منازل اللبنانيين تحولت الى مصارف مصغرة ؟!
في بداية الازمة المالية وانهيار الليرة امام الدولار عام ٢٠١٩ واوائل ٢٠٢٠ جهد رياض سلامة والمصارف بالعمل على استقطاب العملات الصعبة الموجودة بخزائن المواطنين وبعض التجار بالمنازل ،،والتي قدرها سلامة حينها من ٨ الى ١٠ مليار دولار !
لكن اهتزاز وانعدام الثقة لاحقاً بسلامة والمصارف جعل المواطنين ومعظم التجار يراكمون هذه الاموال بخزائنهم الخاصة رغم انعدام الامن وزيادة بمعدلات الجريمة بشكل غير مسبوق ، على ان يضعوا ولو جزء بسيط منها بالمصارف ..
ويقدر حجم الاموال في المنازل اليوم وخزنات التجار باكثر من ٣٠ مليار دولار وعشرات الالف المليارات من العملة اللبنانية فضلاً عن حجم الذهب المخزن الى جانب هذه الاموال والذي يقدر باكثر من ١٠ مليار دولار بعد ان شهد سوق شراء الذهب في لبنان وعبر الاسواق الخارجية تعاظم غير مسبوق خلال عامين لا مثيل له منذ عهد الرئيس الياس سركيس ..
بالمحصلة يبدو المشهد الذي اسلفنا بعض وقائعه مخيف وخطرا ًامنياً واجتماعياً في ظل تحلل الدولة ومؤسساتها بالامن والقضاء والادارة ، بالمقابل يعد مؤشر هام وربما يكون الاهم لأي خطة نهوض وتعافي وبناء اقتصاد جديد مستقر ومتين ، والذي لن يكون باي شكل متاح بظل غياب مطلق للثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة المالية والمصارف ، وكيف ستعود هذه الاموال الى خزائن مصرف لبنان ومصارف ودولة سحقت اموال المودعين وبخرتها بشكل وحشي وقذر لم تشهده اي دولة بالعالم ..
ما لا يدركه او يدركه المطالبين ليلاً نهاراً بوقف الانهيار وتعافٍ اقتصادي واصلاح مالي هو ان حجم الكتلة النقدية بالعملة الصعبة والليرة والذهب الموجودة اليوم بخزائن المواطنين والتجار قادرة ان تقلب الحال الاقتصادي الحالي ٣٦٠ درجة ، دون الحاجة لصندوق النقد او قروض خارجية ومساعدات مالية مشروطة من اي دولة ، في حال دخلت هذه الكتلة او ٥٠٪ منها الدورة الاقتصادية الطبيعية اي المصرف المركزي والمصارف !!
لكن ١٪ من اصحاب هذه الاموال لديه ثقة 0’1 💯 بالمصرف المركزي والدولة والمصارف التي سحقت اموالهم واموال غيرهم دون ان يرف لهم جفن ..
وهذه الثقة لن تعود الا من خلال زج حاكم مصرف لبنان ومعه عددا من اصحاب المصارف بالسجن وهيكلة القطاع المصرفي بشكل جذري يطيح بشكل كلي بالمصارف التي تشاركت مع الدولة والمصرف المركزي بسياسة الدين بدون سقف والفوائد الوهمية والهندسات المالية ، ووضع قوانين فعلية تضع حداً لسقف محدد لاقراض المصارف والمصرف المركزي الدولة لا يتخطى ٣٪ من حجم اموال المودعين لديه، وغير ذلك ستتحول المنازل وخزائن التجار الى مصارف مصغرة ستبقى خارج الدورة الاقتصادية الطبيعية التي من شأنها بناء دولة قادرة واقتصاد قوي ومستقر ..
عباس المعلم / كاتب سياسي