ٍَالرئيسيةمقالات
الجمهور فقد الثقة والشعور بالسيطرة على حياته
الجمهور فقد الثقة والشعور بالسيطرة على حياته
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- بات من الواضح أنه يتوجب على لجنة التحقيق في إخفاقات “مذبحة” السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أن تحقق أيضاً في إخفاقات الحرب التي اندلعت بعدها. ما يجب فحصه هو: أين كانت القيادة في فترة انتظار الجمهور ضربة إيران، من دون أي توضيحات، أو شرح، أو توجيهات. ومن دون أي محاولة لتهدئة هذا الجمهور الذي يعيش حالة ما بعد الصدمة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. جمهور فقد الثقة والشعور بالسيطرة على حياته.
- بعد أكثر من نصف عام على الحرب، علينا أن نبدأ بطرح أسئلة عن إدارتها. مؤخراً، جرى حدثان دراماتيكيان، ولم يتم التطرق إليهما بسبب شعار: “الصمت، الآن نطلق النار”، أو بادعاء “لم نكن نعلم”، و”هذا القرار كان قرار قيادة الجيش”.
- الحدث الأول هو القرار الذي نُسب إلى إسرائيل، بشأن اغتيال المسؤول الكبير في “الحرس الثوري” محمد رضا زاهدي، قبل نحو أسبوعين، عبر ضربة جوية استهدفت السفارة الإيرانية في دمشق. أمّا الحدث الثاني فجرى أول أمس، وهو اغتيال 3 من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية وعدد من أحفاده في مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة.
- الكل يعلم بأن الاغتيال في دمشق يمكن أن يؤثر في حياتنا بشكل دراماتيكي، بتوسيع القتال إلى ساحات إضافية، وأكثر من الركض من أجل شراء مولدات كهربائية، أو سحب الأموال من الصراف الآلي. والمشهد هو أن دولة كاملة تعيش الآن، رمزياً، في الملاجئ منذ أكثر من أسبوع، والتهديد في هذه الحالة واقعي جداً.
- يعرف العالم أن هذه الأحداث الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية. لقد حدث هذا، وسيحدث. وفي حالة أبناء وأحفاد اسماعيل هنية، من الواضح أن هذا الاغتيال سيضرّ بالمفاوضات التي يمكن أن تكون الفرصة الأخيرة لإعادة الرهائن.
- يتحدثون عن الرد الإيراني في الأيام القريبة. نتنياهو يزور قاعدة سلاح الجو في “تل نوف”، والجنرال الأميركي مايكل كوريلا يزور ملجأ سلاح الجو. حالة عدم الوضوح، إلى جانب عدم الثقة يؤديان، بصدق، إلى الشعور بالخوف. إعادة تكرار هذا الخوف والتوتر، وأيضاً التحضيرات والتأهب- أمور كلها تمثل انتصاراً إيرانياً.
- لذلك، إذا كانت إسرائيل فعلاً مسؤولة عن هذه الضربة، فمن المهم أن نفهم إذا كانت الإسقاطات قد أُخذت بعين الاعتبار عندما اتُّخذ قرار اغتيال المسؤول الإيراني، وأكثر من ذلك، في منطقة السفارة. هل كان غانتس وأيزنكوت شريكين في القرار؟ وهل اعتقدا أن اغتيال المسؤول الإيراني يبرر فتح جبهة مع إيران؟ أليس من المهم التأثير في قرارات من هذا النوع؟ إنهما جاهزان لابتلاع كل ما يمنحهما إياه الائتلاف.
لم يكن يعلم
- ليكن واضحاً: لا أسف على موت القائد الإيراني. ولا على موت أبناء هنية الذين كانوا على علاقة “بالإرهاب”. جميعهم، باستثناء الأحفاد، يستحقون الموت. إلّا إن التوقيت، وفي ظل المفاوضات بشأن إعادة الرهائن، يطرح العديد من الأسئلة. أولاً: ألم يكن نتنياهو يعلم؟ كما نُشر- وإن لم يكن يعلم- كيف يمكن ألّا يعلم؟ كيف لم يصادق على اغتيال كهذا؟
- في الحالتين، هناك شعور بأن شيئاً ما حدث، وهو أبعد من التفكير الأمني. ربما تحتاج المنظومتان العسكرية والسياسية إلى إعادة الاحترام والشعور بالسيطرة. أيضاً هناك حاجة إلى إثبات أننا نقرر مجريات الأمور، وهناك رغبة في الانتقام. نتفهم هذا كله بعد “المذبحة” في بلدات الغلاف. السؤال الذي يجب أن يُسأل هو عمّا إذا كان هناك أي قيمة لهذه الاغتيالات، أكثر من مجرد الشعور بأنها “عادلة”؟
- هناك ادعاء يقول أنه من الممنوع السماح للإيرانيين بالشعور بالحصانة عندما ينفّذ الآخرون ضرباتهم، وهم يجلسون في الخلف، ولا يدفعون الثمن. إنهم على حق. ومن جهة أُخرى، هناك من يقول إن جهوداً تُبذل من أجل فصل الجبهات. هكذا شرحوا قرار عدم فتح جبهة في لبنان، وهكذا لم نصل إلى الحوثيين، ولذلك، ضربنا حزب الله بشكل محدود. إذاً، كيف ذهبنا إلى ضرب مسؤول إيراني كبير في السفارة، في خطوة قد يكون لها إسقاطات دراماتيكية؟
أنت الذَنَب، أنت مذنب
- حان الوقت لمعرفة ما إذا كان لدى غانتس وأيزنكوت أي تأثير في هذه القرارات، وإذا كان لهما أي تأثير في مجلس الحرب أكثر من القرار يوم 11 تشرين الأول/ أكتوبر بشأن عدم ضرب لبنان. أو يمكن أن يكون أيضاً في مثل هذه الحالة، كان من المريح لنتنياهو الاختباء خلفهما؟ ومنذ اتخاذ هذا القرار، أين أثّرا ومتى؟ هل كان لديهما في أي مرة رأي مختلف عن رأي المجلس في قضية ما؟
- الواقع الأمني يصاغ في الأساس على يد غالانت وهيئة الأركان، وغانتس وأيزنكوت إلى جانبهما. أمّا الواقع السياسي، فيصوغه نتنياهو ورون ديرمر. إذاً، لماذا نحن بحاجة إليهما؟ وماذا يجب أن يحدث بعد لكي يقررا كسر القواعد، والتحرك لتغيير الحكم؟
- لماذا لا يستخلص أيزنكوت العبر السياسية؟ أمّا غانتس الذي يريد أن يغدو رئيساً للحكومة، فخلال الأشهر الأخيرة، متى كانت آخر مرة قال فيها أي شيء غير الشعارات؟ متى كانت آخر مرة أجرى فيها مقابلة في إطار مؤتمر صحافي للإعلام الإسرائيلي، أو حتى الأجنبي؟ وهذا كله لتفادي سؤاله عن السلطة الفلسطينية وعلاقاته مع أبو مازن، وعن الدولة الفلسطينية.
- كم سيمرّ من الوقت لكي تتحول الشعارات على اليافطات في الطرقات من نتنياهو إلى غانتس، ويكون عنوانها: أنت الذَنَب، أنت المذنب” ؟