استقالة الحكومة الكويتية: بداية معركة ولاية العهد؟
أساس ميديا
دخلت الكويت في أزمة ثقة جديدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ما أطاح بالحكومة بعد ساعة على تشكيلها “بسبب إعتراض نيابي” واسع على الأسماء التي تضمنتها، لكن مضمونها السياسي الفعلي حمل مؤشرات كثيرة على أنها معركة ولاية العهد من خلال الحديث المتنامي على أنّ الأزمة هدفت فعلياً إلى قطع الطريق على رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد الذي يُجابه قطعاً للطريق أمام وصوله لولاية العهد في ظل الوضع الصحي الدقيق جداً للأمير الحالي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حيث يتولى معظم مهامه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح.
حكومة الساعة الوحيدة
كثيرا ما أدى الجمود بين الحكومة والبرلمان إلى تعديلات وزارية وإلى حل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات نيابية، كان آخرها تلك التي حصلت الأسبوع الماضي وأدت إلى فوز المعارضة. لقد تمّ تكليف ظُهر أول أمس أحمد النواف تشكيل الحكومة. ومساء اليوم نفسه وفي أسرع تأليف قدّم النواف حكومته وفيها وزراء سابقون أبرزهم وزير الخارجية أحمد الناصر ابن رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد ووزير المالية عبد الوهاب الرشيد ووزيرة البلدية رنا الفارس.
ومن بين الوزراء وحسب الدستور يجب أن يكون في الحكومة نائب محلل فتمّ اختيار السلفي عمار العجمي وهو من المعارضة. وعرفت دولة الكويت منذ تأسيس مجلس الأمة عام 1963 مشاركة أحد أعضاء المجلس على الأقل في التشكيل الوزاري للحكومات الكويتية وهو ما يعرف بـ”الوزير المحلل”.
بعد ذلك بدأت تصريحات النواب المعروفين بموالاتهم للشيخ أحمد الفهد تهاجم التشكيل الحكومي بشدة، وطالبوا رئيسها بتغييرها قائلين له انّه “لم يقرأ رسالة الانتخابات ولم يسمع صوت الناس” في إشارة إلى فوز المعارضة التي عادت بقوة إلى أروقة البرلمان الكويتي بعد أن حصلت على نحو 30 مقعدا من أصل 50 خلال الانتخابات النيابية. كما تمّ تسجيل عودة النساء إلى تحت قبة عبد الله السالم بعدما كانت غائبة خلال العهدة السابقة. وكانت المعارضة قد خاضت الإنتخابات تحت شعارات عديدة، أبرزها تمرير قوانين رادعة من أجل محاربة الفساد والتعاون مع الحكومة المقبلة لتحسين أداء اقتصاد البلاد وإنهاء الاعتماد الكبير على النفط.
بعد ذلك كرت سبحة النواب المعترضين وتجاوزوا الـ40 بينهم أحمد السعدون نفسه الذي كانت القيادة تعول عليه لترشيد المعارضة وضبطها لكنه خالف التوقعات وأيد المطالب النيابية.
وعلى الفور وبعد مضي ساعة فقط من إعلان الحكومة قدّم عمار العجمي استقالته. وقال ان الحكومة تتضمن لأسماء لم تعد تحصل على ثقة الناس وكانت تغطي تجاوزات الحكومات السابقة وهو يقصد لأحمد الناصر والرشيد والفارس الذين كانوا في حكومة صباح الخالد.
أسرع تغيير حكومي وتعديلات وزارية
هكذا وضع جميع الوزراء استقالاتهم بتصرف النواف الذي أعلن أنه سيقبل بعضها وسيبقي على بعض الاسماء ويغير الذين لا يحظون بالتأييد. والمفارقة ان وزير الخارجية أحمد الناصر كتب استقالته معلناً “أنه ما كان يريد العودة إلا أنّ أحمد النواف أصرّعلى عودته”.
وبدا من هذه الجولة أنّ النواب انتصروا في أول استحقاق ضد الحكومة. ولم يعد بإمكان رئيسها الشيخ أحمد النواف فعل شيء إلا الاستجابة. وهكذا سجلت الكويت أسرع تغيير وزاري بتاريخها، لحكومة لم تقسم اليمن.
ما حصل أظهر مجدداً وجود اختلال كبير في التوازن بين السلطتين لمصلحة البرلمان. كما دلت على أنّ مواقف المعارضين واجنداتهم اقوى من وعودهم للقيادة السياسية.
وتساءل مراقبون في ضوء ما جرى عن مستقبل التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت خصوصاً ان تطويق الحكومة بهذا الشكل يتعارض تماماً مع مناخ التوافق الذي بُث خلال الأيام الماضية وإثر انتهاء الإنتخابات. ما طرح أسئلة أكبر عن وعود التهدئة التي أعلنها أكثر من نائب.
يذكر أنّ ولي العهد الشيخ مشعل الاحمد الصباح قال للامير الشيخ نواف الاحمد بعد ساعات من اعلان نتائج النيابية: “السمع والطاعة من اخواني الذين نجحوا نواباً عن الامة في مجلس الأمة… ما نقول إلا السمع والطاعة وتسمع إن شاء الله ما يسرك من تعاون بين عيالك الوزراء وسمو رئيسهم واخوانك وأبنائك أعضاء المجلس الذين اختارتهم الأمة… ووصيتهم أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة”.
وكان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح قبل استقالة الحكومة الأحد الماضي، طالب الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح بتصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.
وكان ولي العهد قد عيّن الشيخ أحمد رئيساً للوزراء في تموز الماضي، بعد أن ضغط نواب معارضون في البرلمان المنحل من أجل تعيين رئيس وزراء جديد، وإقالة رئيس البرلمان الذي لم يترشح في انتخابات أيلول الماضي.
وكثيراً ما أدى الجمود بين الحكومة والبرلمان إلى تعديلات وزارية، وإلى حل المجلس التشريعي مما أعاق الاستثمارات والإصلاحات.