مقالات

جيش العدو يشم رائحة النهاية.. والأهداف التي وضعها السياسيون تفوق قدرته على تحقيقها

يديعوت : ناحوم برنياع

“ نواصل الحرب حتى النهاية ”، قال نتنياهو. “ ستستمر حتى تصفية حماس، حتى النصر”.

بتعابير تاريخية قد يكون نتنياهو محقاً: الحرب بين الكيان والمقاومة الفلسطينية كفيلة بأن تستمر سنوات، وربما لأجيال.

لكن أقترح أن التعاطي مع التصريحات العليا بحذر، خصوصاً للعائلات التي اختطف أحباؤها في غزة، للزوجات اللواتي خرج أزواجهن في 7 أكتوبر إلى خدمة الاحتياط ولم يعودوا بعد، للأهالي الذين يقاتل أبناؤهم أو بناتهم في الميدان، ولكل الإسرائيليين الذين قلبت هذه الحرب عالمهم. فالحديث عن حروب المستقبل تستهدف إخفاء معاضل الحاضر. خانيونس هي المحطة الأخيرة في ما يسميه الجيش “المرحلة القوية” من الحرب. ستكون المرحلة التالية أكثر تواضعاً.

الأنباء التي نشرت في اليومين الأخيرين عن توسيع العمليات البرية تفيد بأمرين:

الأول، أن مدن شمال القطاع لم تطهر بعد: ثمة مقاومون يخرجون بين الحين والآخر من فوهات أنفاق ومبان ويلاحقون جنودنا .

والثاني أن الجيش يشم رائحة النهاية، يحاولون الوصول إلى مزيد من الإنجازات قبل إعلان وقف النار.

يمكن تسمية هذه الأيام أنها ترتيبات أخيرة في غزة. الهدف هو تسهيل وجود جيش العدو الإسرائيلي في القطاع في المرحلة التالية.

يفترض بهذا أن يحصل في النصف الأول من كانون الثاني. ربما يعود قسم كبير من جنود الاحتياط إلى الديار. وسيكون الجيش منشغلاً بتأهيل حزام أمني يفصل بين القطاع وبلدات الغلاف. سيكون بعرض نحو كيلومتر. وقبل أن يقرر المخلون من بلدات الغلاف إذا كان مهماً العودة إلى المستوطنات، فإن مئات آلاف الغزيين سيواجهون وضعاً متعذراً: لن يسمح بالعودة لقسم كبير منهم، لأن بيوتهم كانت ضمن الحزام الأمني أو تلامسه؛ آخرون فقدوا بيوتهم والبنى التحتية المادية والاجتماعية في الأحياء والمدن التي كانوا يسكنون فيها.

إذا لعب الحظ معنا، فثمة دفعة أخرى من صفقات الأسرى. سيخرج المزيد من الأشخاص من الأسر مرضوضين، ولكن على قيد الحياة. ثم سيكون فضل واحد آخر لصفقة أخرى ستسمح للإسرائيليين بانتقال أكثر سلاسة من مرحلة الحرب الكبرى، في أربع فرق إلى مرحلة الصيانة. بضعة أيام من وقف النار ستحلي إحساس الحموضة.

ثمة حموضة، لا شك. فالأهداف التي وضعها المستوى السياسي أمام الجيش كانت غير قابلة للتحقق. كان هذا واضحاً للجميع، من اليوم الأول: تصفية، إبادة، إسقاط، كلها أماني متوقعة عندما يدور الحديث عن ضربة من النوع التي تلقيناها في 7 أكتوبر. لكن الأماني ليس خطة عسكرية، ليست استراتيجية. التوقعات المبالغ فيها تولد خيبة أمل: هي ستكون أليمة على نحو خاص في أوساط القوات المقاتلة، وعلى سبيل الفرق، في أوساط محافل اليمين المتطرف أيضاً والتي أملت بحرب متعددة الجبهات تولد طرداً لملايين الفلسطينيين واستئنافاً للمفاوضات في قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى