قصة انكسار مخلب النسر الأمريكي في إيران!
تقرر تكليف وحدة كوماندوز تابعة لصفوة القوات الخاصة “الدلتا” التي كانت تأسست في عام 1977 بتنفيذ العملية التي بدت مشابهة تماما لسيناريوهات أفلام هوليوود، وأنيطت قيادتها بمؤسس هذه القوة العقيد تشارلز بيكويث، الذي كان اشتهر في حرب فيتنام.
خطة “مخلب النسر” على الورق:
نصت هذه الخطة على نقل القوات الخاصة الأمريكية والوقود بواسطة ست طائرات نقل عسكرية من طراز “سي–130” هرقل إلى قاعدة جوية بريطانية سابقة مهجورة في الصحراء الإيرانية، وبعد ذلك تلحق بها ثماني طائرات مروحية من طراز “أر إتش -53 دي”.
بعد نزول قوات الدلتا الخاصة وتزويد المروحيات بالوقود، كان على طائرات النقل العسكرية “هرقل” أن تعود إلى قواعدها فيما تنقل المروحيات افراد القوات الخاصة إلى ملجأ بالقرب من طهران، وأن تنتظرهم في مكان متفق عليه مسبقا.
كان من المخطط أيضا أن يتم نقل مجموعة من قوات “الدلتا” الخاصة إلى مبنى الوكر التجسسي الامريكي في ايران (السفارة الأمريكية في طهران)، وأخرى إلى مبنى وزارة الخارجية الإيرانية بواسطة شاحنات أعدتها مسبقا الاستخبارات المركزية الأمريكية.
بعد السيطرة على مبنى الوكر التجسسي الأمريكي، كان يفترض أن يتم نقل المحتجزين الامريكيين إلى ملعب رياضي قريب من المكان كان يسمى “أمجدية”، ويطلق عليه الآن اسم “شهيد شيرودي”.
قوة خاصة أمريكية تتكون من 13 فردا كلفت باقتحام مبنى وزارة الخارجية الإيرانية لتحرير القائم بالأعمال الأمريكي بروس لينغ ومرافقيه فيكتور تومسيت ومايكل هاولاند، ونقلهم إلى الملعب.
من هناك كان يفترض أن يتم نقل المحتجزين الأمريكيين الثلاثة والخمسين بواسطة المروحيات إلى القاعدة الجوية العسكرية المهجورة، ومنها يتم إجلاءهم بواسطة طائرات النقل العسكرية “سي – 130” تحت غطاء من الطائرات المقاتلة الأمريكية.
سخّر البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كل ما في ترسانتيهما من تكنولوجيا وخبرة، حتى أنهم أرسلوا الرائد في سلاح الجو جون كارني إلى إيران على متن طائرة تجسس خفيفة للتأكد من ثبات التربة في القاعدة الجوية المهجورة وقدرتها على تحمل هبوط طائرات النقل “سي – 130”.
علاوة على ذلك، رصدت أقمار التجسس الأمريكية على مدى 90 يوما تلك المنطقة النائية في صحراء “دشت كوير”، والتي كانت القاعدة لعملية إجلاء المحتجزين بعد تحريريهم. تبين بعد المراقبة الطويلة أن سيارتين فقط مرتا على طول الطريق المؤدي من قم إلى مشهد.
عمليا ما أن هبطت طائرة النقل العسكرية “هرقل” الأولى، حتى خرج منها أفراد القوة الخاصة صحبة سيارة جيب ودراجات نارية. رأوا على الفور شاحنة صهريج ترافقها شاحنة صغيرة تسير على طريق مهجور.
أفراد الكومندوز قرروا على الفور التعامل مع هذا الحادث الطارئ الذي يهدد بكشف العملية السرية، فقام أحدهم بإطلاق صاروخ مضاد للدبابات على شاحنة الصهريج. الشاحنة انفجرت واشتعلت بها النيران وتحول الليل إلى نهار. أحد ركاب الصهريج تمكن من مغادرة قمرة القيادة والصعود إلى الشاحنة الصغيرة.
لم تنته المتاعب عند هذا الحد، فقد تفاجأت القوة الخاصة الأمريكية بحافلة كبيرة مليئة بمواطنين إيرانيين مذهولين مما رأوا. أطلق الأمريكيون عليها الرصاص وأجبروها على التوقف. أخرجوا منها 40 إيرانيا وقاموا بتفتيشهم. تبين أنهم مواطنون عاديون في رحلة بين مدينتي يزد وطبس. تقرر الاحتفاظ بالإيرانيين حتى نهاية العملية.
الخطة الأمريكية التي رُسمت على الطريقة الهوليوودية تعثرت منذ البداية. تحطمت إحدى المروحيات الثمانية وسقطت في الماء بجوار حاملة الطائرات. مروحية ثانية تاهت في الصحراء بسبب عاصفة رملية ثم عادت أدراجها. 6 مروحيات فقط وصلت إلى القاعدة المهجورة، وهبطت خلف طائرات النقل “سي – 130”.
فجأة احتكت إحدى المروحيات بشفرة طائرة نقل وانفجرت الطائرتان، ما أدى إلى مصرع ثمانية من أفراد الكومندوز والطاقم، فيما فقد الوقود بكامله.
في ذلك اليوم 25 أبريل 1980، لم تجد صفوة القوات الخاصة الأمريكية طريقة لمعالجة الوضع المتأزم إلا الفرار على متن طائرات النقل المتبقية، تاركة وراءها في الصحراء خمس طائرات مروحية بخزانات وقود فارغة.
وكانت العواصف الرملية التي هبت لدى هبوط الطائرات الاميركية بمثابة طير الأبابيل التي سخرها الله للهجوم على جيش أبرهة في عام الفيل عندما أراد هدم الكعبة بجيشه الجرار وفيله الضخمة التي كانت في مقدمة جيشه.
وقد قال الإمام الخميني الراحل عن هذا الحادث:”هل سوى يد غيبية تعمل؟! ألا ينتبهون من سباتهم أولئك الذين لا يهتمون بالمعنويات؟ ألا يؤمنون بهذا الغيب؟ هلا ينتبهون من الذي أسقط مروحيات كارتر التي أرادت المجيء إلى إيران؟! نحن أسقطناها؟! الرمال أسقطتها… أن الرمال جنود اللَّه. إن الرياح جنود اللَّه”. إن الريح أبادت قوم عاد.
وبعد مضي اربعة عقود عن الواقعة، تحيى الجمهورية الاسلامية في ايران هذه الذكرى بمراسم تحت عنوان هزيمة الهيمنة الأمريكية في صحراء طبس ويشارك فيها حشد من المسئولين الايرانيين والملحقين العسكريين للسفارات الأجنبية المعتمدين في ايران وممثلي وسائل الاعلام المحلية والأجنبية وكذلك مختلف شرائح الشعب.
ويزور المشاركون في المراسم بما في ذلك الملحقين العسكريين لسفارات عدد من الدول منطقة وقوع الحادث و ما تبقى من الطائرات والمروحيات والمعدات الأمريكية، ويشبه المراقبون للشان السياسي طبس بمثلث برمودا بالنسبة للأمريكيين الذين تلقوا هزيمتين في هذه المنطقة عامي 1980 و2011 و2020 الذي مر بين هذه الأحداث أكثر من اربعة عقود … ولكن النتائج كانت كارثية بالنسبة لإدارتي كارتر وأوباما وترامب.
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-04-25 14:04:02
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي