ومع اعلان لبنان الرسمي عن حقوق لبنان، وابلاغ الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، عن ما يقبله ويفاوض عليه، فان العدو الاسرائيلي لم يخرج بعد بموقف موحد، وهو ما كان ينتظره من لبنان، الذي تشبث بالخط 23 وبحقل قانا كاملاً، وعدم اعطاء اسرائيل فرصة التشارك مع لبنان، في الحقل رقم 8، ولا في انشاء صندوق مشترك، للاستثمار في الحقول المشتركة، وما قدمه لبنان هو اقصى ما يمكن ان يقبل به، بعد ان ترك الخط 29 جانبا، وقابلاً للتفاوض في حال لم تصل الوساطة الاميركية الى تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

وتتجاذب داخل الكيان الصهيوني، وبين مسؤوليه السياسيين والعسكريين، اراء متناقضة حول التعاطي مع لبنان، في موضوع الحقول النفطية، اذ سادت اراء ان تتخلى اسرائيل عن اي اطماع لها في الحقول 8 و9 و10، وان توافق على حصر استخراج النفط من حقل كاريش، على ان يحصل لبنان على كامل حقل قانا، وهو العنوان الذي رفعه لبنان «قانا مقابل كاريش»، حيث يعمل الوسيط الاميركي على هذه النظرية التي لم تلق بعد قبولا عند «صقور» الاسرائيليين، الذين اعلنوا، بان تهديدات «حزب الله» لا تهمهم سواء بارسال «المسيرات»، او تحديد الاهداف التي ستكون تحت مرمى نيرانه في المنصة التي تقف عليها السفينة اليونانية، التي سبق للامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله، ان حذر شركتها او اصحابها، بانها ستكون هدفا عسكريا، اذا ما استمرت باعمال الاستخراج ولبنان لم يحصل على حقوقه.

فالاسابيع الثلاثة المقبلة، وقبل الدخول في شهر ايلول، ستكون حاسمة ومصيرية، اذا لم يسرع الوسيط هوكشتاين، ويأتي بجواب من القيادة الاسرائيلية، وقد ابلغه المسؤولون اللبنانيون اثناء لقائه به في القصر الجمهوري، بان الوقت ثمين ولا يمكن اضاعته، ولم تعد المسألة نظرية لترسيم حدود على الورق، ومفاوضات في الغرف، بل ان القضية تتعلق بحقوق لبنان الذي هو بامس الحاجة الى التنقيب عن النفط واستخراجه في ظل الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها، وان الديبلوماسية التي نصح هوكشتاين الاعتماد عليها، وليس القوة العسكرية، فان الترحيب بها من قبل الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، تم التسليم بها، ولكن الى حين، وفق ما نقل مطلعون على اجواء لقاء القصر الجمهوري، وان «حزب الله» جاد في تهديداته، لا بل نفذها، وهو سيذهب بها بعيدا، اذا لم تكن اجوبة العدو الاسرائيلي متجاوبة مع حقوق لبنان، التي لن يكون غاز لاسرائيل، اذا لم يكن للبنان، وقد اثار الطرح اللبناني، ارباكا للوسيط الاميركي، الذي حاول تقديم التفاؤل، وانه سيعود من الكيان الصهيوني بايجابيات، والتي لم تظهر حتى الان، وفق مصادر حزبية في محور المقاومة، التي تشير بان لا ثقة في هوكشتاين، لانه ليس وسيطا نزيها او محايداً، وهو منحاز للعدو الاسرائيلي، لا بل يعمل في خدمة امنه ومصالحه، كما كل المسؤولين الاميركيين.

من هنا فان التشاؤم يسود في اوساط «حزب الله» من ان يعود الوسيط الاميركي من الكيان الصهيوني باجوبة لا تصب في صالح لبنان، واعطت المقاومة فترة سماح للدولة اللبنانية، لكي تستمر بالتفاوض، ولو الى حين، وليس الى اجل غير مسمى، لذلك دخلت المهلة الزمنية، كعامل اساسي، الذي لن ينتظر طويلا، حيث يواجه هوكشتاين مأزقا مع المسؤولين الاسرائيليين، الذين لم يتوحدوا على موقف موحد، كما لمس في لبنان، اذ ان فريقا في الكيان الصهيوني يدعو الى التصعيد، ويتوجه الى استخدام العمل العسكري، وتهديد بتدمير الضاحية الجنوبية.

 

انها مرحلة خطيرة جدا، اذا لم تمارس اميركا ضغوطها على اسرائيل، وتقبل بحقوق لبنان، فان البحر الابيض المتوسط سيكون ساحة صراع على النفط.