لأنه أرخص ولا يحتاج إلى نمرة و”وفّير بنزين” وداعاً للتاكسي وأهلاً بالـ “توك توك”
بين الـ «توك توك» والتاكسي ضاعت المهنة، لم تعد تاكسي القرى «شغالة»، فالسائق يجد صعوبة في العثور على زبون بالصدفة، فكل الزبائن يختارون تاكسي الـ»توك توك» ولو انه غير قانوني، لانه أوفر والنزهة داخله «بترد الروح» على حد وصف صفاء وقد اعتادت ركوبه هذه الايام، «ما بقى قادرين ندفع اجرة تنقل كبيرة، ومعظم شوفرية التاكسي يطلبون تعرفة غالية».
يبدو ان عصر التاكسي يتجه نحو الانحسار تدريجياً، فالزمن زمن الـ «توك توك»، يحاول سائق التاكسي على خط قرى النبطية محمد علي ان يستوعب ما حصل من دون جدوى، يقول: «نحارَب اليوم بالـ»توك توك» غير الشرعي، ونحن ندفع شهرياً مليوناً للضمان ومتطلبات اخرى، وحالنا يرثى لها، حتى النقابة لم تقف الى جانبنا لمواجهة ظاهرة تاكسي الـ «توك توك» التي سرقت رزقنا، بل تركتنا لمصيرنا المجهول، ما بقى قادرين نتحكم، ولا ننتج شيئاً».
وفيما سائقو التاكسي يتحسرون على حالهم، اجتاح التوك توك الطرقات، بات ملجأ الشباب الهارب من البطالة، كثر وجدو فيه فرصة عملهم اليوم، ولو على حساب شوفير التاكسي، الذي يجلس طيلة النهار بانتظار زبون دون جدوى، فالناس بدأوا يقصدون التوك توك لانه «اوفر» بحسب تعبيرهم.
في طرقات النبطية تسيطر التكتوكات على الساحة، بات لهم موقف ايضاً، فهم يعملون من دون «نمرة» ويعتبرهم شوفير التاكسي «متعدّين على المصلحة».
المنافسة على اشدها اليوم في مهنة «التاكسي» فشوفير التاكسي رفع اجرته ليتمكن من مواصلة العمل، فوفق ابو حسين «ما بقى قادرين نصمد اكثر، البنزين في رحلة صعود مستمرة، والتعرفة ما زالت دون المطلوب»، واكثر يقول «نشعر بحالة غبن لا نحسد عليها، اذ لم يكن يكفينا محاربة الدولة لمهنتنا، الا وجاء التكتوك لينافسنا في لقمة عيشنا».
يفضل محمد تاكسي الـ»توك توك» لانه ارخص، فهو يضطر يومياً للتنقل من بلدته الدوير الى النبطية، فالتاكسي يطلب ٥٠ و٦٠ الفاً، فيما الـ»توك توك تتراوح تسعيرته بين الـ ٣٥ و٤٠ الف ليرة.
يبحث محمد كما غيره عن وسيلة نقل رخيصة في زمن الغلاء والاحتكار، فالتاكسي بات خارج حساباته، من هنا لجأ الى الـ»توك توك» وان كان يخافه لانه غير متين «ولكن شو منعمل؟».
أصيب قطاع التاكسي بنكسة خطيرة، فهو من المهن التي لم يبق لديها حيلة للصمود، بدأت تتهاوى الواحدة تلو الاخرى، وتاكسي القرى التي ظلت صامدة طيلة الفترة الماضية وان ليس بالوتيرة السابقة نفسها، تقف اليوم في مهب منافستها من الـ»توك توك» وقد اجتاح القرى والطرقات، كل وجد فرصته ولو «عالقد» فالظروف اليوم «تقتضي منا العمل باي شيء» يقول علي وقد خسر عمله في احدى المؤسسات بسبب الازمة، ولم يجد غير الـ»توك توك» فرصته لعدم الاستسلام، يدرك ان العمل ليس رسمياً، «واننا متعدون على المهنة، ولكن لم تترك لنا الدولة خيارات اخرى»، يؤمن بمقولة «لا تدع الهم يصاحبك، بل افتح بابك للامل»، فهو بدأ يستحوذ على انتباه الناس، وقد لجأوا لهذه الوسيلة الوفيرة عكس سيارة الاجرة التي يعيش اصحابها نكسة عصرهم. لا يخفي السائق محمد قساوة الازمة، فهو يضطر لتعبئة بنزين بمليون ليرة يومياً، «مبلغ لا انتجه على الاطلاق، بالكاد نحَصِّل الـ٧٠٠ الف ليرة، يعني بالخسارة نعمل، واضيف الى خسارتنا منافستنا بالـ»توك توك».
يوسف شاب قرر دخول عالم التاكسي، اشترى «توك توك» وبدأ يعمل في القرى، على حد قوله الـ»توك توك» مربح نسبياً لانه وفّير بنزين، والناس يرغبون في كل جديد، اضف الى انه امام ارتفاع اجرة التاكسي لجأ الناس الى هذه العربة الصغيرة التي تمكن الزبون من مشاهدة المدينة والقرى بطريقة مختلفة».
مهنة التاكسي اذاً الى انحسار غير مسبوق، فالازمة الراهنة اطاحت بمهن وفرضت اخرى، لاننا في زمن «الاوفر» بيمشي حاله.. وبالتالي وداعا للتاكسي واهلاً بالـ «توك توك».