غداً أول جلسة لانتخاب رئيس للجمهوريّة: خلط أوراق واختبار النيات
وكتبت” النهار”: على طريقة تسديد “كرة البيلياردو” التي تصيب كرات عدة قبل سقوطها في هدفها فاجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية والقوى السياسية والمراجع المعنية جميعا بدعوة سريعة خاطفة من زاوية الواقع المتثاقل للاستحقاق الرئاسي الى الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل غدا الخميس . المفاجأة لا تتصل بواقع الحال بالتوقيت الدستوري لانها جاءت عمليا بعد 28 يوما من بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس بما يعني انها متاخرة وليست متعجلة . بل ان الامر يتصل بدلالات قد تكتسب طابعا طارئا لجملة عوامل تبينها بعض المعطيات والمعلومات كما بعض التقديرات . ذلك ان عامل “المباغتة” في توجيه بري للدعوة برز عبر توجيهها غداة إقرار مجلس النواب قانون الموازنة في مشهد مربك نيابيا وسياسيا وماليا واقتصاديا فيما العد العكسي للاستحقاق يتقدم بسرعة كبيرة بلا أي افق واضح حيال الاتجاهات التي تتربص به . ومع انه سبق لبري ان اعلن بوضوح انه يقدم إقرار الموازنة والمشاريع الإصلاحية على أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية فانه البارحة سارع من حيث لم يتوقع احد الى توجيه الدعوة فيما كان ترددات جلسة الموازنة لا تزال تشغل المشهد النيابي والسياسي .
الدلالة الثانية تتصل “باختزال” بري لما سبق له ان اعلنه الأسبوع الماضي تحديدا انه يربط توجيه الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بشيء معقول من التوافق فاذا به البارحة يتجاوز هذا الشرط ويوجه الدعوة وهو الاعلم بان أي قدر من التوافق لم يتوافر بعد بما عكس معطيات طارئة لديه جعلته يقدم على توجيه الدعوة . وقد توافرت معلومات ل”النهار” ان بري أراد اقفال الباب سريعا على بدايات تحميله تبعات المساهمة في تعطيل انتخاب الرئيس كلما تمادى في التريث في توجيه الدعوة وهو بذلك ربما يرد على انتقاد وجهه تحديدا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الأخيرة حيال عدم الاحتكام الى الانعقاد الدائم للجلسات كما يمليها الدستور دون انتظار عوامل أخرى كما حذر من اسقاط التمثيل الماروني في السلطة عبر الفراغ الرئاسي . وبذلك تشير المعلومات الى ان بري أراد من الجلسة أيضا ان تكون جلسة اختبار النيات للجميع بما في ذلك الذين قد يكشفون استعمال فقدان النصاب في الجلسة الأولى وبما يطلق أيضا المسار الرئاسي عمليا بدءا من غد الخميس . وثمة من ذهب ابعد في التقديرات فربط جانبا من دعوة بري المفاجئة بالعرقلة الطارئة لتعويم الحكومة فجاءت الدعوة لتدخل البلد في مناخ مختلف من شأنه محاصرة نهج تعطيل المحاولات المتواصلة لتعويم او تعديل الحكومة وتضع الاستحقاق الرئاسي في الأولوية التي تحول دون “ترف” طرح الشروط الخاصة والفئوية في ما تبقى من ولاية العهد .
والحال ان الدعوة سرعان ما فتحت قنوات التواصل والتشاور بين اطراف المعارضة على مصراعيها لتحديد الموقف وتنسيق الخطوة تلافيا لتكرار سيناريوهات انتخابية حصلت في المجلس ودفعت ثمنها غاليا. كما ستشهد الساعات المقبلة تكثيفا للمشاورات بما يرسم سيناريو الجلسة غدا .
وكتبت” الاخبار”:بدا رئيس المجلس وكأنه فاجأ كثيرين بدعوته إلى جلسة لانتخاب رئيس. وهو قال لزواره إن قراره “طبيعي” ربطاً بالمهل الدستورية من جهة، ومنعاً لاتهامه والفريق الذي يمثله بعرقلة الاستحقاق. لكن ردود الفعل الصاخبة جاءت من جانب فريق القوات اللبنانية و”قوى التغيير” التي اعتبرت أن بري يحاول خلط الأوراق واتهمته بالتراجع عن تعهّده بعدم الدعوة قبل بروز ملامح توافق على الرئيس الجديد، وسط غموض حول من يمكن أن يتغيب أو يعطل النصاب. لكن الأكيد أن تحديد موعد الجلسة شكل عاملاً محفزاً لكثيرين على تسريع المناقشات للاتفاق على رئيس جديد، لا سيما الفريق الذي يخضع لوصاية الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، إذ يركز الطرفان على إقناع القوى المعارضة لتحالف حزب الله – أمل – التيار الوطني الحر بتسمية مرشح مشترك.
وقالت المصادر إن السعودية تمارس ضغوطاً كبيرة على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لإخراجه من دائرة التحالف أو التسويات مع حزب الله عبر الرئيس بري، وسط مؤشرات سلبية من كون الانقسام قد يؤدي إلى خلافات تمنع تأمين النصاب لفترة طويلة ما قد يتسبب بالشغور الرئاسي.
وكتبت” البناء”: مع انعقاد الجلسة التي يمكن أن تشهد أكثر من دورة، يحتاج المرشح للفوز في الدورة الأولى منها لأغلبية الثلثين التي يتكوّن منها نصاب حضور كل الدورات الانتخابيّة، فيما يكفي للفوز في الدورات التي تلي تصويت الأغلبية المطلقة المكوّنة من 65 نائباً لصالح مرشح يعتبر فائزاً ويعلن رئيساً جديداً للجمهورية، وهو ما تستبعد مصادر متابعة حدوثه في جلسة الغد، مع توقع ظهور الأسماء التي تدعمها الكتل النيابية وحجم التصويت لكل منها، ما يفتح الباب الجدّي للتشاور طلباً لتوافق يضمن حصول أحد المرشحين على الأغلبية اللازمة للفوز، قبل الدعوة لجلسة ثانية أو ثالثة، وربما ضمن المهلة الدستوريّة، أو بعد انقضائها بقليل.
وأشارت أجواء عين التينة لـ”البناء” إلى أن “الرئيس بري مارس حقه الدستوريّ وصلاحيّاته ودعا الى جلسة بعدما اتهمته قوى سياسية عدة بالتأخير بالدعوة، كما جاءت بعد الدخول في المهلة الدستورية، كما أن بري رأى أن الأولوية باتت انتخاب الرئيس بعد إقرار الموازنة”.
وذكّرت بما سبق وأعلنه رئيس المجلس بأنه لن يدعو الى جلسة إلا بعد إقرار الأمور التشريعية كبعض القوانين الإصلاحيّة والموازنة. وشددت على أن المجلس يستطيع التشريع وانتخاب الرئيس في المهلة الدستورية، كما أن بري سبق وقال إن “على عاتق المجلس مهمة إنقاذ لبنان” وإنه سيدعو الى «جلسة في الظروف المناسبة وعندما يلتمس بعض التوافق السياسي”.
وعن اطمئنان الرئيس بري لحضور الكتل وتأمين النصاب، لفتت أجواء عين التينة الى أن “المسؤولية الوطنية تفرض على جميع الكتل الحضور وعدم تعطيل النصاب طالما أن معظم لا بل جميع الكتل أكدت أنها ستحضر أي جلسة للانتخاب”.
وكتبت” اللواء”: “رمية من رام ماهر”..
هكذا يمكن وصف دعوة الرئيس نبيه بري، بوصفه رئيساً للمجلس النيابي، وناخباً قوياً، مجلس النواب لعقد جلسة عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد الخميس في 29 ايلول الجاري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
دستورياً، استند الرئيس بري الى المادة 73 من الدستور التي تنص فقرتها الاولى على: قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الاقل او شهرين على الاكثر يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب رئيس جديد..
وفي السياق الدستوري، اصبح المجلس هيئة انتخابية لا «هيئة اشتراعية» فالمادة 75 تنص “على ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة او اي عمل آخر”، ماذا يترتب على ذلك:
1- قطع الطريق على أي خطوة يمكن ان يقدم عليها الرئيس ميشال عون برد قانون الموازنة للعام 2022، تحت اي اعتبار.
2- قطع الطريق على الجدل الدائر حول تأليف حكومة جديدة، واعلان ان هذا الموضوع، لم يعد اولوية، فالوزراء البدائل او المرشحون للبدل، هم فرع، فاذا سقط الاصل، سقط الفرع حكماً..
3- اعتبار حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة، والتي تتولى تصريف الاعمال، كافية في الشهر ويومين المتبقيين من عمر الولاية الرئاسية للرئيس عون..
اما سياسياً، وهذا هو الأهم، فالقراءة المنصفة والمنطقية، تقتضي وضع الدعوة في سياقها، فبعد الفراغ من اقرار الموازنة، وبعد اسابيع من المطالبات المباشرة، والبيانات وعظات الاحد وخطب الجمعة، والمبادرات الرئاسية على اختلافها، وابرزها مبادرة «قوى التغيير» وبيان دار الفتوى.
وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ “الديار” ان سببين رئيسيين يقفان خلف دعوة بري، اولا، التزامه بصلاحياته كاملة وقراره بأن يدعو اقله لجلستي انتخاب قبل تحول المجلس لهيئة ناخبة في الايام الـ ١٠ الاخيرة من ولاية الرئيس الحالي ميشال عون. اما السبب الثاني فسعيه لاسقاط التهمة التي يوجهها البعض لـ “الثنائي الشيعي” بأنه غير مستعجل لانتخاب رئيس ولا يمانع الدخول في الفراغ. ورجحت المصادر ان تكون الجلسة “شكلية بحيث انه من المستبعد تماما ان يتأمن نصابها المتمثل بـ ٨٦ نائبا، فيحصل تفاهم ضمني بين الكتل على الا تقاطع الجلسة وفي الوقت نفسه الا تحضر بكامل اعضائها لعدم تأمين النصاب لان ايا منها لم تحسم قرارها بعد لجهة المرشح الذي ستخوض به الاستحقاق الرئاسي”.