واشنطن تستنفر جهودها: بدء العدّ العكْسي لانتهاء الهدنة
قبل أسبوع من انتهاء الهدنة الإنسانية الممدَّدة في اليمن، تُكثّف الولايات المتحدة جهودها من أجل إقرار تمديد جديد، أطْول أمداً، للهدنة، دافعةً في سبيل ذلك بمقترحاتٍ، يبدو شاغلَها الأوّل استرضاءُ صنعاء التي ما فتئت تلوّح بالعودة إلى تصعيد عسكري، هو آخر ما تحتاج إليه واشنطن في ظلّ هذه المرحلة الحُبلى بالتحدّيات. وانطلاقاً من ذلك، يُصعّد الأميركيون، بمعيّة الأمم المتحدة، ضغوطهم على التحالف السعودي – الإماراتي والقوى المحلّية الموالية له، بهدف حمْلهما على المُضيّ قُدُماً في تنفيذ بنود اتّفاق وقف إطلاق النار، تمهيداً لتوسيعه لاحقاً
وأفادت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، «الأخبار»، بأن ثمّة «بوادر إيجابية قد تُفضي إلى إلزام حكومة الطرف الآخر بضمان صرْف مرتّبات الموظفين»، متحدّثةً عن «تفاهمات غير معلَنة» يَجري نسْجها بخصوص تمديد الهدنة التي تقترب من نهايتها في الثاني من تشرين الأوّل المقبل. وأشارت المصادر إلى أن الحكومة المُوالية لـ«التحالف» واجهت، خلال الأسابيع الماضية، ضغوطاً أميركية مكثّفة من أجل تحقيق هدف الانتقال إلى الهدنة الموسَّعة، مؤكدة أن «المجلس الرئاسي» وافق مبدئياً على مقترح أميركي – أممي بشأن التمديد والتوسيع، موضحةً أن العُقدة الآن تتمثّل في اشتراط المجلس دفْع المعاشات من عائدات سفن الوقود التي يسمح لها «التحالف» بالوصول إلى ميناء الحديدة، من دون الالتزام بسدّ العجز في ميزانية المرتّبات من عائدات مبيعات النفط والغاز في المحافظات الجنوبية.
وأكد رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، في حلقة نقاشية مع معهد «الشرق الأوسط» في واشنطن يوم الجمعة الماضي، وقوعه تحت ضغوط دولية كبرى من أجل الاستمرار في الهدنة، لافتاً إلى أن حكومته بحاجة إلى مزيد من الدعم المالي الدولي والإقليمي لتنفيذ الاستحقاقات المرتبطة باتّفاق وقف إطلاق النار. وأَلمح العليمي إلى تَعرُّض مجلسه لـ«الخذلان» من قِبَل «التحالف»، مشيراً إلى أن التعهّدات التي أعلنت عنها الرياض وأبو ظبي في السابع من نيسان الفائت، لم تترجَم حتى الآن في ظلّ وجود شروط لم يفصح عنها، وهو ما قال إنه يتهدّد الهدنة. في المقابل، جدّدت صنعاء تحذيرها «التحالف» من مغبّة الالتفاف على المطالب الإنسانية اليمنية، مُحمِّلةً الرياض وأبو ظبي مسؤولية «إعاقة مسار السلام». ونبّه رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، في خطاب له عشية الذكرى الـ60 لـ«ثورة 26 سبتمبر» 1962، إلى أن البديل من هذا المسار هو «التصعيد المفتوح الذي ستكون له أضرار واسعة سواءً على المستوى المحلّي أو الإقليمي أو الدولي»، فيما شدّد رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، على أن «صرف مرتّبات، وإنهاء الحصار على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وتثبيت وقف إطلاق النار، خطوات ضرورية لاستقرار حقيقي يلمسه الشعب اليمني».
ولا يزال مطار صنعاء، الذي شهد أخيراً عملية تحديث واسعة، يَنتظر أن تفِي الأمم المتحدة بوعودها بفتح مسارات جديدة للرحلات التجارية الجوّية منه وإليه، وخاصة أن نائب المتحدّث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، كشف، أواخر تموز الفائت، عن نيّة المنظّمة الدولية ربط المطار بمزيد من الوُجهات، إضافة إلى عمّان والقاهرة، ضمن اتّفاق التمديد الأخير للهدنة بدءاً من 2 آب الماضي. ووفقاً لمصادر ملاحية مطّلعة، فإن الوعود الذي تلقّتها صنعاء بهذا الخصوص، تضمّنت توسيع نطاق عمل المطار بشكل منتظم ومجدول عبر الناقل الوطني، وكذلك عبر شركات الطيران الدولية، ليشمل كلّاً من عَمّان والقاهرة وجدة ودبي ومومباي والدوحة، فيما رُبط تنفيذ هذه الوعود بالحصول على موافقات العواصم المذكورة، وهو ما لم يتحقّق بمعظمه إلى الآن.