تقييم أداء شمخاني لمدة عشر سنوات من زاوية أخرى :: نورنیوز
فعقب استقالة شمخاني من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، في اليوم الأول من شهر (خرداد) للعام الشمسي الجاري، تم تعيينه مستشارا سياسيًا لقائد الثورة الاسلامية وعضوا في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
ولكن رغم إنتهاء مهمّة الأدميرال شمخاني بعد عشر سنوات من العمل في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، سنتان منها في ظلّ الحكومة الثالثة عشرة، لا يمكن أن تكون بحد ذاتها مسألة غريبة أو غير متوقعة، إلا في التقلبات السياسية للبلاد، وهي ما دفعت العديد من المتابعين للشؤون السياسية لإطلاق تحليلات وتفسيرات بعيدة عن الواقع في مجملها.
نظرا لتفرّد الأدميرال شمخاني بشخصية خاصة ونظراً لدوره المحوري وتأثيره في تطورات وأحداث الأربعين عاما بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران، ناهيك عن أهمية منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، أثار إنتهاء مهامهة في هذا المنصب العديد من التحليلات والقراءات في الأوساط المحلية والأجنبية ووسائل الإعلام.
في هذه الأثناء؛ أدى اختيار شمخاني كمستشار سياسي من قبل قائد الثورة الاسلامية، وهو أمر غير مسبوق في جوانب عديدة، إلى زيادة كبيرة في عدد التكهّنات الداخلية والخارجية حول أسباب استقالة شمخاني ومستقبله السياسي.
في العادة، يكون إصدار الأوامر من قبل قائد الثورة الاسلامية بشان تعيين المستشارين الخاصين لسماحته وثيق الصلة بخلفيات وخبرات الأفراد، ودون شك بشكل محدد وموضوعي، وبالتالي اختيار شمخاني – الذي عمل في وظائف عسكرية وأمنية منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية وتعيينه كمستشار سياسي والذي جاء كلقب عام. وباستثناء حالة واحدة، لم يتم منحه لشخص آخر، يمكن أن يكون له أسباب خاصة، ومن الطبيعي أن يكون من السابق لأوانه التعمّق في دوافع هذا القرار.
بتأكيد استقالة شمخاني من منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي وبعد إقرار منصبه الجديد، إضافة إلى ردود فعل وروايات مختلفة من مختلف الأشخاص لا سيما التيارات السياسية – الإعلامية داخل وخارج البلاد، ممن ينظرون إلى الأسباب وما يسمى وراء الكواليس لهذه التطورات، تعددت التحليلات والقراءات لسجل نشاطه الذي دام عشر سنوات في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو أمر مهم للغاية في مكانه.
فرغم أن الأحكام السياسية والإعلامية حول أداء المجلس الأعلى للأمن القومي وأمانته، وهو المركز الرئيسي لاتخاذ القرارات الاستراتيجية في ايران، لا يمكن أن تكون دقيقة وخبيرة للغاية بسبب السرية التامة لأنشطة وقرارات هذه المؤسسة الأمنية. والعمليات الحساسة التي تحكم تنفيذ الموافقات فيها، ولكن بالتأكيد لأن آثار بعض قرارات هذه المؤسسة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والسياسة الخارجية يمكن أن تعكس تصورات مختلفة لأداء هذه المؤسسة.
لطالما دخلنا في هذا الموضوع من هذه الزاوية لابد لنا من الإشارة الى أن العديد من الأعمال والأنشطة التي يتم تنفيذها في مختلف المؤسسات الوطنية والعسكرية، من مرحلة اتخاذ القرار حتى النهاية، وحتى وصوله إلى الرأي العام ومن ثم الى استديوهات الإعلام وغرفه من خلال عقد لقاءات إعلامية مختلفة، ولكن بسبب الطابع الفريد من نوعه فإن طبيعة قرارات وموافقات مؤسسة الأمن القومي باستثناء حالات نادرة، لا يمكن الكشف عنها بأي حال من الأحوال لأسباب أمنية خاصة، لذلك لا يمكن للخبراء ووسائل الإعلام إجراء تقييم كامل لأداء هذه المؤسسة بسبب نقص المعلومات الكافية التي بحوزتها حول أنشطة هذه المؤسسة الأمنية التي تعتبر الأعلى في أي بلد كان.
في حين يعدّ الأدميرال شمخاني من الشخصيات القليلة المعروفة بتفاعله الوثيق وتواصله الصادق مع وسائل الإعلام، ولكن للأسباب المذكورة فيما سلف، كان له حضور إعلامي أقل في السنوات العشر الماضية.
يأتي تأكيد الأدميرال شمخاني على الالتزام بهذا الإجراء في الوقت الذي يعود إلى الحوادث غير المسبوقة المتعلقة بالأمن القومي في السنوات العشر الماضية، وبسبب الزيادة الجامحة في الإختلال الضال سياسياً في البلاد، وحجم ومدى الهجمات الجبانة عليه وعائلته ولهذا السبب كانت قرار التعيينات الجديدة مفاجأة.
كقاعدة عامة يجب أن تمر سنوات عديدة قبل أن يكون من الممكن التعبير عن جزء من الإجراءات والأنشطة التي تم القيام بها في السنوات العشر الماضية، ولكن هناك علامات يمكن أن تكون مفيدة للغاية وتفتح الطريق للحكم على أولئك الذين يتابعون هذه الشؤون بكل تمعّن.
بالتأكيد ، يجب اعتبار تقييم قائد الثورة الاسلامية ورئيس الجمهورية الموقّر، اللذين يعمل تحت إشرافهما أمين المجلس الأعلى للأمن القومي بشكل مباشر، جنبًا إلى جنب مع آراء أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي، أدق الأحكام حول أداء أمين المجلس.
ورغم أن الحكم الذي أصدره قائد الثورة بشأن الأدميرال شمخاني، إذا تم ذكره، يحتوي على الرسالة الرئيسية المتعلقة بأدائه لمدة عشر سنوات في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، لكن تسليط الضوء على مضمون الرسائل الصادرة عن رئيس الجمهورية وأعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي شمخاني يمكن أن يقودنا نحو بلورة فهم أفضل لجميع المتابعين.
عقب استقالة شمخاني من أمانة المجلس، أشار حجة الإسلام والمسلمين آية الله السيد ابراهيم رئيسي، ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، كتب في خطاب له: “إدارتكم العشر سنوات في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي لافتة وجدير بالتقدير والإشادة، أود أن أكرّم وأثني على الخدمات والمساعي الجهادية المُخلصة التي بذلتموها جنابكم، وأعلن شكري وتقدير الكاملين لهذه الجهود”.
من جانبه وجه اللواء محمد باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة رسالة شكر وتقدير إلى الأدميرال شمخاني على جهوده التي دأب فيها لمدة عشر سنوات في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، وقال فيها: “متابعة وإنجاز الواجبات والسياسات المطلوبة منكم (من قبل جنابكم) خاصة في مجال تحقيق التوازن والتنسيق والتوافق سهلت وأمنت المواءمة بين المؤسسات التي تلعب دورًا في مجال الأمن الشامل في البلاد”.
كما خاطب السيد أحمد وحيدي وزير الداخلية الأدميرال شمخاني، موضحاً: “من دون شك، كانت فترة عشر سنوات من ولايتك كأمين عام للمجلس الأعلى للأمن القومي من أكثر الفترات المجيدة والبارزة في التاريخ المتسارع للثورة الإسلامية وإيران العزيزة”.
كما أعرب القائد العام للجيش اللواء عبدالرحيم موسوي، عن تقديره لجهود شمخاني التي استمرت عشر سنوات، وقال: “لقد شهد تاريخ الثورة الإسلامية الفخور دائما وجود عسكريين بذلوا طاقتهم وخبرتهم للارتقاء بالأهداف السامية للنظام الإسلامي، خطوا بأقدامهم بأمانة في ميدان الخدمة، ووضعوا التقدم والاعتزاز بهذه الحدود والأراضي على رأس جهودهم”.
كما أشاد اللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري، مثله مثل أعضاء آخرين في المجلس الأعلى للأمن القومي بوجود شمخاني ونشاطه لمدة عشر سنوات في هذا المنصب الحساس كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي وأداء واجباته على أحسن وجه.
لكن يظلّ أن نشير الى أنه خلال أحداث وتطورات وأزمات الأمن القومي في السنوات العشر الماضية خلال السنوات التي أعقبت انتصار الثورة لم يسبق لها مثيل.
في ظلّ الوضع الماثل، يعتبر تقييم أداء الفرد الذي كان رئيسا للأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، أي هيئة التنسيق والتوجيه الرئيسية للمؤسسات ذات الصلة لإدارة الأزمات المختلفة، لا يمكن أن يكون بعيدا التعقيدات والحساسيات التي تحكم هذه المسؤولية، وكذلك مقارنة التجارب التاريخية المماثلة، ولهذا من غير المنطقي إطلاق الأحكام المتسرعة بشأن أداء المسؤول عن هذه المؤسسة الأمنية الحساسة.
نورنيوز
المصدر
الكاتب:
الموقع : nournews.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-06-13 11:43:48
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي