جوزف عون يكسر “الصمت العسكريّ”.. وباسيل وفرنجية يحشران الحزب
ملاك عقيل -أساس ميديا-
مباشرة على الهواء في مقابلة على قناة “إم تي في” مع الزميل مارسيل غانم، كَشَفَ رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية عن عناوين برنامجه الرئاسي في حال انتُخب رئيساً للجمهورية مع التأكيد على أنّه “ليس مرشّح حزب الله”.
إعلامياً ما من مرشّح فعلاً لحزب الله في ظلّ قرار مركزيّ لدى حارة حريك بعدم خوض مواجهة رئاسية “ليس وقتها”، لا من خلال فرنجية ولا غيره من المرشّحين. لكنّ مسؤولي الحزب لا يتوانون في مجالسهم الخاصّة عن إضفاء الشرعيّة الحزبية على ترشيح فرنجية “الذي حان أوان انتخابه رئيساً”، مستبعدين خيار جبران باسيل.
ويؤكّد متابعون أنّ “بين كلام فرنجية والواقع على الأرض فجوة. فتأكيده أنّه ليس مرشّح الحزب يقابله تأكيد سعودي وغربي أنّه أحد المرشّحين المفضّلين لحزب الله. ويجدر التساؤل إذا كان وصول فرنجية إلى بعبدا يمنح المؤسّسات الدولية جرعة ثقة بمدّ اليد مجدّداً للدولة؟”. ويلفت المتابعون إلى أنّ كلام “فرنجية الأخير يحمل الكثير من التطمينات لدول الخليج، وشكّل ضغطاً أكبر على حزب الله لتبنّي ترشيحه رسمياً”.
العيشية تحتفي بقائد الجيش
تبدو الطلّة الرئاسية لفرنجية تفصيلاً في مشهد بالغ التعقيد قد لا تتكفّل المباحثات الفرنسية – السعودية ولا المساعي الأميركية في جلاء محطّاته الأساسية في المدى القريب.
حتى البيان المشترك الفرنسي – السعودي – الأميركي حول لبنان لم يشكّل، بتأكيد مصدر مطّلع، خرقاً جدّيّاً في المشهد الرئاسي، بقدر ما أنعش واقع الاهتمام الدولي بمرحلة ما بعد عهد ميشال عون، والاستفادة من “دروسه”، من دون الالتزام بخرطة طريق واضحة لتنفيذ ذلك حتى الآن. لكن بالتأكيد المواصفات التي تحدّث عنها البيان لا تنطبق على مرشّحين أمثال فرنجية وجبران باسيل وأيّ “مرشّح محور” آخر.
في الوقت الضائع والفاصل عن لحظة الحسم سُجّلت إعادة تموضع لمرشّحَيْن اثنين غير مُعلَنَيْن للرئاسة، ولكلّ منهما أسبابه، وهما جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزف عون. القاسم المشترك الوحيد بينهما هو أنّ الفراغ الرئاسي يخدمهما بقوّة.
لم يكن تفصيلاً هامشيّاً الاستقبال الشعبي الذي أُعدّ لقائد الجيش في بلدته العيشية في قضاء جزّين منذ نحو أسبوع بحضور نائب التيار الوطني الحرّ السابق أمل أبو زيد. ليست في الذاكرة احتفالات مماثلة أُعدّت لقائدَيْ الجيش إميل لحود وميشال سليمان إلا بعد انتخابهما لرئاسة الجمهورية.
احتفالية غير اعتيادية في “الزمن الرئاسي” تعاكس قرار الرجل منذ البداية البقاء بعيداً عن الأضواء، إذ شهد النهار الاحتفالي إطلاق اسم جوزف عون عند مدخل ساحة البلدة وإزاحة الستار عن مجسّم للأرزة اللبنانية كان نُصِب هناك في وقت سابق، وتسلّمه درعاً تقديرية من رئيس البلدية، إضافة إلى أغانٍ أُعدّت خصيصاً لجوزف عون: “القائد شمّر ع زنودو/ لبنان بيحمي حدودو…”.
هكذا أتى قرار الخروج إلى الضوء من “ساحة العيشية”، فيما يعلم العماد عون جيّداً أنّ “ساحات عواصم العالم” والظرف الإقليمي والدولي هي العوامل الوحيدة التي تسمح بتجاوزه الكيلومترات القليلة من اليرزة نزولاً صوب بعبدا.
انتظار التسوية الرئاسية
“العقل” الأذكى والأكثر حنكة، الذي له مكانه ضمن الحلقة الضيّقة للقائد، يقدّمه إلى اللبنانيين بصورة تحترم عقولهم ومنطقهم السياسي: “الفراغ الرئاسي متوقّع. لذلك يجب التفتيش عن شخص أو مشروع يعطي فرصة لجم الانهيار والخروج من مربّع الأزمات الوجودية التي يغرق فيها لبنان وإعطاء الثقة للّبنانيين والدولة والمجتمع الدولي. وجوزف عون من موقعه وتجربته قادر على إعادة صنع تجربة شهابيّة جديدة بعد نضوج لحظة التسوية الرئاسية”.
في جولته العسكرية قبل أيام خلال افتتاح شبكة طرق في جرود بلدتَيْ رأس بعلبك والقاع تربط المراكز العسكرية فيما بينها، وتدشين مركز جديد لمديرية المخابرات والشرطة العسكرية في المنطقة، تخلّى عون عن نصوص خطابه العسكري فتحدّث عن “حملات يقوم بها بعض الموتورين ضدّ المؤسسة العسكرية”، مشيراً إلى أنّ “الجميع لديهم مصالح شخصية إلّا أنتم مصلحتكم وطنية بالدرجة الأولى”، ومؤكّداً أنّ “الجيوش تُبنى لمواجهة الأزمات”.
صحيح أنّ هذا الكلام يصلح لأيّ وقت وزمان، خصوصاً في ظلّ الفوضى القائمة، إلا أنّه يتحوّل تدريجاً إلى خطاب رئاسي بالبزّة العسكرية يلاقيه حراك خارجي يتقاطع عند اعتبار جوزف عون أحد أكثر الخيارات الرئاسية جدّيّة وقابليّة للتحقيق.
باسيل: لتوريط الجيش
بطبيعة الحال لم يستسِغ باسيل “حركيّة” جوزف عون في الفترة الماضية وصولاً إلى “استعراض العيشية”. ورئيس التيار الذي حمّل قائد الجيش مسؤولية حادثة التليل وغرق زورق المهاجرين قبالة شواطئ طرابلس، وقبلهما أداء الجيش غير المُرضي خلال مرحلة 17 تشرين، لم يتوانَ هذه المرّة أيضاً عن تحميل عون مسؤولية انفلات مراكب الموت، فيما يمكن تعزيز نقاط المراكز العسكرية شمالاً والتقصّي المخابراتي لمافيات التهريب تفادياً لـ”المجازر” الجماعية التي تحصل في عرض البحر.
لا يتوقّع العارفون سوى المزيد من الرسائل السياسية من قبل قائد الجيش في المرحلة المقبلة، مع التسليم بأنّ جزءاً من هذه الحملات يأتي من داخل “البيت الرئاسي” – فرع جبران باسيل.
آخر المحطّات “السياسيّة” في مسار أداء العماد عون رفض ممثّله على طاولة مجلس الأمن المركزي أيّ تورّط للجيش في قضية حماية المصارف، قائلاً: “نقوم بواجبنا لناحية المؤازرة، لكنّنا لن ندخل في صدام مع المقتحمين”.
على خطّ جبران باسيل يؤكّد العارفون أنّ مواقفه الأخيرة التي تُوّجت بعبارة ملتبسة مفادها: “يللي متلي مش خرج يعمل رئيس جمهورية”، وسبقتها عبارة أكثر إثارة للجدل: “أنا مش بالـ mood لأشتغل على مسألة بوانتاج الأصوات”، وتكراره لازمة: “التغيير الكبير لن يحصل في الانتخابات الرئاسية تماماً كما لم يحصل في الانتخابات النيابية”.
كلّ هذه المواقف لا تفسّر زهداً في الرئاسة بقدر ما تعني تقديم أوراق اعتماد مستمرّ لحزب الله بانتظار “الحصاد”.
يوضح مصدر سياسي بارز لـ “أساس”: “لن يتوقّف باسيل عن حشر حزب الله وإفهامه أنّه دفع الثمن غالياً داخلياً وخارجياً بسبب حلفه مع الحزب”، مراهناً على “فراغ رئاسي طويل يتوّجه رئيساً بعد انفراج في العلاقات الأميركية -الإيرانية، والإيرانية – السعودية، وستكون أهمّ ترجماته بتّ ملفّ ترسيم الحدود البحرية وبدء شركات التنقيب العالمية استخراج الغاز من المياه اللبنانية”.