ٍَالرئيسية

من طوفان الأقصى الى التحرير.. في ذكرى استشهاد المؤسس د. فتحي الشقاقي | وكالة شمس نيوز الإخبارية

شمس نيوز – متابعة

منذ عملية العبور الفذّة الى فلسطين المحتلة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري 2023 من قبل المقاومة الفلسطينية، يشهد العالم بأسره تطورات سريعة، على مستويات عدة: الحرب على أهل قطاع غزة وتنفيذ مجازر صهيو-أميركية غربية يوميا وفي كل ساعة، حيث يصبّ الكيان المغتصب لفلسطين كل حقده وجنونه على المجتمع الفلسطيني الصامد.

في الوقت ذاته تواصل المقاومة الفلسطينية تصديها للجنون الصهيوني على كل الأراضي المحتلة: في الضفة الغربية والقدس (مجموعات سرايا القدس والمجموعات المقاومة الأخرى) ضد جنود العدو المقتحمين لمدن وبلدات ومخيمات الضفة، وضد الحواجز العسكرية والمستطونات المنتشرة في الضفة الغربية والقدس، وقصف مستوطنات العدو في ما يسمى غلاف غزة (عسقلان وسيدروت وغيرها) بالصواريخ وقذائف الهاون، حيث تصل صواريخ المقاومة الى تل ابيب، حيفا، ومستوطنات القدس.

بدا واضحا منذ اليوم الأول للعدوان الهمجي أن هذه الحرب على أهل قطاع غزة هي حرب غربية (الولايات المتحدة والدول الأوروبية عموما) بأيدي يهودية صهيونية، تستخدم كل آلات التدمير لإرغام الشعب الفلسطيني ومقاومته على الاستسلام للإرادة الصهيو-أميركية وكسر معنويات الشعوب العربية بعد عملية العبور في 7 أكتوبر. لقد تيقّنت هذه الشعوب أن التحرير ممكن، وتحرير فلسطين هو البداية والنهاية، بعلاقة جدلية بين التحرير وتمكين الأمة.

هنا تتأكد مرة أخرى الفكرة الأساسية التي أطلقها الشهيد د. فتحي الشقاقي، مع أخوانه قبل أربعين عاما، أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة، ولا يمكن تحرير الأمة من التبعية (للغرب خاصة) إلا بالسعي لتحرير فلسطين. حيث قال في هذا الصدد: “إن مسألة تحرير فلسطين هي مسألة مشروع ينظم إمكانات الأمة ويرد على حرب العدو الشاملة بحرب شاملة ثقافية وفكرية واقتصادية وأمنية وعسكرية، ويبقى دور المجاهدين في فلسطين، وهو إحياء فريضة الجهاد ضد العدو ومشاغلته واستنزاف طاقاته وكشف وجهه البشع، وتدمير ما يستطيعون من قدراته وإدامة الصراع حياً حتى وحدة الأمة وتحقيق النصر، والتصدي لمؤامرات تصفية القضية التي يوجهها الغرب.”

تدفّق الرؤساء الغربيون وأسلحتهم الى كيان العدو، وبكاءهم على “الضحايا الإسرائيليين والغربيين”، ومنع الولايات المتحدة من إيقاف المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وتواطؤ الأمم المتحدة ووكالاتها مع القرار الأميركي (منع فتح معبر رفح وعدم قيام الأونروا بواجباتها شمالي قطاع غزة) ، كل ذلك يشير دون أدنى شك الى أن الحرب على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بأرضه كاملة، وعلى الشعوب العربية والإسلامية ليست إلا حربا ضد تطلعاتها نحو الحرية والانعتاق من العبودية المغلفة بشعارات كاذبة (ديمقراطية ومساواة).

أكّد الشهيد الشقاقي على العلاقة الجدلية بين التحرير واستنهاض الأمة، حيث قال: “مسألة التحرير ومسألة استنهاض الأمة هما وجهان لمشروع واحد وليس مشروعين منفصلين، ولا تتم إحداهما دون الأخرى. فإن العمل من أجل تحرير فلسطين يعيد بناء هوية الأمة ويستلزم استعادة بناء قواتها وقدراتها من جهة، كما أن مشروع استنهاض الأمة سيواجه حتما بتحدي الكيان الصهيوني، الذي يستهدف فيما يستهدف، منع نهوض هذه الأمة الإسلامية وتوحدها”، و”من العبث الفصل بين الهيمنة الاستعمارية والإلحاق والتبعية للغرب وبين الكيان الصهيوني.”

أظهر تضامن الشعوب، العربية والإسلامية والشعوب الحرة، مع شعب فلسطين، التباين الصارخ بين الحكام في معظم الدول وبين الشعوب التي فهمت دور الكيان اليهودي العنصري في هذه الحرب الكونية ضد فلسطين ومقاومتها، كما أظهر جليّا مرة أخرى أن المؤسسات والحكومات الغربية والعربية لا تمثل شعوبها، بل تمثل المصالح الاقتصادية والسياسية والفكرية للولايات المتحدة أولا.

أدركت الشعوب العربية، التي تم تفتيت وحدتها بالحروب والانشقاقات الداخلية واختلاق أعداء وهميين، أن الالتفاف حول فلسطين والشعب الفلسطيني يعني تخلّصها من التجزئة والتبعية للعواصم الغربية المستبدة. كتب الشهيد د. فتحي الشقاقي: “أن الوحدة على فلسطين هي وحدة الوعي بأن بقاء الكيان الصهيوني يعني إفشال كل مشاريع النهضة”. فـ”الكيان الصهيوني واستمراره قد أصبح يمثل مركز التحدي ومركز الهجمة الغربية وضمانة لاستمرار هيمنتها على واقع التقسيم والتبعية والتخلف” في وطننا العربي والإسلامي.

بعد عملية العبور البطولية في 7 أكتوبر، التي أذلّت جيش الكيان الصهيوني وهزّت العواصم الغربية بسبب جرأتها وتخطيها لكل الخطوط الحمر التي كانت قد وضعتها لحماية كيانها الاستعماري، تساءل عدد من المحللين العرب والفلسطينيين حول دور “المجتمع الدولي” و”القانون الدولي” والأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة التي من المفترض، وفقا لمواثيقها، حماية الشعوب من القتل والتدمير الممنهج، واتفقوا بشكل شبه اجماعي على أن كل هذه الكيانات والمؤسسات ليس لها أي دور في حماية الشعوب، بل هي من صناعة الفكر الغربي الذي يسعى من خلالها الى ضبط الشعوب ومنعها من التمرّد على الهيمنة الغربية. تدلّ هذه النقاشات أو الآراء المعلنة اليوم على الوعي بخطورة هذه المؤسسات وما لحقها من جمعيات “غير حكومية” التي انتشرت في عالمنا، على استقلالية الدول العربية وحرية الانسان العربي في وطنه.

ومثالا على ذلك، يوضّح والد الأسير الشهيد عرفات حمدان، الذي ارتقى في سجون الصهاينة يوم 24/10/2023 بعد يومين من اعتقاله من منزله في بيت سيرا (رام الله، بالضفة المحتلة)، ماذا فعلت السلطة الفلسطينية بالانسان الفلسطيني في الضفة الغربية وجعلته أسير الكيان الصهيوني والمنظومة الدولية الداعمة للعدوان عليه، وذلك ينطبق أيضا على المواطن في الدول العربية الخاضعة للمنظومة الدولية: “أتمنى أن يصحا البشر من هذه المناظر التي تدمي القلب.. وقتيش بدنا نصحا؟ كل شيء نحمّله للحكومات لكن الشعب كفيل يغيّر.. الشعب لازم يتحرك.. إذا رئيسي مش صح انا لازم أكون صح.. الشعب لمّا يكون يد واحدة، يغيّر.. لكن الشعب لا يزال نايم، طمعّونا بلقمة العيش. لاحقين تصاريحنا (للدخول للعمل في الأراضي المحتلة عام 48)، لاحقين لقمة العيش.. ولهذا السبب جرّتنا الحكومة لنأخذ قروض من البنوك من اجل نسكّر أفواهنا ونظل نقول لهم يا سيدي.. يعني صار الجندي يجي على باب الدار يضرب ابنك أمام أعينك، مش مسترجي تحكي معه لانك خايف من شو يصير معك على المحسوم (الحاجز الصهيوني).. هذه هي مشكلتنا، مشكلتنا الأساسية، متى سنصحا؟ .. هذه البلاد مقدسة، ومثل ما قالوا ختايرنا، لا يحرث هذه الأرض إلا عجولها..”

هذا الوعي بخطورة المنظومة الدولية التي تريد تكريس وجود الكيان المجرم على حساب الشعب الفلسطيني وحرية شعوب الأمة، وتريد تزييف الوعي وإخضاع الشعوب، هذا الوعي أنتجته عملية إبادة عائلات قطاع غزة والفعل المقاوم البطولي صباح 7 أكتوبر والأيام التالية، وتراكم العمليات والمواجهات في السنوات الأخيرة. هو الوعي المتصاعد الذي سيؤدي الى التحرير، تحرير فلسطين، أرضا وشعبا، وشعوب الأمة. فالبناء على هذا الوعي، المتصاعد بعد كل معركة وكل مجزرة وكل حرب إبادة يقترفها الغرب ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وتراكم الخبرات من خلال المواجهات اليومية مع العدو في فلسطين المحتلة، ومع المدافع عنه في الساحات الأخرى، سيفضي الى حرب تحرير شاملة، تبدأ من فلسطين لتنال الدول العربية المطبّعة وغيرها من الدول المستسلمة لما يسمى المجتمع الدولي.

بقلم: راغدة عسيران

 

المصدر
الكاتب:وكالة شمس نيوز الإخبارية – Shms News
الموقع : shms.ps
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-10-26 13:41:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى