موضوعات وتقارير

هل تُفجر احتجاجات إيران الحدود الجنوبية؟

بواقعية يتحدث خصوم وأعداء إيران عن التظاهرات التي عمّت مختلف المناطق في البلاد، ويقول هؤلاء إن نظاما دينيا متجذرا في الدولة منذ أكثر من ثلاثة واربعين عاما لا يمكن لتظاهرات مدنية إسقاطه في اسابيع أو أشهر قليلة، فالنفس الطويل سيكون سِمَة الحراك الذي بدأ في ايران في حال قرر الغرب إحراق ورقة النظام الذي سعى الى إرسائه عام 1979 حين ساهم بإسقاط نظام الشاه لتبدأ رحلة إيران العسكرية بوجه نظام صدام حسين البعثي.

في الشق الذي يخص لبنان، فإن الامتداد الطبيعي لمشروع ولاية الفقيه برأي حزب الله يضع الحزب بعسكره وجمهوره في أُهبة الاستعداد لأي مواجهة يطلبها النظام في إيران والذي يبدو مرتاحا اليوم وقادراً على ضبط تلك التظاهرات ولو استمرت أسابيع. ولكن تطور الامور وذهابها نحو “عسكرة” الثورة يُحتم على الدولة التدخل بشكل أكبر وأقسى، وعندها يدخل الحرس الثوري كقوة حاسمة لافشال التظاهرات. وامام هذا المشهد، ماذا لو وصلنا الى سيناريو تحول المدن الايرانية الى قنابل موقوتة كما حصل في المدن السورية والليبية مع الربيع العربي فهل سيتحول لبنان الى ساحة مواجهة مفتوحة في الداخل والخارج؟
يتواصل حزب الله مع القيادة الايرانية بشكل شبه يومي لمعرفة ما يجري ومدى خطورة تلك الاحتجاجات بعيدا عن اخبار مواقع التواصل الاجتماعي، وتشير أوساطه الى أن الوضع تحت السيطرة والى أن النظام اعتاد على تلك التحركات التي تحصل بصورة مشبوهة ويقوم بها بعض الداخل بالتواطؤ مع قوى خارجية، لافتة الى أن لبنان بعيد عن أي تأثير مباشر لتداعيات تلك التظاهرات كما أن قيادة الحزب حريصة على ان يبقى الداخل مضبوطا بإيقاع التنافس السياسي المتصل بالاستحقاقات الدستورية والمالية.

ولكن ورغم الطمأنة الحزبية، ثمة مخاوف من سيناريو اشعال الساحات الايرانية في المنطقة وهذا الامر تُدركه القيادة في حارة حريك خصوصا وأن هناك بعض الاستحقاقات التي يمكن أن تُستَغل من قبل أطراف خارجية لجس نبض الحزب في حال كان هناك قرار كبير بإشعال تلك الساحات. واحد من هذه الاستحقاقات مرتبط بملف التنقيب عن النفط حيث ينتظر لبنان مسودة هوكشتاين الخطية والتي تصل نهاية الاسبوع ليدرسها قبل الرد عليها. وهنا تحذر اوساط الحزب من الالغام التي يمكن أن يتضمنها الاتفاق الاولي وقد يقابله أخذ ورد وتمييع تستفيد منه اسرائيل التي يُحكى عن استئنافها العمل بحقل كاريش. ورغم كل الاجواء الايجابية التي تُشاع الا أن الحذر برأي الحزب واجب وغياب الثقة يتطلب دراسة المسودة بشكل مفصل ودقيق قبل السير بها.
وعلى الرغم من نفيه الدائم لكل ما يُحكى عن نقمة داخل البيئة الشيعية، تبقى هذه الورقة سيف مصلط على رقبة الحزب، في ضوء الانهيار الاقتصادي والمالي وتأثيره المباشر على الواقع الشعبي في الضاحية والجنوب والبقاع. وتشير تقارير دولية الى أن النقمة ارتفعت وهي غير مرتبطة بحزب الله بقدر ارتباطها المباشر بحياة الناس اليومية، فرب العائلة الذي يؤيد الحزب في النبطية تثقله فواتير المولدات الخاصة التي تتحكم فيها مافيات محسوبة على حزب الله، وفي الضاحية الجنوبية زادت الفجوة بين المؤيدين للحزب والمسؤولين الامنيين التابعين له، ويشكو اهالي الضاحية من التشبيح اليومي مقابل تأمين الحد الادنى من الامن. هذه التراكمات قد تصل الى حد الانفجار القريب بالتزامن مع أي خطوة قد يقوم بها الحزب ضد اسرائيل في حال وجد نفسه أمام أمر عمليات خارجي يفرض عليه اشعال الجبهة لتنفيس الجبهات الدائرة خلف الحدود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى