الحدث

قضية المطران الحاج في ميزان القوانين الكنسية والجزائية اللبنانية!…

سفير الشمال- ديانا غسطين

لا يزال خبر توقيف النائب البطريركي على القدس والأراضي المحتلة وراعي ابرشية حيفا للموارنة المطران موسى الحاج والتحقيق معه، يتصدر المشهد السياسي اللبناني لا سيما بعد التجمع الذي حصل في الديمان (المقر البطريركي الصيفي) وما تخلله من اطلاق رسائل سياسية في مختلف الاتجاهات.

الا ان ما غاب او غُيِّب عن اذهان البعض لسبب او لآخر، هو الشق القانوني للملف. فمن هي المحكمة صاحبة الصلاحيات في هذا المجال وكيف يتعاطى القانون اللبناني مع من ينقل الأموال من كيان العدو؟

في السياق، تشير المادة 1060 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة عن الفاتيكان في العام 1990 والتي دخلت حيّز التنفيذ في لبنان في العام 1991، الى انه “يمنح بابا الفاتيكان حق محاكمة الأساقفة الملاحقين بقضايا جزائية”. هذه المادة التي يستند عليها البعض في لبنان لرفض محاكمة المطران الحاج امام القضاء اللبناني، تصطدم برأي آخر يقول بأن “القضاء الكنسي لا يلغي القضاء العادي في القضايا الجزائية”.

وبما ان الكنائس الشرقية قد اعترفت للسلطة القضائية سواء كانت مدنية او جزائية بحقها في فرض العقوبات، وقد ظهر ذلك في احد بنود المادة 1409 الذي ينص على انه “على القاضي الكنسي انسجاماً مع ضميره ان يمتنع عن فرض عقوبة او تخفيفها اذا كانت السلطة المدنية قد فرضت عقاباً كافياً”.

اذاً، يُستنتج مما تقدم ان عقوبات السلطة الكنسية لا تتعارض اطلاقاً مع ممارسة السلطة الزمنية اللبنانية لصلاحياتها. وبالتالي فإن محاكمة المطران موسى الحاج امام القضاء اللبناني مشروعة ولا لبس فيها.

من جهة ثانية، يجرّم قانون العقوبات اللبناني ان كل من يتعامل مع الكيان الإسرائيلي باعتباره عدواً، كما ان المشرّع اللبناني قد أقرّ مبدأ مقاطعة إسرائيل بموجب القانون الصادر في 23/06/1955 والذي نصّت مادّته الأولى على انه “يحظّر على كل شخص طبيعي او معنوي ان يعقد بالذات او بالواسطة اتفاقاً مع هيئات او اشخاص مقيمين في إسرائيل ومنتمين اليها بجنسيتهم او يعملون لحسابها او لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية او عمليات مالية او أي تعامل آخر مهما كانت طبيعته”. وقد أعطيت للمحاكم العسكرية صلاحية النظر في جرائم ومخالفات هذا القانون.

وعليه، فإن التعامل مع اسرائيل بأي شكل من الاشكال هو جناية تمتد عقوبتها من 3 سنوات الى 10 سنوات بالإضافة الى تغريم الجاني.

الا ان القانون لم يشمل بين سطوره أي استثناء لأي فئة من فئات المجتمع، ما يدلّ على ان جميع اللبنانيين بمختلف طوائفهم ووظائفهم هم سواسية امام القانون. هذا وقد حددت المادتين 285 و286 من قانون العقوبات اللبناني العقوبات التي ينبغي انزالها بمن تثبت عليهم تهم الاتجار مع العدو وتسهيل معاملاته المالية.

خلاصة القول إنّ كل ما جرى من محاولة لتظهير الامر وكأنه استهداف للمسيحيين وللطائفة المارونية بشكل خاص لا سيما وان البلاد على قاب قوسين من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، عراضات لا نفع لها. وكل ما يحصل من نقل لاموال وادوية واغذية مرسلة من لبنانيين موجودين في كيان العدو هو امر مرفوض. وكل محاولات التطبيع عن طريق المساعدات الغذائية لن يلقى النتيجة المرجوة منه في لبنان. وعليه ان توقيف المطران الحاج والتحقيق معه لم يتنافَ مع القوانين الكنسية الشرقية. والى ان تنتهي التحقيقات وتتكشف خيوط الحقيقة يبقى جلب الأموال والمساعدات من كيان العدو تعاملاً وتطبيعاً لا يمكن التغاضي عنهما، كما لا يحق للسلطات الكنسية ان تستغل دورها لتسهيلهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى