخابات الأميركية».
ونقلت قناة «سكاي نيوز عربية» عن مصدر قريب من بري، رداً على الحديث عن التوصل إلى اتفاق لوضع خريطة طريق لوقف إطلاق النار وتفعيل القرار 1701 خلال زيارة هوكشتاين الأخيرة لبيروت «أنّ الموقف الرسمي اللبناني لا يزال ثابتًا، على رغم من التسريبات الإعلامية التي تمّ تداولها أخيرًا».
والى ذلك، نسبت صحيفة «يسرائيل هيوم» إلى مسؤول سياسي إسرائيلي قوله «إنّ الاتفاق المرتقب سيستند إلى القرار 1701، مع التركيز على تأمين دعم أميركي لعمليات إسرائيل الرامية إلى منع نقل الأسلحة الإيرانية إلى لبنان». وأوضح المسؤول «أنّ الجدول الزمني لإنهاء الحملة العسكرية في لبنان قريب، حيث يُتوقع أن يستمر لأسابيع قليلة، مع تأكيد أنّ الاتفاق سيعزز قدرة إسرائيل على منع «حزب الله» من الاقتراب من الحدود». ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي، أنّ «الجدول الزمني لنهاية الحملة في لبنان قريب ويتضمن أسابيع قليلة».
وفي سياق متصل، أفاد موقع «أكسيوس» أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد اجتماعات مع وزرائه للبحث في الاتصالات الهادفة إلى التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في لبنان. فيما أشار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى أنّ «الحرب في الشمال ستنتهي قبل نهاية العام وربما قبل ذلك بالنسبة لي، وعام 2025 هو عام الخروج من الحرب بالنسبة الينا».
الجواب الإسرائيلي
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، إن الجواب الإسرائيلي على الطرح اللبناني الذي حمله هوكشتاين لم يسمح بفتح ثغرة في جدار الأزمة، في الأيام القليلة السابقة للانتخابات الرئاسية، وفق تصور الوسيط الأميركي. فقد رفع نتنياهو وأركان حكومته من سقف الشروط إلى الحدّ الذي لا يمكن لبنان إطلاقاً قبوله. فهؤلاء يريدون أن يكون لإسرائيل نفسها حق الإشراف على تنفيذ التسوية التي اقترحها هوكشتاين، والتدخّل عسكرياً ساعة تشاء لفرض التنفيذ بالقوة. وهذا الأمر يشكّل استفزازاً يستحيل على لبنان أن يقبل به، مهما غلت الأثمان.
واضافت المصادر، إنّ اقتراح هوكشتاين وقف النار حتى نهاية السنة الجارية، واستغلال ذلك فرصةً لفرض ترتيبات أمنية في الجنوب، اصطدم بالتصعيد الإسرائيلي. وإذ يؤيّد الأميركيون وجود حدّ معين من الضمانات لطمأنة إسرائيل في أي تسوية مع لبنان، فإنّهم يطالبون «حزب الله» عبر أركان السلطة في لبنان باعتماد المرونة والقبول علانية بالتزام منطوق القرارين 1559 و1680، ما يؤدي إلى حل هذه الأزمة».
وتردّد في بعض الأوساط أنّ إعلان «الحزب» عن اختيار الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً له، في هذه اللحظة الدقيقة سياسياً، يمكن أن يزيد الانطباعات بلبنانية خياراته إلى حدّ بعيد، وهذا الأمر قد يرفع من حظوظ وقف النار والتسوية.
تطور مباغت
في هذه الاجواء، عيّنت قيادة «حزب الله» نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلفاً للأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله.
وقالت القيادة في بيان اصدرته امس، الآتي: «إنطلاقًا من الإيمان بالله تعالى، والالتزام بالإسلام المحمدي الأصيل، وتمسُّكًا بمبادئ «حزب الله» وأهدافه، وعملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى «حزب الله» على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًّا لحزب الله، حاملاً للراية المباركة في هذه المسيرة، سائلين المولى عزّ وجلّ تسديده في هذه المهمّة الجليلة في قيادة «حزب الله» ومقاومته الإسلامية.
إننا نعاهد الله تعالى ونعاهد روح شهيدنا الأسمى والأغلى سماحة السيد حسن نصر الله (رض) والشهداء، ومجاهدي المقاومة الإسلامية، وشعبنا الصامد والصابر والوفيّ، على العمل معًا لتحقيق مبادئ «حزب الله» وأهداف مسيرته، وإبقاء شعلة المقاومة وضَّاءة ورايتها مرفوعة حتى تحقيق الانتصار، والله غالب على أمره، إنَّ الله قويٌ عزيز».
وقد شكّل انتخاب قاسم اميناً عاماً لحزب الله تطوراً لافتاً «باغت» القيادة الإسرائيلية التي سارعت عبر وزير الدفاع يوآف غالانت الى التهديد باستهداف قاسم.
ومن الواضح أنّ توافق مجلس الشورى على اختيار قاسم اميناً عاماً قبل أن تضع الحرب اوزارها إنما يؤشر إلى حرص الحزب على استكمال رحلة التعافي من دون أي تأخير، في اعتبار أنّ ذلك يحسّن شروط المواجهة ويعزز دور وصلاحيات قاسم في إدارة الميدان وملف التفاوض السياسي على وقف إطلاق النار.
وأكّدت اوساط قريبة من الحزب لـ«الجمهورية»، انّ انتخاب قاسم أميناً عاماً على إيقاع تحدّيات العدوان الاسرائيلي، يعكس إرادة المواجهة والصمود لدى المستوى القيادي للحزب، والتي تتكامل مع إنجازات المقاومة وثباتها في الميدان العسكري.
واشارت الاوساط إلى انّ انتخاب قاسم في هذا التوقيت وفي هذه الظروف ينطوي على رسالة إلى كل من يهمّه الأمر في الداخل والخارج، بأنّ الحزب لا يزال أقوى مما يظنه أعداؤه وخصومه. واعتبرت «انّ مفاعيل ملء الفراغ في موقع الأمانة العامة ستسري تلقائياً على مجمل هيكل الحزب الذي سيستعيد الكثير من مناعته وانتظامه بوجود مرجعية قيادية خلفاً للسيد الشهيد حسن نصرالله، خصوصاً انّ قاسم هو ملمّ، انطلاقاً من موقعه السابق، بتفاصيل الملفات الاساسية التي يُعنى بها الحزب».
وأشار نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي في حديث متلفز، الى انّ «كل الشواغر في الهيكل القيادي لحزب الله مُلئت»، مؤكّداً انّ «إعلان شغل الشيخ نعيم قاسم منصب الأمين العام لا يرتبط بتطور سياسي». وقال: «انّ تهديد غالانت المبطن باغتيال الشيخ نعيم قاسم لا يرهبنا، وانّ الحديث الإسرائيلي عن خسارتنا جزءاً كبيراً من قوتنا الصاروخية محض كذب».
العدّ التنازلي
وكان غالانت علّق على تعيين قاسم قائلاً انّه «تعيين موقت، وليس لفترة طويلة»، وذلك في اشارة الى وضعه هدفاً على لائحة الاغتيالات الاسرائيلية. ثم نشر لاحقاً على منصة «إكس» صورة نعيم قاسم، وكتب: «لقد بدأ العدّ التنازلي لموعده». فيما قال وزير الطاقة الإسرائيلي «إنّ كل من يقف على رأس الحزب هو هدف محتمل للاغتيال». وشدّد كوهين على «ضرورة الإبقاء على وجود عسكري إسرائيلي في لبنان لحماية البلدات الشمالية القريبة من الحدود». موضحاً أنّه «قد يُسمح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى منازلهم بعد أسابيع، بشرط أن تسمح الظروف الأمنية بذلك».
موفد قطري
على صعيد آخر، لم تؤكّد مصادر وزارة الخارجية ما نُشر حول زيارة الموفد القطري ابو فهد بن جاسم الى بيروت غداً، لكنها لفتت الى أن ليس ضرورياً ان نكون على علم بزيارته. فقد سبق له أن قام بزيارات عدة للبنان من دون ان يكون لها الطابع الديبلوماسي، وانّ في امكانه الحضور متى شاء. وإن صحّت المعلومات الخاصة بالزيارة، لفتت المصادر إلى أنّ من المحتمل ان يحمل صورة عن حصيلة لقاءات قطر في عطلة نهاية الاسبوع، بعدما استضاف رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأحد الماضي كلاً من مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز ورئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي ديفيد برنياع. وكان لافتاً أنّ رئيس جهاز المخابرات المصرية حسن رشاد قد تغيّب عن اجتماع الدوحة الذي قيل انّه سيكون الضيف الثالث عليه.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري امس، أنّ قطر ستعمل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «حتى اللحظة الأخيرة» قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وأعلن أنّ «هناك خطوطاً متوازية للعمل على خفض التصعيد في لبنان وغزة». وقال إنّ «قطر تحاول استثمار كل الفرص للوصول إلى حل دائم، وإنصاف الأشقاء الفلسطينيين»، مشيراً إلى أنّه «لا يمكن التعليق على محتوى المفاوضات (في الدوحة) لكن تمّ تحقيق الكثير». وأكّد أنّ «اللقاءات مستمرة في الدوحة والقاهرة وعواصم أوروبية بحثاً عن مقترح للمفاوضات»، مضيفاً: «نعمل في شكل وثيق مع شركائنا في مصر والولايات المتحدة للوساطة بشأن المفاوضات، وهدفنا احتواء الصراع في غزة وعدم توسع التصعيد في المنطقة».
قيادة «اليونيفيل»
من جهة ثانية، تعرّضت قوات «اليونيفيل» لاعتداء جديد، وأصدرت قيادتها بياناً قالت فيه انّ صاروخاً اصاب بعد ظهر امس مقرّها العام في الناقورة، «مما أدّى إلى اندلاع حريق في ورشة تصليح آليات». واضافت: «لم يكن جنود حفظ السلام في الملاجئ وقت وقوع الحادث. وبينما أصيب بعض جنود حفظ السلام بجروح طفيفة، فأنّه ولحسن الحظ لم يُصب أحد بجروح خطيرة. تمّ إطلاق الصاروخ من شمال المقر العام لليونيفيل، على الأرجح من قبل «حزب الله» أو مجموعة تابعة له، وقد فتحنا تحقيقاً في الحادث».
وقالت: «إننا نذكّر «حزب الله» وجميع الجهات الفاعلة بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها. إنّ أي هجوم متعمّد عليهم هو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي والقرار 1701». وأعلنت وزارة الدفاع النمساوية عن «إصابة 8 جنود نمساويين من قوات «اليونيفيل» في هجوم صاروخي على بلدة الناقورة جنوب لبنان». وكشفت أنّ «لا إصابات خطيرة، ومصدر الهجوم ليس واضحاً في الوقت الراهن». وندّدت بالهجوم، مشيرة إلى أنّه «من غير المقبول تعريض قوات الأمم المتحدة للخطر».