طالبان والمخدرات؛ مستودعات ممتلئة وسوق مزدهرة
وحظر زعيم طالبان هبة الله أخوند زادة في مرسوم صدر في نيسان/ابريل 2022، زراعة الخشخاش وبيع وشراء وتهريب المخدرات، وقال أنه سيتم معاقبة الذين يتمردون على هذا الأمر.
ومذاك، زعمت سلطات طالبان مرارا أنها أوصلت زراعة الخشخاش في افغانستان إلى “الصفر” واعتبرت أن ذلك يمثل أحد أكبر إنجازاتها.
وحتى أن هذه المجموعة عرضت في اجتماع الدوحة الثالث، مقطع فيديو دعائي لمسؤولي الأمم المتحدة وممثلي الدول، يظهر إجراءاتها في مجال مكافحة المخدرات، وهو الفيديو الذي وصفه القائم باعمال السفارة الأمريكية في تصريح أدلى به للصحفيين بانه “يحتوي على الكثير من التفاصيل.”
ومع ذلك، تُظهر تقارير مؤسسات المراقبة والأمم المتحدة أن إجراءات طالبان في مجال مكافحة المخدرات، لم تؤد إلى وقف تجارة الأفيون في البلاد فحسب، بل جعلت هذه التجارة أكثر فائدة وربحية.
مستودعات مليئة وسوق مزدهرة
وسلطت هيئة التفتيش الامريكية الخاصة بإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) في تقرير لها حديثا، الضوء على تجارة المخدرات في أفغانستان الخاضعة لسلطة طالبان.
وأفاد التقرير أن المزارعين وكبار ملاك الأراضي في جنوب وجنوب غربي أفغانستان كانوا قد خزنوا كميات لافتة من الأفيون في مخازنهم ومستودعاتهم قبل صدور طالبان مرسوم منع زراعة الخشخاش.
وجاء في التقرير أن الأرقاء والإحصاءات تشير إلى أن كميات الأفيون المخزنة في المستودعات في أفغانستان، بعد أصدار أمر طالبان، بلغت 16 ألفا و 567 طنا.
وقال المفتش الأمريكي الخاص أن سوق المخدرات المزدهرة في أفغانستان وإصدار مرسوم حظر زراعة المخدرات، دفعا بالتجار والمزارعين إلى احتكار الأفيون، وبالتالي ارتفاع أسعاره لعدة أمثال وجني تجار المخدرات، بمن فيهم بعض كبار مسؤولي طالبان، أرباحا هائلة.
وجاء في تقرير المفتش الأمريكي الخاص أن سعر الكيلوغرام الواحد من الأفيون وصل في آب/أإسطس 2023 إلى 417 دولارا، لكنه وصل في مطلع كانون الأول/ديسمبر السنة ذاتها إلى 802 دولار وفي نهاية هذا الشهر إلى ألف و 100 دولار.
وتابع انه على الرغم من أن طالبان خفضت زراعة الخشخاش، لكنها لم تتخذ أي إجراء ضد مستودعات المخدرات، وما زالت تجارتها وتهريبها، يدران أرباحا هائلة.
وفي وقت سابق، كان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قد أماط في تقرير اللثام عن جزء آخر من تجارة المخدرات في أفغانستان الخاضعة لهيمنة طالبان.
وقال المكتب الأممي في تقريره أنه في أعقاب حظر طالبان، لزراعة الخشخاش لجأ التجار والمزارعون إلى إنتاج “المخدرات الصناعية” بصورة سرية، وتهريبها إلى البلدان الجارة واسيا الوسطى وروسيا وأوروبا.
وأضاف في تقريره أنه في أعقاب سيطرة طالبان على أفغانستان، وحظرها لزراعة الخشخاش، فان كميات الميثامفتامين التي أنتجت في أفغانستان وتم كشفها وضبطها في البلدان الجارة لا سيما ايران، تزايدت بشكل ملحوظ وحلت محل الأفيون.
وأكدت الأمم المتحدة أن طالبان، لم تتخذ إجراء ضد مصانع إنتاج المخدرات الصناعية، وأن عددا من مسؤولي هذه المجموعة، كان لهم ضلع في إنتاج هذه المخدرات وتهريبها والاتجار بها.
واوضح التقرير الأممي أن أهم مصانع إنتاج المخدرات الصناعية، تقع جنوبي أفغانستان؛ حيث المقر الرئيسي لقادة طالبان بمن فيهم الملا محمد عمر وهبة الله أخوند زادة وعبد الغني برادر.
انعدام الزراعة البديلة والاعتماد على اقتصاد المخدرات
ومن أبرز التحديات على طريق مكافحة المخدرات في أفغانستان، هو اعتماد قطاع كبير من المزراعين وصغار التجار على الاقتصاد القائم على المخدرات.
وجاء في تقرير المفتش الأمريكي الخاص أنه على النقيض من المزارعين من أصحاب الأراضي الذين استفادوا من حظر طالبان للأفيون، فانهم يدعمون أمر هذه المجموعة طالما لم تنفد مخزوناتهم، بيد أن قسما كبيرا من سكان القرى في أفغانستان، تضرروا بسبب هذا الأمر وعارضوه.
واستند المفتش الأمريكي الخاص إلى التقرير الأخير لمؤسسة السلام الأمريكية ليقول أن حظر زراعة الخشخاش، تسبب بخسارة قطاع كبير من سكان أفغانستان، عائدا سنويا بنحو مليار دولار.
وجاء في تقرير هذه المؤسسة أن تلك الأسر الأفغانية التي تعتمد على الاقتصاد القائم على تجارة الأفيون، تعرضت لخسائر اقتصادية، وتسعى الان للتكيف مع الخسائر الاقتصادية من خلال بيع ممتلكاتها وتناول أطعمة أقل وبجودة متدنية وسحب أبنائها من المدارس المتوسطة وإدخالهم في سوق العمل.
وأضاف التقرير أن العديد من المزارعين، وبعد حظر زراعة الخشخاش، زرعوا أراضيهم بالقمح، بيد أن القمح لا يمكن أن يكون بديلا مستداما للخشخاش.
كما قالت وحدة أفغانستان للتحقيق والتقييم أن الشعب الأفغاني يستخدم القمح كمنتج غذائي، لا كمنتج تجاري، لذلك ليس بوسعهم الاعتماد على القمح كمنتج يدر عليهم المال بدلا من الأفيون.
وأضافت أن سوق القمح في أفغانستان، يتم إغراقه بالقمح زهيد الثمن المستورد من باكستان، وهذا يؤدي إلى عدم قدرة مزارعي القمح على التنافس في السوق بالتالي يفقد القمح ميزته التجارية بالنسبة لهم.
وأكدت الأمم المتحدة مرارا أن المزراعين الأفغان، تضرروا من حظر زراعة الخشخاش، ويجب إيجاد الزراعة البديلة له.
وتمت مناقشة هذا الموضوع حتى في اجتماع الدوحة الثالث، لكنه لم يتم بعد إيجاد الزراعة البديلة للخشخاش في أفغانستان.
وتظهر تقارير الأمم المتحدة ومؤسسات المراقبة والإشراف أنه على الرغم من الدعاية الواسعة التي تمارسها طالبان، لكنها لم تتخذ إجراءات جادة ضد مستودعات المخدرات والمخدرات الصناعية في البلاد، ولهذا السبب، ظلت تجارة المخدرات في أفغانستان، مزدهرة.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-08-08 07:15:07
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي