تطوّرات متسارعة ترافق انتظار عودة هوكشتاين.. إسرائيل تعرض التأخير إلى ما بعد الانتخابات
وفي هذا السياق كتبت “النهار”: ان الاجواء الإيجابية التي كانت طبعت جولة الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين الاخيرة، بدت امام شكوك متجددة باعتبار أن الوصول إلى تفاهم أو تسوية انطلاقاً من الطلب اللبناني بالخط 23 وحقل قانا كاملاً لا يزال غير متاح، إذ أن إسرائيل لم توافق على طلب لبنان حتى الآن. وهذا التعقيد يحتاج إذا جرى التوصل إلى تهدئة في غزة، إلى مزيد من الجولات المكوكية للوسيط الأميركي لمعالجة عدد من النقاط على المستوى التقني، وربما يبدأ هوكشتاين من نقاط جديدة، إذا حدثت تطورات على مختلف الجبهات مع إسرائيل، وإن كان الأميركيون يضغطون لمنع الحرب أو التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل والذي ينعكس على المنطقة. وقد أظهرت التطورات في غزة أن الحكومة الاسرائيلية ربما تحاول التأجيل أو حتى الهروب من استحقاقات ضاغطة عليها الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية . فبعد قرارها إرجاء استخراج الغاز من حقل كاريش، قد تتسبب الحرب في غزة باستبعاد البحث في ملف الترسيم، ولكن لا يبدو أن اسرائيل تريد تصعيداً مع لبنان .
وفيما اندفع مسؤولون ونواب في “حزب الله” في الأيام الأخيرة بخطاب هو اشبه بحملة “تخوين ناعمة” لمعظم خصومه اللبنانيين ذهب نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بعيدا في خطاب تهويلي على من وصفهم بـ”الشركاء” في الوطن من دون أي تمييز. وعزا المراقبون تصعيد هذه النبرة التهويلية الى ملاقاة “حزب الله” الشهادات التي تعاقبت عليه من قادة الحرس الثوري الإيراني في الأيام الأخيرة لتوظيف الساحة اللبنانية واستحقاقاتها لحساب الأهداف الإقليمية الإيرانية.
وذكرت “اللواء” انه لم يصدر ما يؤشر الى اي حركة جديدة للوسيط الاميركي آموس هوكستين بعدما انهى زيارتيه الى بيروت وفلسطين المحتلة، وافادت مصادر متابعة انه لا يُرتقب اي موقف أو حراك اسرائيلي جديد في ظل الازمات التي يواجهها الكيان سواء ازمته الداخلية السياسية او ازمته في العداون الجديد على غزة”.
وكتبت “الاخبار”: مع أن هوكشتين عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، وناقشت الحكومة الإسرائيلية المُصغرة الأمر الأربعاء الماضي، إلا أنه تبيّن أن العدو لم يصل إلى قرار في هذا الشأن، وأن التركيز كان على خطة العدوان على قطاع غزة. فيما يبدو أن الحكومة الإسرائيلية المؤقتة تميل إلى التسويف وتأخير بتّ الملف الى فترة لاحقة، مع إعطاء إشارات متناقضة، من بينها احتمال تأخير بدء الاستخراج من حقل “كاريش”، بالتزامن مع معلومات عن أن انشغال الإسرائيليين بالعدوان على غزة قد يؤخّر مهمة هوكشتين، علماً بأن الأخير حاول خلال زيارته لبيروت التقليل من أهمية تهديدات حزب الله، من زاوية أن “إسرائيل لا يمكنها الخضوع لابتزاز حزب الله لأن ذلك سيفتح الباب أمام ممارسة أطراف أخرى هذا النوع من الابتزاز”، بخلاف السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي قالت لزوار لبنانيين ولمسؤولين في الإدارة الأميركية إنه ينبغي التعامل بجدية مع تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وذكرت «الأخبار» أن رسائل أميركية وصلت الى الجهات اللبنانية المعنية بالملف، ليس عبر القناة القطرية هذه المرة، بل عبر الكويت التي نقل مسؤول فيها أن الولايات المتحدة حصلت من إسرائيل على ضمانات بأنها ستعطي لبنان ما يريده في مسألة الترسيم، لكنها تميل إلى تأجيل الأمر الى ما بعد انتخابات الكنيست في إسرائيل. وبدا ناقل الرسالة مهتماً بمعرفة موقف المقاومة من هذا الطرح أكثر من أي أمر آخر.
وبحسب المعلومات، فقد أُبلغ الوسيط (لم يعرف ما إذا كان هناك لقاء مباشر بينه وبين المقاومة أو عبر وسيط) أن على العدو أن يتذكّر بأن المقاومة أعلنت أنها لن تنتظر طويلاً وأن المهلة الزمنية غير مفتوحة قبل أن توجّه ضربات مباشرة الى منصات العدو.
وسط هذه التطورات، قالت مصادر رفيعة المستوى إن “لبنان ينتظِر الرد الإسرائيلي المكتوب”، وإن “اجتماع بعبدا تولّدت عنه مقاربة جديدة لملف الترسيم، بيّنت أن العدو الإسرائيلي يريد أن ينُجز حلاً في المضمون، لكنه يبحث في الشكل عن مخارج له”، علماً بأن “كل ما حصل منذ الزيارة لم يصل إلى مرتبة الإجراءات العملية»، معتبرة أننا في حالة من “اللاسلبية واللاإيجابية في آن”.
ولفتت المصادر إلى أنه في حال عودة هوكشتين حاملاً الجواب المكتوب “سيدعى الوفدان اللبناني والإسرائيلي إلى الناقورة مجدداً لتوقيع النصوص برعاية الأمم المتحدة”.
وقالت مصادر سياسية إن “التفاهمات المفترضة حول ملف الترسيم لن تكون رهن توافق عام فقط”، لأن “ما طرحه الوسيط الأميركي كان على أساس أن يتولى هو مواصلة المفاوضات وصياغة التفاهم، وأن يصار الى عقد اجتماع واحد أو اجتماعين في الناقورة لأجل الإقرار”. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال لزواره إن «العناوين العامة جرى النقاش حولها، وهو (هوكشتين) سمع منا وذهب الى الإسرائيليين ليعود بجواب، ونحن ننتظر. وفي حال حصول تقدم، سيحال الأمر الى مفاوضات غير مباشرة في الناقورة“.
وبحسب المصادر، فإن “ما يهدف إليه الوسيط الأميركي ولو برعاية الأمم المتحدة هو توقيع اتفاق أو تفاهم بين لبنان والعدو برعاية دولية يشتمل على كل نقاط الخلاف”. وبالتالي، يعتقد مطّلعون في بيروت أن مثل هذا الأمر لا يقف عند حدود تفاهم عام، بل هو مرتبط بتفاهم مفصل”. ما يعني أنه سيكون هناك جهد حثيث، له بعده القانوني والأمني والتقني، وهذا يتطلب فريقاً متخصصاً، ما يعيد الحديث عن تشكيل الوفد اللبناني الى جولات التفاوض غير المباشر في الناقورة.