المخطط السري للسعودية والإمارات بالتنسيق مع الأمريكيين
العصر-كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية ، عن المخطط السري للسعودية والإمارات بالتنسيق مع الأمريكيين لإضعاف إيران من الداخل وجر الحرب إليها.
وكان إنشاء شبكة تلفزيونية باللغة الفارسية لتحفيز الشباب إحدى خطط مركز الأبحاث السعودي الإماراتي ضد ايران.
وکتبت صحيفة الاخبار اللبنانية، عندما صرّح محمد بن سلمان انه «لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية»، جواباً على سؤال داوود الشريان حول الحوار مع إيران، كان يعلن عمّا لم يكن معتاداً في السياسة الخارجية السعودية، في ما اصطُلِح عليه بـ «نقل المعركة إلى الداخل الإيراني”.
مساعي بن سلمان لاستهداف الداخل الإيراني عبر التأثير على فئة الشباب
وذهب كثيرون آنذاك، في معرض تفسيرهم لما قاله ابن سلمان، إلى أنّ الرياض ستلجأ إلى ما اعتادت عليه من توظيف للخلايا الداعشية والعمليات التي لطالما نفّذتها الحركات الانفصالية في سيستان – بلوشستان في العمق الإيراني.
لكن، في الوثائق التي حصلت عليها صحيفة «الأخبار»، يتّضح أنّ” ابن سلمان كان يعني استهداف الداخل الإيراني، عبر خطة للتأثير على فئة الشباب الإيراني، بالتوازي مع تزخيم خطاب شيطنة إيران، الموجَّه إلى الجمهورَين العربي والإسلامي”.
كان «المجلس الوطني للإعلام» الإماراتي يطرح على ممثلَين عن السعودية والبحرين خطة مقترَحة سمّاها «الاستراتيجية الإعلامية للتعامل مع الملف الإيراني»، تطوّرت في الأعوام اللاحقة، بالتنسيق مع الأميركيين، لتصبح “خطة تقويض إيران من الداخل”.
نصّ مقترح الاستراتيجية الإعلامية التي طرحها وزير الدولة رئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للإعلام في الإمارات سلطان الجابر، على أنّ الهدف من ورائها هو «بناء رأي عام معادٍ للسياسات الإيرانية من الجمهور الداخلي والخارجي»، وأنّ الاستراتيجية «تتمحور على البُعد السياسي والابتعاد عن الخطاب المذهبي الذي قد يضعِف الخطاب الإعلامي العام في حال الاستناد إليه».
والأهم أنّ «نتائج الاستراتيجية ينبغي أن تتحقّق بعد سنوات». في المقترح الأولي، كما تظهره الوثيقة الرقم 1، يرد أنّ الجمهور المستهدَف هو الرأي العام الإقليمي والرأي العام الخليجي والرأي العام المحلي داخل إيران (الشعب الإيراني والأقليات الإيرانية تحديداً)، والمعارضة الإيرانية في الخارج والداخل.
واللافت في فقرة «شركاء التنفيذ»، أنّ الإماراتيين ذكروا «منظّمة التعاون الإسلامي» كشريك في تنفيذ الاستراتيجية، إلى جانب الكيانات الرسمية الخليجية وجامعة الدول العربية ومراكز الفكر والمعارضة الإيرانية، علماً أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية عضو أصيل في المنظّمة المذكورة التي تهيمن السعودية على قرارها وتسخّرها لمصالحها منذ تأسيسها.
واشارت الصحيفة انه في خانة «العناصر الرئيسية» للاستراتيجية الإعلامية لمواجهة النظام في إيران، ذكر الجابر كل ما يردّده الإعلام الخليجي والمموَّل خليجياً والصهيوني والأميركي حول مزاعم «تدخّل إيران في شؤون الدول» والأهم في هذه العناصر كان «مخاطبة الرأي العام الإيراني والتركيز على نقاط الاختلاف بين الشعب والحكومة الإيرانية»، و”كسب الشعب الإيراني، وخاصة فئة الشباب…
تحتوي الاستراتيجية الإعلامية على تفاصيل «آليات التنفيذ»، وقد طُرح في هذا الإطار «استحداث برامج تلفزيونية وإذاعية وإنشاء مواقع إلكترونية باللغات العربية والإنكليزية والفارسية وبناء منصّات تواصل اجتماعي واستخدام الأذرع الإعلامية للسفارات».
ولعل أبرز أداتَين نصّت الاستراتيجية على إطلاقهما هما تأسيس مركز الدراسات وبحوث الشؤون الإيرانية وقناة إخبارية ناطقة بالفارسية لتبثّ على مدار الساعة أخباراً موجَّهة لاستهداف فئة الشباب الإيراني. وعند مواءمة ما يرد في نص الاستراتيجية وما حصل على أرض الواقع، يتبيّن أنّ مركز الدراسات أُسِّس في آذار عام 2016 الذي جرى تغيير اسمه لاحقاً ليصبح «المعهد الدولي للدراسات الإيرانية – رصانة»، ويديره منذ تأسيسه السعودي محمد السُّلَمي.
أما القناة الإخبارية فهي Iran International التي أُطلِقَت منتصف عام 2017 من لندن، واستقطبت – ولا تزال – إعلاميين وصحافيين إيرانيين معارضين، ويذكر نص الاستراتيجية أنّ ميزانيتها تُراوح بين 20 و60 مليون دولار سنوياً (علماً أنّ تقارير تؤكّد تضاعف ميزانيتها السنوية حالياً)، وأن طاقمها مؤلّف من 100 موظّف، وهدفها «مخاطبة الشباب الإيراني عبر تقديم برامج اجتماعية تمس حياتهم اليومية».
تخصيص مبالغ ضخمة لتحفيز النقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ومن البرامج الأخرى التي اقترحها الإماراتيون تخصيص مبلغ 2.68 مليون دولار لـ«إنتاج مسلسلات درامية حول القيم والحقائق المرتبطة بالإمارات لتُبَث في عدد من القنوات التي تصل إلى الجمهور الفارسي»، بالإضافة إلى تمويل بقيمة 250,000 دولار لـ«إجراء بحث ومسح استقصائي حول تصوّر الإيرانيين للعرب والإمارات»، بالإضافة إلى تمويل بقيمة 723,000 دولار لـ«إنتاج برنامج تلفزيوني يسلط الضوء على القواسم المشتركة بين المجتمعين الإيراني والخليجي من حيث جغرافيا المكان والزمان لتحفيز النقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
عُرِضَت الاستراتيجية على كلٍّ من سلطان النعيمي (المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حالياً)، المحاضر في «كلية الدفاع الوطني» و«كلية القيادة والأركان» الإماراتيتَين (بوصفه خبيراً بالشأن الإيراني)، وعادل الطريفي، وزير الإعلام السعودي حتى 22 نيسان 2017، خلال اجتماع ثلاثي، إماراتي – سعودي – بحريني.
وبعد الموافقة على الاستراتيجية، والاتفاق على التنسيق لبدء الإعداد للأدوات التنفيذية وتحديد جوانب العمل الموحَّدة، رشّح السعوديون والبحرينيون شخصين «يمتلكان خلفية أمنية» لتولّي إدارة تنسيق الاستراتيجية هما هاني الضلعان، مستشار وزير الإعلام السعودي، وأحمد بن خالد العريفي، من مكتب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء البحريني.
وتُظهِر الوثيقة الرقم 2 أنّ المجلس الوطني للإعلام الإماراتي أنشأ فريقاً من 10 أشخاص داخل المجلس، من ذوي الاطّلاع على الشأن الإيراني، لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية، مع إشارة إلى حضور السفير الإماراتي في طهران سيف الزعابي اجتماعات اللجنة.
يشير الجابر إلى التواصل مع الإيراني سعد محسني، الذي يصفه بأنه «قطب إعلامي» يمتلك العديد من القنوات التلفزيونية منها قناة «فارسي 1»، بهدف «تزويدنا بتصور متكامل حول كيفية التعاون لاستخدام المنصات والقنوات التي يملكها ويديرها لإيصال رسائلنا الرئيسية».
إذاً، هناك إشارة رسمية إماراتية إلى أنّ الإماراتيين استعانوا بإيرانيين معارضين وناشطين يبثّون محتوى من خارج إيران لتمكينهم من إيصال ما يريدون إيصاله إلى الداخل الإيراني. الجهة الثانية هي شركة GH Communication المتخصّصة بالإعلام الرقمي، التي تتّخذ من الإمارات مقرّاً لها، والتي طُلب منها أن تقدّم عروضاً لتتم دراستها، كون الشركة سبق أن أسّست خمس منصّات مماثلة سابقاً.
الوثيقة الرقم 5 هي الأهم، حيث يشير كاتبوها إلى عرض الاستراتيجية على الجانب الأميركي، حيث تتبنّاها لجنة ثلاثية أميركية – سعودية – إماراتية، تعمل ضمن ما يُسمّى«مخرجات الحوار الاستراتيجي الأميركي – الخليجي». من الواضح أنّ تاريخ عرض الخطة على الأميركيين حصل عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في أيار/مايو 2018، حيث يُذكَر أنّ الجانب السعودي (الذي من الواضح أنّه أصبح اللاعب الأساسي في الخطة) أثار مع الوفد الأميركي على هامش اجتماعات قمة العشرين التي انعقدت في الأرجنتين في 30 تشرين الثاني 2018 مجموعة من الخطوات العملية الإضافية اللازمة لمواكبة الاستراتيجية الإعلامية التي تحوّلت إلى مسمّى «خطة تقويض إيران من الداخل».
تذكر الوثيقة أنّ الرياض التزمت للأميركيين بتأمين كميات النفط الإيراني الذي كان قد بدأ بالتعرّض للعقوبات الأميركية، مع تأكيد سعودي على التواصل مع عملاء إيران في آسيا وأوروبا للتأكيد على توفير الإمدادات البديلة من النفط، بغرض تسهيل عملية ضرب الاقتصاد الإيراني.
مبادرات متعددة وخطة تفصيلية لتسجيل اختراقات في المجتمع الايراني
بحسب الوثائق المسرّبة من الإمارات العربية المتحدة، تظهر الخطة التفصيلية للعمل مجموعة من المبادرات التي تهدف الى تسجيل اختراقات في المجتمع الإيراني، وخصوصاً بين الشباب، من خلال آليات لاستخدام المبادرات الاجتماعية والثقافية، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي. ومن بين هذه المبادرات الآتي:
المبادرة الأولى: Iranian Hub web portal
iranianshub.com موقع إلكتروني وقنوات أونلاين
– يُعدّ التعليم ذا قيمة عالية في المجتمع الإيراني، ولدى الشبان جوع شديد للمعرفة، وهم مهتمون جداً بالتكنولوجيا ويطمحون إلى امتلاك أحدث الوسائل التكنولوجية.
وغالباً من خلال الأونلاين، يحصل الشبان الإيرانيون على السلع والخدمات التي يريدونها. يجب إيجاد منصة إلكترونية ناطقة بالفارسية يمكن من خلالها للمستخدِم الإيراني التدوين أو البحث عن مواضيع مثيرة لاهتمامه، أو فيديوات أو مواد بصرية تتعلق بالتكنولوجيا، الفن، الموسيقى، العلوم، الموضة، والعائلة. وهذه فرصة لاختراق الثقافة الإيرانية وجمع معلومات حول الشعب الإيراني.
المبادرة الثانية: حملة «تخيَّل لو أن هذه إيران»
تشجيع الناشطين والفنانين على المشاركة بالصور والفيديو والنص، وتحفيز الناشطين المغمورين على المشاركة والتعبير عن وجهات نظرهم، وزيادة منسوب الوعي نحو أسلوب حياة أفضل مستقبلاً في إيران، وإبراز مدى استعداد المجتمع للتغيير.
المبادرة الثالثة: وجهة نظر
الاقتراب من طريقة تفكير الشبان الإيرانيين وهدم المعتقدات السائدة تجاه النزاعات الحديثة والحقائق التاريخية.
المبادرة الرابعة: فكِّر، اِقبل، غيِّر
تحدّي الأفكار النمطية السائدة في إيران وتشجيع الشبان على: التفكير، قبول الاختلافات، وتغيير معتقداتهم الفارغة، لتشجيع الإيرانيين على المطالبة بحقوقهم وقبول الاختلافات، وعرض أسباب وجيهة للكفاح من أجل حقوق الإيرانيين، أو مغادرة إيران. وإبراز سهولة حياة المؤثرين الإيرانيين الذين يعيشون خارج البلاد. والعمل على بث فيديوات مُلهِمة للمؤثرين على مواقع التواصل الذين غادروا إيران وكيف يريدون أن يروا إيران.
المبادرة الخامسة: إنفوغراف وكاريكاتير ترفيهي
الانخراط مع الشبان في حوار عبر إنفوغراف وكاريكاتير مسلٍّ ومن خلال قنوات التواصل الاجتماعي، على أن يتم التركيز على معلومات حقيقية عن إيران ليس كتلك التي تعرضها الحكومة الإيرانية، إضافة الى القضايا الثقافية والنزاعات السياسية والسيطرة الحكومية.
المبادرة السادسة: تقديم رسم متحرك Animated Character
إيجاد رسم متحرك لشخصية من طبيعة المجتمع الإيراني للإضاءة على قضايا مشتركة في المجتمع الإيراني بطريقة ساخرة. والعمل على عدد الزيارات على الموقع ونسبة الحضور على كل منصة اجتماعية ونسبة الانخراط على قنوات التواصل وفي كل حملة، وعدد التغريدات والهاشتاغات على تويتر وعدد المشجعين والمتابعين على مواقع التواصل.