ٍَالرئيسية

الإسلام دين الحياة – شفقنا العربي

شفقنا- إن الإسلام وهو يضع المواثيق القسط ويشرع الأحكام العادلة ويصف الحق في الحياة بالقدسية، لم يفرق في ذلك بين إنسان وإنسان بغضّ النظر عن المعتقدات التي يعتقدها الناس والمذاهب التي يدينون بها، فالمسلم وغير المسلم سواءٌ في حرمة الدم واستحقاق الحياة .

والاعتداء على المسالمين من أهل الكتاب هو في نُكره وفُحشه كالاعتداء على المسلمين وله سوء الجزاء في الدنيا والآخرة .. فعن عمرو بن العاص أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ” (رواه البخاري) وفي رواية أخرى: ” من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة “(رواه النسائي) …

إن الحياة الكاملة مصونة، والاعتداء عليها بالقتل جريمة، وكذلك الاعتداء على جزء منها وتعريضه للتلف أو التشويه، فذلك في نظر الإسلام عدوان أساس العقوبة فيه القصاص . وإنما شُرع القصاص تأمينا للسلامة المطلقة بين الناس وهذا معنى قوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة 179) .. فأنواع القصاص التي أقامها الشرع الحنيف هي كلها ضوابط وحصانات لإشاعة حق الحياة في أسمى صورها بين الناس أجمعين، ومن هنا حرّم الإسلام كلّ عمل ينتقص من هذا الحق، سواء كان هذا العمل تخويفاً أو إهانةً أو ضرباً أو تطاولاً أو طعناً في العرض .. فإن حياة الإنسان ــ وفق الرؤية الشرعية ــ المادية منها والأدبية موضع كلّ تقدير واحتفاء واحترام .

ولقد بلغ التشريع الإسلامي حدّ الإعجاز وهو يضع حصانات وآليات حفظ النفس البشرية، إذْ لم يكتف بحدّ القصاص في النفس والأعضاء فحسب، بل إنه ضمن استمرار الحياة، فأباح للمسلم الجائع الذي يتعرّض للهلاك أن يأكل للضرورة من المحرّمات – كلحم الخنزير مثلاً- بما يحفظ عليه حياته، وأوجب على الدولة أن ترعى هذا الحق دون أيّ اعتبار للعقيدة التي يعتقدها الإنسان الـذي يعيش في أكنافها أو الذي دخل زائرا في حدود سلطانها حتى ولو كان من الأعداء ! إذْ من المبادئ الأساسية في شريعة الإسلام أن الجائع يستحقّ أن ينال الخبز بأيّ حال من الأحوال، والعاري يستحق أن ينال اللباس مهما كان الأمر، والجريح والمريض يستحقان أن يوفّر لهما الدواء والعلاج على أي نحو، بغضّ النظر عن كون الجائع والعاري والجريح والمريض صديقا أو عدواً .

ولم يترك الإسلام سبيلا – إلى جانب آليات وحصانات حفظ النفس- للتنديد بالاعتداء على النفس إلا سلكه وشدّد عليه، فقد بيّن لعنةَ وغضبَ الله على المنتحر، وسفّه تفكير وسلوك بعض العرب الذين كانوا يئدون الأنثى خوفاً من العار حسب زعمهم ومعتقدهم الباطل، ونهى بشدّة عن قتل الأولاد خشية الإملاق والحاجة والعوز.

ومن ثمة فإن منهج الإسلام في صون الحياة يتميز عن أسلوب الحضارة الغربية والفلسفات الوضعية كلّ التميّز .. فإذا كانت الحضارة الغربية ترى في الحفاظ على الحياة حقاً من حقوق الإنسان، وأن صاحب هذا (الحق) حرّ في التنازل عن حقه !!.. ودليل ذلك أنها لا تجرّم مَن يتنازل عن (حقه) في الحياة بالانتحار .. فإن منهج الإسلام يقرر بأنّ الحفاظ على الحياة ليس فقط مجرد حق، بل فريضة إلهية وواجب شرعي لا يجوز حتى لصاحبه أن يفرّط فيه، فهو يأثم إذا قنط من رحمة الله فانتحر، ويأثم إذا فرّط في توفير مقومات الحياة – غذاءً وكساءً وأمناً – لذاته ولغيره ضمن حدود الاستطاعة. فأين نظرة الحضارة الغربية في هذه المسألة من نظرة الإسلام؟ علماً أن الحقّ في الحياة هو جوهر وأساس حقوق الإنسان لأن بقية الحقوق تترتب عليه، فهي فروع لأصل كبير هو الحق في الحياة .

إن الإرهاب الهمجي الذي يزهق أرواح الأبرياء هنا وهناك، إنما هو تشويه ما بعده تشويه لشريعة الإسلام السمحة العادلة المقدّسة للحياة . ولا نستبعد أن يكون ذلك مندرجاً ضمن استراتيجية واسعة المدى والأطراف والأهداف لصدّ الناس عن دين الله ودليل ذلك أن جلّ ناقلي هذا اللون من الأخبار شديدو الحرص على ربط جرائم الإرهاب بالإسلام، بينما لم نقرأ يوما ولم نسمع أبداً عن ربط أي جريمة أو عمل إرهابي بدين من الأديان أو مذهب من المذاهب .

د. إبراهيم نويري , كاتب وباحث جامعي

النهاية

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-02 16:04:12
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى