ترسيم “تاريخي” مع إسرائيل… الجميع منتصرون!
وأجمع الموقف اللبناني الرسمي على قبول الصيغة النهائية التي أخذت بكافة الملاحظات اللبنانية ودونت في الوثيقة الأميركية بانتظار موافقة اسرائيل النهائية على التفاهم في الكنيست والمحكمة.
وكتبت” النهار”: لم يكن ادل على الطابع الاستثنائي الذي طبع حدث التوصل أخيرا الى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من اجماع المسؤولين اللبنانيين والاسرائيليين على وصف الاتفاق بـ”التاريخي” وتأكيد كل منهم ان بلده نال مطالبه الكاملة بما يوحي بانها تسوية خرج منها الجميع منتصرين !
هو اتفاق لا يرقى طبعا الى معاهدة سلام او ما يوازي اتفاق 17 أيار او اتفاق الهدنة، ولكنه محطة تاريخية بمعايير الصراع بين لبنان وإسرائيل لجهة النزاع الحدودي بحرا وبرا من جهة، وحيال المسألة البالغة التوهج والاهمية الاستراتيجية إقليميا ودوليا والمتصلة بالتنقيب عن الغاز والنفط واستخراجهما. بذلك ليس غريبا ان تكون الولايات المتحدة قد رمت بثقلها لانجاح وساطتها عبر كبير خبرائها ومستشاريها الاستراتيجيين في مجال الطاقة في الإدارة الأميركية آموس هوكشتاين، وتمكنت في لحظة تقاطع مصالح نادرة واستثنائية بين الدول الثلاث المعنية بالمفاوضات التي ادارها هوكشتاين من احداث الاختراق الكبير وتعطيل افخاخ خطيرة كانت تتربص بالاتفاق وتتهدد بنسفه خصوصا في الأيام الأخيرة التي سبقت وضع هوكشتاين الصيغة النهائية التي تضمنت صياغات ترضي الاضداد – الأعداء، وحصدت موافقة كل من لبنان والحكومة الإسرائيلية وانقذت جهود الوساطة الأميركية في اللحظة الحاسمة. ولعل المعادلة اللافتة التي ابرزها نجاح الوساطة الأميركية في لحظة محلية (لبنانية) وإقليمية ودولية شديدة الحساسية والالتباس، عكست أولا بعدا استراتيجيا أساسيا يتمثل في “الانكفاء” الواضح عن مسببات المواجهة العسكرية على طرفي الحدود سواء من جانب إسرائيل او من جانب “حزب الله” الذي لا يشكك احد في انه لو لم يكن اعطى “الضوء الأخضر” من جانبه لاركان السلطة الرسمية، لما وافقوا على الاتفاق بصيغته الأخيرة بلا تحفظات. هذا البعد يكتسب بعدا بارزا للغاية لجهة انخراط إسرائيل و”حزب الله” ضمنا في هدنة طويلة جدا على الأقل، وتحرير ملف النفط والغاز من مناخات التهديد الحربية. كما انه يصعب نزع طابع استراتيجي في تلاقي المصالح وتقاطعها حيال ملف الثروة النفطية من جهة والظروف التي يمر بها كل من الأطراف الثلاثة للاتفاق من جهة أخرى. فإسرائيل تمرر الاتفاق عشية انتخاباتها العامة التي تجعل يائير لابيد يضع كل رهانه على إنجاح الخلفية الأمنية – الاقتصادية للاتفاق في مواجهة خصمه القوي بنيامين نتنياهو. و
لبنان المنهك بانهيار تاريخي دفع العهد العوني الى الإفادة القصوى من ملف الترسيم، عله يعوض الصورة القاتمة التي تلازمه عشية نهاية الولاية في اخر تشرين الأول الحالي، و”حزب الله” الذي يتباهى بان وقوفه بتهديدات الحرب وراء الدولة اللبنانية في المفاوضات حصل حقوق لبنان ناجزة كاملة يضمر وراء ذلك معطيات محلية وإقليمية تجعله يستثمر في تطور سلمي ما يصعب جدا المغامرة فيه حربيا. اما الولايات المتحدة فهي عوضت الكثير في اتفاق الترسيم عن الضربة التي تلقتها من اوبيك بلاس أخيرا كما انها هي الأخرى لا يضيرها تحقيق اختراق دافع عشية الانتخابات النصفية للكونغرس لمصلحة إدارة الرئيس جو بايدن .
وأكدت مصادر مطلعة على الملف لـ”البناء” أن “لبنان سجل انتصاراً ديبلوماسياً ووطنياً بإلزام العدو الإسرائيلي بإنجاز ملف ترسيم الحدود الاقتصادية وفق المطالب اللبنانية وإجهاض كل المحاولات الإسرائيلية بهضم وقضم حقوق لبنان من خلال فرض أمر واقع عبر التلاعب بتفسير العبارات والمصطلحات بما يخدم العدو”.
وكشفت أن “لبنان تمكن في مفاوضات الأيام الأخيرة من تعديل الصيغة الأولى في الاتفاق بأكثر من نقطة أهمها: رفض لبنان لأي حقوق أو امتيازات للعدو بحقل قانا وإبعاد أي علاقة للبنان بالاتفاق بين شركة توتال وحكومة الاحتلال من تعويضات مالية وغيرها”.
أما النقطة الثانية وفق المصادر فهي فشل العدو بتكريس خط الطفافات البحري كخط حدود والإبقاء عليه كخطٍ بحري يشبه الخط الأزرق البري، وعدم تجاوز نقطة رأس الناقورة والـ b1 وبالتالي عدم المس بالحقوق اللبنانية وأي تأثير لهذا الخط على الحدود البرية”.