ٍَالرئيسية

السعودية والانضمام إلى منظمة شنغهاي.. تعزيز مقاربة التوجه نحو الشرق

 

شفقنا-ان قرار المملكة العربية السعودية بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، لا يؤدي إلى تعزيز العلاقات ببكين فحسب، إنما يعزز مقاربة التوجه نحو الشرق ويوفر الأرضية لزيادة نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

قرر مجلس وزراء المملكة العربية السعودية برئاسة الملك سلمان قبل أيام المصادقة على الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفة شريك للحوار بدوافع اقتصادية، وبالرغم من قلق حليفها التقليدي أي الولايات المتحدة، فأنها اقتربت خطوة أخرى من الصين. هذا الأمر يبين بان قضية الأمن ربما لم تكن الدافع الرئيس للمملكة في هذه الخطوة، لكن بهذا العمل تبرز مكانة الصين الملفتة في تقديم البديل للغرب، إذ كانت منذ عام 2018 أكبر شريك تجاري للسعودية.

ان منظمة شنغهاي للتعاون قد تأسست بعام 2001 بعضوية الصين وكازاخستان وقرغيزيا وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان وحلت محل مجموعة شنغهاي الخمسة، وفيما بعد انضمت الهند وباكستان لهذه المنظمة وإيران في طريقها للانضمام بصفتها العضو الدائم.

من خلال إلقاء نظرة فاحصة على مختلف جوانب هذا القرار نرى بان عضوية المملكة العربية في هذه المنظمة تثير قلق الإدارة الأمريكية التي تتبنى في يومنا هذا إستراتيجية الخروج من الشرق الأوسط بغية الاهتمام بالقضايا الداخلية والتنافس مع الصين، في الواقع ان قرار الرياض هذا قد طرح خلال زيارة شي جين بينغ إلى المملكة في ديسمبر الماضي، ويساعد على زيادة نفوذ بكين في الشرق الأوسط، إلى جانب هذا فانه يعزز مقاربة السعودية أي التوجه نحو الشرق، هذا العمل هو عبارة عن مبادرة إستراتيجية بقيادة الصين وروسيا ويعد نموذجا آخر من تغيير توجهات السعودية نحو الشرق، بينما تحاول دول الخليج الانضمام إلى تجمع بريكس بلس المكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

من ناحية أخرى، بينما تزيد الصين من تواجدها في المنطقة، خاصة في دول الخليج، هناك احتمال وهو زيادة تواجد الولايات المتحدة في المنطقة وأن تعود الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط مرة أخرى. لأنه في الوضع الحالي، عندما تتخذ السعودية مثل هذا القرار، تحاول أمريكا أن تبقى لاعبا فاعلا في المنطقة في المنافسة مع الصين.

من ناحية أخرى تمت المصادقة على هذا القرار في مجلس وزراء السعودية في ظل ظروف تُعتبر الصين لاعبا محايدا في صراعات الشرق الأوسط، وقد أقامت علاقات وطيدة مع لاعبين رئيسيين في المنطقة من أجل تقليص حدة التوترات، وخفض الاعتماد طويل الأمد على الولايات المتحدة وتعتزم تعزيز الوحدة والتعاون الإقليميين من خلال تعزيز الحوارات والمفاوضات.

وتأتي هذه القضايا في وقت ساعدت فيه الصين في وقت سابق من هذا الشهر عبر الوساطة في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتي من المتوقع أن تصبح قريبا تاسع عضو كامل ورسمي في منظمة شنغهاي للتعاون. وفي الوقت الراهن فانه وبترحيبها بقرار السعودية تنوي تقديم أكبر قدر من المشاركة في الحفاظ على امن واستقرار المنطقة وتطوير التعاون المشترك، في الواقع فان الصين حافظت على مشاركتها الإستراتيجية مع قوى المنطقة، حتى يصبح لديهم موقف إيجابي تجاه المنظمات الدولية والمبادرات التي تطلقها الصين.

بالرغم من ان كيفية خلق التوازن والتنسيق بين السعودية والصين وكذلك خفض تأثير الخلافات بين السعودية وإيران على فاعلية هذه المنظمة، لكنها ستكون قضية مهمة لمنظمة شنغهاي للتعاون مستقبلا، لكن بعض المحللين يرون بأنه لا يجب تضخيم عضوية السعودية كونها شريك للحوار في المنظمة، ذلك ان هذه القضية تمر بمرحلة المقدمة، إلا إذا رغبت السعودية في أداء دور أكبر في منظمة شنغهاي.

ويجادل هؤلاء المحللون بأنه يجب ان نرى هل يمكن ان تساعد منظمة شنغهاي على حلحلة الخلافات في منطقة الشرق الأوسط أم لا؟ وهل من الممكن ان نرى بان روسيا والصين والهند تلعب دورا أكبر في القضايا الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن منظمة شنغهاي للتعاون لا يكون لها دور كبير انطلاقا من كونها منظمة. فضلا عن هذا فان المنظمات الدولية على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط لها حضورها في المنطقة ومنها مجلس التعاون الخليجي ومنظمة الوحدة العربية، على هذا فان منظمة شنغهاي للتعاون لا تتدخل في قضايا الشرق الأوسط، وفضلا عن هذا أنهم يرون بان انضمام السعودية إلى شنغهاي يؤدي إلى ازدهار علاقات السعودية والصين لكن هذه القضية ليست بقضية جديدة وتضرب بجذورها في العقود المنصرمة.

من ناحية أخرى، يرى البعض أن قرار السعودية، كثالث دولة عربية بعد مصر وقطر، بالمشاركة في منظمة شنغهاي لا يزال قرارا مهما، وأن هذه المنظمة قد توسع دورها، في وقت تقوم بتنفيذ الإصلاحات هيكلية إذ قد توسعت صلاحياتها من التركيز الأولي على أمن الحدود إلى التنمية الاقتصادية. من ناحية أخرى، تدهورت علاقات السعودية بالولايات المتحدة منذ اغتيال جمال خاشقجي، الذي اعتبر البيت الأبيض ان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو المسئول عن اغتياله، ورفضت الرياض العام الماضي زيادة إنتاج النفط للمساعدة في خفض الأسعار.

على هذا فان السعودية تحاول زيادة علاقاتها بالصين بمختلف الطرق وقد قامت باتخاذ خطوات لتعزيز علاقاتها بالصين، نظرا إلى ان شركة آرامكو وقعت عقدا بشركات صينية بغية إنشاء مشروع في مجال البتروكيمياويات في محافظة ليائونينغ الصينية بقيمة مالية تزيد عن 12 مليار دولار، وعلى هذا فان القرار السعودي قد طرح قبل عقد الاتفاق أعلاه والاستثمارات المشتركة بين البلدين.

ومن جهة أخرى من أهداف المملكة العربية الأخرى هو الابتعاد عن تبعية الغرب شيئا فشيئا، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأمريكية، او كما قيل بان التوجه نحو الشرق وبعبارة اجل خلق التوازن الجديد في المنطقة. ونظرا إلى ان الرياض كانت لفترة طويلة أقرب حلفاء أمريكا في المنطقة، فان هذه القضية قد ظهرت بعد الاتفاق الأخير الذي تمثل في اتفاق السعودية وإيران بوساطة الصين، ان السعودية وإيران كانتا تعتبران قبل الاتفاق الأخير منافسين إقليميين، واليوم قد اتفقا على إعادة علاقاتهما بعد سبع سنوات من القطيعة، إذ اتفق البلدان على عدم التدخل في قضايا الآخر الداخلية، هذا ويوفر الأرضية لخلق التعاون السياسي والاستراتيجي بين البلدين.

ان السعودية كونها أكبر منتج للنفط على المستوى العالمي، ومنذ ان بدأ محمد بن سلمان بوضع خطة رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد الداخلي للمملكة الراضخ تاريخيا للسلطة النفط، قد أبدت رغبتها في الانضمام إلى منظمة شنغهاي بقيادة الصين وروسيا وهما من أبرز اللاعبين الذين يريدون الاخلال بهيمنة الغرب الأحادية الجانب في النظام العالمي الجديد. 

المصدر: موقع بازار

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-02 02:03:33
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى