باسيل مُربك.. لا رئيس ولا صانع رئيس؟!…
سفير الشمال- غسان ريفي
يُدرك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنه وللمرة الأولى يكون عاجزا عن الامساك بزمام المبادرة في كثير من الأمور السياسية المصيرية، ما يجعله في حالة إرباك غير مسبوقة تترجم تناقضا وتخبطا وغضبا في كثير من تصرفاته ومواقفه.
لا شك في أن باسيل يدخل في سباق محموم مع الوقت، حيث لم يبق لعهد عمه ميشال عون سوى ثلاثة أشهر، شهران منهم ستكون العيون فيهما شاخصة الى الجلسات النيابية التي سيدعو إليها الرئيس نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في وقت لم يعد فيه قادرا على الاستفادة من الحكومة الحالية كونها تحولت الى تصريف الأعمال، كما لم يعد قادرا على التأثير في تأليف الحكومة الجديدة بفعل الحواجز التي يرفعها بوجهه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي يتعرض لهجوم باسيلي عنيف ولمحاولات تهدف الى عرقلته والى ضرب علاقته برئيس الجمهورية من خلال بعض المستشارين البرتقاليين الذين يعملون على بث الشائعات وعلى تسريب بعض الأخبار التي تسيء الى موقع الرئاسة الثالثة، وكان آخر ذلك تسريب أن “رئيس الجمهورية رفض إعطاء الرئيس المكلف موعدا لمناقشة التشكيلة الحكومية”، الأمر الذي ضرب نتائج الاتصال الايجابي الذي أجراه ميقاتي بعون قبل سفره والتوافق بينهما على التواصل بعد عودته.
في ملف رئاسة الجمهورية، تعاكس الظروف بشدة رئيس التيار البرتقالي الذي يعتبر نفسه مرشحا طبيعيا لهذا المنصب ويرفض التنازل عنه، لذلك فقد أكد أنه “لا يرى سببا حتى الآن للسير بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة”، لكن رغبات باسيل وطموحاته وأحلامه شيء، والواقع شيء آخر، حيث تشير المعطيات الى أنه لا يمكن إنتخاب رئيس للجمهورية مطوّق بعقوبات أميركية، ولو كانت هذه العقوبات سياسية كما يحب باسيل أن يسميها، إلا أنها قائمة وتترجم في أماكن عدة، ولم يعد الوقت المتبقي للانتخابات الرئاسية يسمح للمحامين الناشطين في هذه القضية بإمكانية رفعها قبل هذا الاستحقاق.
وفي هذا الاطار، يجد باسيل صعوبة بالغة في تسويق نفسه تحت أي شعار أو عنوان، إنطلاقا من الرفض السياسي الأفقي له، فلا بكركي تريده، ولا القوات اللبنانية تصوّت له، ولا حركة أمل، ولا اللقاء الديمقراطي، ولا كتلة المردة، ولا النواب التغييريين، ولا السياديين، ولا المستقلين ولا قدامى المستقبل، أما حليفه الوحيد حزب الله فيبدو حتى الآن أنه لن يتبنى أي مرشح بل سيكتفي بتقديم الدعم، وعلى الأرجح لن يشكل باسيل خيارا له خصوصا في ظل تقدم حظوظ سليمان فرنجية.
وما يضاعف من إرباك باسيل وغضبه، هو أن النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية لا سيما لجهة الحفاظ على تكتل نيابي مسيحي وازن، لا يمكن “تقريشه” في الاستحقاق الرئاسي، وهو أمر بات يدركه، حيث أشار في مقابلته الأخيرة بأنه “قد يكون رئيسا أو صانع رئيس”، لكن الوقائع حتى الآن تؤكد بأنه لن يكون رئيسا، وربما لن يكون صانع رئيس، فإذا كان سليمان فرنجية الأوفر حظا، فهو لن يقبل بتقديم تنازلات أو بتطويق عهده بشروط ومطالب تجعل باسيل شريكا مضاربا له، خصوصا أن باسيل نفسه منع هذا الأمر عن القوات بعد التوافق مع سمير جعجع على تقاسم المكاسب والمناصب ما أدى الى إنهيار “تفاهم معراب”، وإذا كان هناك مرشحا متقدما غير فرنجية سواء كان قائد الجيش أو أي شخصية وسطية فإن ذلك سيكون ضمن توافق عام لن يكون لباسيل الدور الأكبر أو المؤثر فيه.
لذلك، لا تستغرب مصادر مواكبة أن يسعى بعض مستشاري باسيل من اللصيقين برئيس الجمهورية الى عرقلة تشكيل الحكومة والحؤول دون حصول أي لقاء بين عون وميقاتي، من خلال الإستمرار في التسريبات والشائعات التي تسيء الى الرئاسة الثالثة، بهدف الابقاء على حكومة تصريف الأعمال، ومن ثم إثارة اللغط الدستوري حول إمكانية تسلمها صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال تعذر إجراء الانتخابات، كما بدأ يروّج مطبخ الاجتهادات الدستورية في قصر بعبدا، الأمر الذي سيدخل البلاد في أزمة مفتوحة قد تعيد خلط الأوراق الرئاسية التي يمني باسيل النفس بإمكانية الاستفادة منها كفرصة أخيرة!..