ٍَالرئيسية

باكستان والبحث عن الاستقرار وسط الأزمات الثلاثة

 

شفقنا-يبدو ان الظروف الراهنة التي تمر بها باكستان تعد أسوا وضع قد واجهته طيلة العقدين المنصرمين، إذ تواجه مزيج من ثلاث أزمات وهي الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي وزيادة نسبة التطرف والإرهاب، كما أنها لا تمتلك المصادر الضرورية لإدارة تلك الأزمات في نفس الوقت.

  1. عدم الاستقرار السياسي

تم تأجيج أزمة عدم الاستقرار بعد الإطاحة برئيس الوزراء عمران خان وتحولت السياسة في هذا البلد الواقع في جنوب آسيا إلى سياسة التكتلات. مع ان الإطاحة تمت في الأطر القانونية، لكن عمران خان كان يعتقد بان الإطاحة هذه جاءت بموجب مؤامرة مشتركة بين قادة الجيش السابقين والولايات المتحدة. هذا الأمر إلى جانب التأكيد على فساد قادة حكومة التحالف الحاكم أصبح محور الدعاية التي تمت على يده طيلة الأشهر التي تلت الإطاحة به، مما أدت إلى زيادة شعبيته وخاصة بين الشباب إذ تشكل الفئة العمرية بين 15 حتى 33 ما يزيد على 60 بالمائة من سكان البلد، هذا وحاول عمران خان بان يحسن علاقته بالولايات المتحدة لكنه ركب موجة معاداة أمريكا وخرج ناجحا منها، انه يرغب بان يكون جزءا من عملية تغيير مراكز السلطة في باكستان وترتيب السلطة الخفية في مواجهة الحكومات المنتخبة.

 صارت قضيتان وهما إقامة الإنتخابات العامة المبكرة واختيار القائد التالي للجيش على يد حكومة منتخبة محورا لمطالبات عمران خان المبدئية، لكنها واجهت رفضا على يد حكومة التحالف الحاكم، ان عمران خان في المرحلة التالية وبمساعدة أقرب حلفاءه قام بحل مجالس ولاية بنجاب وخيبر. وكان الهدف الكامن وراء هذا الأمر هو إرغام الحكومة المركزية على إقامة انتخابات مبكرة عامة لكن هذا الأمر لم ترحب الحكومة المركزية. ان تأييد تاريخ إقامة الإنتخابات في الولايات أعلاه على يد الحكومة وبالرغم من بنود القانون الصريحة واجه رفضا بسبب حكم المحكمة العليا لا غير، وهذا يدل على عمق الانقسام السياسي وعدم الاستقرار السياسي الناجم عن الأطر القانونية، كما ان عنصر الزمن وعلى اقل تقدير في البرهة الراهنة لا يصب في مصلحة تحالف الحكومة الراهنة. وعند تقييم الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر وعدم رغبة الحكومة الائتلافية الحاكمة للرجوع إلى الرأي العام يمكن الإشارة إلى استطلاع الرأي الأخير. إذ قامت مؤسسة غالوب به الذي تم في 4 ولايات وفي المناطق الحضرية والقروية في باكستان واظهر الاستطلاع ان عمران خان هو السياسي الأكثر شعبية في هذا البلد بنسبة 61 بالمائة، إذ كانت شعبيته اقل من 40 بالمائة في يناير السابق، ويأتي بعده نواز شريف وبلاول بوتو بنسبة 36 بالمائة، ويأتي في نهاية القائمة آصف علي زرداري بـ 27 بالمائة، ان غالوب قالت ان نسبة الخطأ في استطلاع الرأي هو 3 أو 4 بالمائة ونسبة التأكد منه هو 95 بالمائة.

  1. الأزمة الاقتصادية

تظهر المعطيات السابقة أن الأزمة الاقتصادية تحدث في باكستان كل بضع سنوات، وهي ناتجة بشكل أساسي عن اقتصاد لا ينتج ما يكفي، وينفق أكثر من اللازم، ويعتمد بشكل طبيعي على الديون الخارجية، والتي أظهرت نفسها في شكل أزمة ميزان المدفوعات، وفي كل مرة تسدد الحكومات ديونها السابقة بقروض، ومدفوعات جديدة، وتوفر تمويلا لعجز العملات الأجنبية من مصادر مختلفة. في الواقع، يبدو أن الحكومات غير قادرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية بشكل كامل بالترتيبات المذكورة، وتكتفي بتأجيلها. في الفترة الأخيرة، أدى عدم الاستقرار السياسي الداخلي والأضرار التي سببتها الفيضانات التي ضربت البلاد، إلى جانب الزيادة في أسعار الغذاء والوقود العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، إلى جعل طبيعة الأزمة الاقتصادية الحالية أكثر تعقيدا وصعوبة.

بعد مرور 75 عاما على تأسيسها وبصفتها الدولة الأكثر تعاملا مع صندوق النقد الدولي، تقوم باكستان بوضع اللمسات الأخيرة على خطتها الثالثة والعشرين مع الصندوق إذ بلغت احتياطي العملة الصعبة في العام الماضي إلى اقل حدها ولم تتجاوز 2 بالمائة كما بلغ التضخم في 48 سنة الماضية إلى أعلى درجاته. ووفقا للتقارير بانه على باكستان دفع 73 مليار دولار حتى عام 2025 ومن المستبعد ان تقوم بهذا العمل دون إعادة هيكلة دفع القروض.

  1. ارتفاع نسبة الصراعات

تنجم الأزمة الأمنية الباكستانية بشكل رئيسي عن حركة تيارين، طالبان باكستان وجيش تحرير بلوشستان. على الرغم من اختلاف أهداف ومطالب الحركتين المسلحتين وعدم قدرة أي منهما على تهديد بقاء باكستان، إلا أن بوادر التقارب بين هاتين ظهرت وبشكل عام، وفضلا عن خلق التحديات الحقيقية في هذا البلد أظهرتا بان حصر اللجوء للعنف ليس بيد المؤسسات الحكومية.

بعد سيطرة طالبان على أفغانستان في عام 2021، ازدادت أنشطة حركتي المعارضة، وخاصة حركة طالبان باكستان، التي تربطها علاقات وطيدة مع طالبان. أظهرت الإدارة المؤقتة في كابول أنه في أفضل الظروف ولأسباب مختلفة، فان بإمكانها إدارة انشطة هذه التيارات على مستوى أفغانستان الداخلي ولا يمكنها منح الضمانات لإيقاف أنشطتهم العنيفة في باكستان في ظل الظروف الراهنة، ومن المستبعد ان يتخذ الجيش موقف المتفرج وهو يحمل العقلية السلبية التي يحملها حول إمكانية استغلال أطراف خارجية هذه التيارات المعارضة في باكستان، وقد يبذل المساعي الجبارة بغية زيادة نسبة تأثيرها في طالبان.

هذا وان القائد الجديد للجيش، بالإضافة إلى الأزمات الثلاث المذكورة أعلاه، كما قال مشرف زيدي في مقال في موقع عالمي، يحتاج إلى اتخاذ قرار بشأن ثلاث قضايا أخرى: أولا، استعادة موقع الجيش في الرأي العام الذي تم تشويهه بسبب تهمة هندسة إقالة القائد السابق للجيش (التدخل في السياسة)، والثاني هو إدارة شعبية عمران خان لدى جزء كبير من ضباط الجيش من الرتب المتوسطة والدنيا، والثالث هو تأييد دور الجيش وموقعه في الأطر القانونية وتجنب إغراء الحفاظ على مركزية في إدارة البلاد.

آخر الكلام:

ان باكستان وبعد عام 2008 شهدت العبور من مرحلة الديمقراطية الهشة وتحديات منها عدم الاستقرار السياسية واستراتيجيات مكافحة للإرهاب الغامضة التي ربما تركت تأثيرها على تكوين الظروف الراهنة. مع ان أمريكا أظهرت بأنها تتابع نوعا من التوازن بين الهند وباكستان لكن لم يظهر هذا الأمر على ارض الواقع، بينما تتابع أمريكا شراكة إستراتيجية عالمية مع الهند لكن تعاونها مع باكستان قد تمحور حول قضايا الساعة، وفي المقابل فان باكستان ترتبط بالصين من خلال شراكة إستراتيجية، إذ ان باكستان كانت أول دولة إسلامية وثالث دولة غير شيوعية اعترفت رسميا بجمهورية الصين الشعبية.

قال سياسي باكستاني قبل سنوات بان باكستان أكبر من ان تتلقى الخسائر. انه شبّه بلده بإحدى البنوك الأمريكية التي تلقت مساعدات مالية كبيرة لمنع انهيارها بعام 2008، هذا السياسي قال عند الحديث عن الأزمة الاقتصادية واحتمال عدم تمكن الحكومة من دفع القروض بان باكستان دولة وليس شركة تصبح في خبر كان. ردا على تصريحاته يجب القول بان أهمية باكستان لا تقل رغم كل الأزمات التي تواجهها وهذا الأمر بسبب رأسمالها الجوهري وهو الحفاظ على تعاونها في إدارة التطرف والإرهاب وقضية طالبان وأفغانستان والتنافس مع الصين وأمريكا وقضايا مماثلة، لكن مع هذا لا يمكن الجزم بان هذه الأسباب تؤدي إلى استقرار هذا البلد في الجانب الاستراتيجي.

المصدر: خبر آنلاين

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-03-14 03:14:43
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى