حكومة الائتلاف على حافة الانهيار.. ما هو سبب قلق نتنياهو؟
الوقت-في حين أدى اندلاع أزمة وباء فيروس كورونا في الأراضي المحتلة منذ منتصف العام الميلادي الجاري ، إلى حل الأزمة السياسية الكبيرة لهذا الكيان بشكل مؤقت ببعد اتفاق حزبي الأزرق والأبيض بقيادة بني غانتس والليكود بقيادة بنيامين نتنياهو على تشكيل حكومة ائتلافية ، لكن بعد مضي فترة قصيرة ، أصبحت الان بوادر الشقاق والأزمة في الحكومة الائتلافية الإسرائيلية أكثر وضوحا.
وفي الواقع ، بعد مضي أشهر على تحالف نتنياهو – غانتس ، لا تزال الخلافات حول القضايا الداخلية المهمة تلقي بظلالها على حكومة الكيان الصهيوني ، ما يجعل من المستحيل عليها البقاء حتى انه من المحتمل اطالة الأزمة حتى الانتخابات البرلمانية الرابعة خلال عامين.
وفي إحدى الحالات ، استقال وزير السياحة في الكيان ، آساف زمير ، يوم الجمعة والذي ينتمي الى حزب الأزرق والأبيض ، احتجاجاً على القانون الجديد الذي من شأنه منع الاحتجاجات والتظاهر ضد بنيامين نتنياهو بذريعة منع انتشار فيروس كورونا.
وقال في هذا السياق: “إنني قلق من أن الحكومة على وشك وحافة الانهيار الكامل ومن الواضح أن هذا الوضع لن يتغير طالما أن بنيامين نتنياهو لا يزال في منصب رئيس الوزراء”.
ورداً على هذا الاجراء في المقابل وصف حزب الليكود ، في بيان له ، استقالة زمير بأنها محاولة لـ “دعم الإسرائيليين الليبراليين” الغاضبين من رئيس الوزراء وهاجم بشدة حزب الأزرق والأبيض ، وأضاف البيان المنشور على موقع تويتر “حان الوقت لهم ليقرروا ما إذا كانوا يريدون محاربة المرض أم الحكومة”.
لا يبدو أن هناك رؤية مشتركة بين أعضاء حزب الأزرق والأبيض للاستمرار في الحكومة الائتلافية مع نتنياهو ، حيث تزعم صحيفة تايمز الإسرائيلية أن مجموعة متنامية داخل حزب بني غانتس أظهرت عزماً جاداً بشأن دراسة الشراكة مع رئيس وزراء مؤسسة نتنياهو ، والتي ستطيح بالحكومة وستجرى الانتخابات الوطنية الرابعة في أبريل 2021.
وفي غضون ذلك ، قال وزير الليكود زيف ألكين لإذاعة الجيش التابعة للكيان الصهيوني أنه إذا لم يسمح حزب الأزرق والأبيض للحكومة بالعمل ، “فقد لا يكون هناك خيار سوى الذهاب إلى صناديق الاقتراع”.
ومن ناحية أخرى ، ثمة هناك تكهنات بأن بنيامين نتنياهو ، بينما يخشى انهيار الحكومة خوفاً من استمرار جاد لمحكامته بسبب قضايا الفساد ، لكنه يجهز نفسه لسقوط حكومته في ظل الظروف الراهنة ، وبحسب ما ورد في هذا الصدد ان نتنياهو أبقى مفتاح التطبيع مع الإمارات والبحرين سراً عن غانتس ووزير الخارجية ت. غابي أشكنازي من حزب الليكود (منافسه على قيادة الحزب) حتى تكون مكاسبه السياسية ملكًا له ولحزب الليكود فقط ، ومن ناحية أخرى ، قد تكون إدانة حزب الليكود لحزب الأزرق والأبيض لتخريبه مكافحة وباء كورونا حيلة للهرب من الانتقادات لأداء نتنياهو السيئ ضد انتشار المرض.
تظهر استطلاعات الرأي أن حوالي ربع السكان فقط يثقون في إدارة نتنياهو ، والتي خففت بشكل كبير خلال الحصار من مارس إلى مايو لكنها ارتفعت مرة أخرى حيث ان أكثر من 7000 شخص في مجتمع الكيان البالغ عددهم 9 ملايين نسمة ، يصابون بفيروس كورونا كل يوم وهو عدد كبير جدا ، وبعد ستة أشهر على انتشار الوباء ، توفي 1500 شخص بسبب تداعيات الفيروس وفقد أكثر من 800000 إسرائيلي وظائفهم.
وليس من المستغرب أن حزب “الأزرق والأبيض” ، الذي فاز بـ 35 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الـ21 ، تراجع إلى شعبيته المكونة من رقم واحد في استطلاعات الرأي الأخيرة للفوز بمقاعد في الكنيست.
تغيرات الوضع السياسي بعد كورونا
أظهر استطلاع رأي حديث نشرته القناة التلفزيونية 12 الإسرائيلية أنه إذا أجريت الانتخابات الآن ، فلن يتغير وضع حزب الليكود كثيرًا مقارنة بالانتخابات السابقة (مع انخفاض 6 مقاعد مقارنة بـ 36 مقعدًا حاليًا) ، لكن حزب الأزرق والأبيض كشريك أساسي سيواجه في السلطة انخفاضًا حادًا في الأصوات ، ومن المثير للاهتمام ، انه وفقًا لاستطلاع حديث ، أن تحالف حزب الاتحاد اليميني (يامينا) بقيادة نفتالي بينيت يكتسب دعمًا كافيًا لكسب حوالي 21 مقعدًا ، وهي قفزة كبيرة عن المقاعد الستة الحالية التي يمتلكها ، وهذا يدل على أن حوالي نصف مليون ناخب ، أي ما يعادل حوالي 15 مقعدًا في الكنيست ، قد تحولوا من ما يسمى بالطيف المعتدل في الكيان الصهيوني إلى حزب ديني قومي متطرف يدعم بقوة ضم الضفة الغربية في أسرع وقت ممكن واستمرار شركة بناء مدن الاستيطان غير القانوني والتمييز القانوني ضد الأقليات والفلسطينيين.
لكن السؤال الآن هو لماذا لا يجب أن يكون نتنياهو سعيدا بالوضع الحالي الذي يسمح لحزب الليكود بتشكيل حكومة عدم الانحياز؟ والجواب هو استجابة نفتالي بينيت للمخاطر بسبب موقعه.
لم يصل يامينا حتى إلى الكنيست في انتخابات شهر أبريل عام 2019 بأقل من 140 ألف صوت ، وبناء على هذا فكيف يحصل الآن على دعم أكثر من 700000 ناخب؟
إن ارتفاع شعبية بينيت لا يرجع إلى التغيرات الأيديولوجية ، بل يرجع إلى الأصل الرئيسي لبينيت بأنه ليس نتنياهو ، أولاً ، تآكل وتراجع موقع نتنياهو في حزب الليكود مع دخوله عامه الخامس عشر في السلطة ، كما ان استمرار رئاسته لم يعد مقبولا حتى بالنسبة للمخضرمين في الليكود ، نظرا لسلوك الأسرة المترفة وفساده وأقاربه.
وفي الشهر الماضي ، مع اجتياح الأزمة الاقتصادية والمرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، اصطحب نتنياهو عائلته إلى الولايات المتحدة الامريكية لتوقيع اتفاقية مع الإمارات والبحرين ، حتى انه قيل إنه أحضر حتى حقائب مليئة بالملابس المتسخة لغسلها وتنظيفها وتجفيفها مجانًا أثناء إقامته في فندق البيت الأبيض.
ومن ناحية أخرى ، تمكن بينيت من إظهار وجه أكثر مصداقية في مكافحة وباء كورونا بين الشخصيات السياسية الأخرى في مجلس الوزراء.
ومن المثير للاهتمام ، أن ظهور بينيت كشخصية تؤمن بتفوق اليهود واستمرار الاحتلال وتزايد قمع الشعب الفلسطيني هو أكثر قبولًا لدى حزب الأزرق والأبيض بالنسبة للتحالف من بنيامين نتنياهو.