ٍَالرئيسية

المناظرات والانتخابات الرئاسية الايرانية؛ سياسة واقتصاد وثقافة

شفقنا – انتهت فترة الحملات والدعاية الانتخابية للرئاسيات الايرانية في دورتها الرابعة عشرة صباح يوم الخميس على أن تُجرى يوم الجمعة 28 حزيران/يونيو بين المرشحين الخمسة ( بعد انسحاب أمير حسين قاضي زادة هاشمي) وهم مصطفى بور محمدي وسعيد جليلي وعلي رضا زاكاني ومسعود بزشكيان ومحمد باقر قاليباف  لانتخاب تاسع رئيس للجمهورية الاسلامية الايرانية.

وفي هذا السياق، أقيمت خمس مناظرات تلفزيونية بمشاركة المرشحين الذين تحدثوا فيها عن رؤاهم ومواقفهم تجاه القضايا الداخلية للبلاد والسياسة الخارجية. فقدموا وعودا للداخل بشأن الاقتصاد والثقافة وطريقة تعاملهم مع الخارج.

ويمثّل مسعود بزشكيان، التيار الإصلاحي وكان في المناظرات، هدفا لهجمات معظم المرشحين الأصوليين، بيد أنه رد عليهم بهدوء من دون أن تثيره هجمات المرشحين الأصوليين وتجعله يفقد السيطرة على الموقف. فتجاهل بعض الهجمات ورد على بعضها الاخر. ويقول الموالون له أنه كان الفائز في هذه المناظرات لانه تحدث بصراحة ومن دون مواربة وعبّر عن وجهات نظره تجاه مختلف القضايا الداخلية والخارجية.

ويذهب المحللون السياسيون إلى أن مصطفى بور محمدي كان الفائز الاخر في المناظرات. إنه بوصفه سياسيا محنكا يعرف حتما أنه لا تتوفر لديه حظوظ الفوز، لكنه عزز موقعه السياسي في ظل قدرته على التعبير وأدبياته وتبيانه لبعض الحقائق التي دارت خلف الكواليس لا سيما الكشف عن بعض القضايا التي تعلقت بالمرشح الأصولي سعيد جليلي.

وبدا مصطفى بور محمدي، أنه يتقن الحوار والمحاجة . وهاجم في المناظرات، قدر ما استطاع، كلا من جليلي وقاليباف وحتى بزشكيان لانه بحسب المراقبين يسعى لفصل نفسه عن التيارين الأصولي والإصلاحي والظهور بمظهر المرشح المستقل.

وبدا سعيد جليلي في هذه الدورة من الانتخابات الرئاسية حسب المراقبين، هو ذاته الذي كان عليه خلال الدورات السابقة. فجاء يكرر ما قاله سابقا من دون خطط واستراتيجية جديدة. لكنه تلقى أفدح ضربة في المناظرات عندما هاجمه مصطفى بور محمدي حين قال أن جليلي أبلغه أنه يوافق على الانضمام الى مجموعة العمل المالي (فاتف) لكنه لا يريد فعل ذلك في حكومة حسن روحاني.

وكان سعيد جليلي، قد ركز في رئاسيات عام 2013 على “الإمكانات الداخلية” لكنه وصل في هذه الدورة من الرئاسيات إلى “الإمكانات والقدرات العالمية” من خلال شعار “عالم من الفرص”. وربما هذا يمثل أهم تباين بين جليلي عامي 2013 و 2024. ويقول أنه صاحب خبرة تمتد لـ 35 عاما في السياسة الخارجية.

وقال أحد الخبراء الذين شاركوا في الطاولات المستديرة ضمن الحملات الانتخابية الرئاسية في التلفزيون الايراني أن مفردة “يجب” تكررت على الدوام في كلامه أكثر من “كيف”. بعبارة أخرى، جليلي يقول أن الأمر “يجب” أن يكون كذلك لكنه لا يشير إلى “كيفية” تحقيق ما يجب القيام به.

وفيما يخص المرشح الأصولي علي رضا زاكاني، يذهب المراقبون إلى أنه يعرف تماما أنه لا يملك قاعدة شعبية كبيرة تؤهله للفوز بالرئاسية، لذلك جاء لمهاجمة المرشح الإصلاحي، لينصرف بعد المناظرات، رغم أنه أعلن في المناظرة الثالثة أنه سيبقى في السباق الرئاسي حتى النهاية بعد ما اتهمه بزشكيان بانه مرشح “إسناد وتغطية” وسينسحب من السباق.

ولم تؤخذ وعوده التي وصفها الكثيرون بأنها “خيالية” بما فيها تقديم الدعم بالذهب وخفض سعر البنزين إلى النصف وغيرها، على محمل الجد.

وسعى الأصولي الاخر أمير حسين قاضي زادة هاشمي وأكثر من أي مرشح آخر، للاستفادة من الرصيد الاجتماعي للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، ونقل هذه الرسالة للمتلقين من أنه سيستمر في السير على خطى إدارة رئيسي.

ويقول المراقبون في هذا الصدد أنه يبدو أنه لم يكن مهما بالنسبة لأمیر حسین قاضي زادة هاشمي، الفوز بالرئاسة أكثر من كونه يريد رد الجميل للرئيس الراحل.

أما محمد باقر قاليباف، فقد ترشح للانتخابات الرئاسية منذ العام 2005، لذلك يُعد المرشح المخضرم في تاريخ الانتخابات الرئاسية للجمهورية الاسلامية الايرانية. وباتت رئاسة الجمهورية بالنسبة له حلما، وإلا فانه يتولى حاليا منصب رئيس البرلمان، الذي يشكل إحدى السلطات الثلاث إلى جانب السلطتين التنفيذية والقضائية.

وحاول قاليباف في هذه المناظرات، النأي بنفسه عن الدخول في شجار وصراعات مع المرشحين الاخرين. رغم أنه، هاجم بزشكيان لكن ليس بعنف، بل آثر أن يقدم برامجه وخططه ليوحي للجماهير أنهم إن كانوا يريدون رئيسا قويا، فها هو ذلك الرئيس.

ودافع قاليباف عن القانون الذي صادق عليه البرلمان تحت عنوان “قانون الإجراء الاستراتيجي لرفع العقوبات وحماية حقوق الشعب الايراني” وقال أنه أسهم في زيادة مبيعات النفط، بيد أن مصطفى بور محمدي دحض هذه النظرية وقال أن زيادة مبيعات النفط كانت ناتجة عن قضايا أوكرانيا والتنافس بين الصين وأمريكا وتطورات سياسية أخرى.

وتحدث عن خططه وقدم وعودا بما فيها زيادة رواتب الموظفين ومنح قطع أراض وبيوت للمتزوجين الشبان وكذلك بناء جدار على الحدود الشرقية مع باكستان وأفغانستان وطرد الرعايا الأجانب غير الشرعيين وكذلك تطوير شواطئ مكران على بحر عمان.

وعلى هامش المناظرات، يرى المراقبون أن ارتداء قاضي زادة هاشمي، القميص الأسود جاء للتأكيد على وفائه وحداده على الرئيس الراحل، بينما جاءت مشاركة بزشكيان، وهو حليق اللحية لافتة للانظار.

وحتى كتابة هذا التقرير، أعلن أمير حسين قاضي زادة هاشمي انسحابه من السباق الرئاسي ولم يذكر لصالح من انسحب بل قال انه تخلى عن مواصلة  المشوار استجابة لطلب خطي تقدم به “المجلس الأعلى لإجماع قوى الثورة” وكذلك بعض رجال الدين والمخلصين، معربا عن أمله في “أن يتوصل الأخوة الثلاثة الاخرين في الفرصة المتبقية إلى إجماع في سبيل تعزيز جبهة الثورة.” في إشارة إلى جليلي وقاليباف وزاكاني. وقد ينحسب علي رضا زاكاني من مواصلة السباق الرئاسي أيضا، ليبقى جليلي وقاليباف على الأرجح في المشهد الانتخابي.

غير أن مراقبين يقولون أن عدم توصل المرشحين الأصوليين إلى إجماع على مرشح واحد أو مرشحين قد يؤدي إلى تصعيب الأمور عليهم وتشتت الأصوات بينهم إذ سيكون ذلك لصالح المرشح الإصلاحي بزشكيان.

وعلى الرغم من أن الإصلاحيين عقدوا العزم على ما يبدو للتصويت لصالح مسعود بزشكيان، غير أن الأصوليين لا يدرون بعد لأي مرشح يصوتون، لان كلا منهم يرى أنه الأجدر بالرئاسة.

ويبدو أن تزايد الأصوات لصالح بزشكيان وحتى تقدمه في بعض استطلاعات الرأي، قد أثار المخاوف لدى الأصوليين من أن يتمكن المذكور، من نيل المزيد من الدعم حتى يوم الانتخابات، أو أن يفوز منذ الجولة الأولى، أو أن ينتقل مع مرشح أصولي إما جليلي أو قاليباف إلى الجولة الثانية، وحينها ستؤدي الثنائية التي تتشكل في المشهد السياسي، إلى حسم الأصوات المترددة التي تلعب دورا مصيريا طبعا ودفع المزيد من الناخبين نحو صناديق الاقتراع، للتصويت لصالحه وبالتالي فوزه بالرئاسة.

انتهى

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-06-27 09:50:24
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى