لبنان أمام الفرصة الأخيرة للإنقاذ والتعافي
كتّاب الديار
تكاد كل الوفود والشخصيات الديبلوماسية الغربية والعربية، تُجمع على تقديم نصيحة واحدة فقط للمسؤولين الذين يجولون عليها، سواء أكانوا وزراءً في حكومة تصريف الأعمال أو نواباً، تقضي بالمسارعة إلى تشكيل حكومة جديدة فاعلة، وإقرار الإصلاحات الضرورية لإنقاذ لبنان من الإنهيار المتسارع، إضافةً إلى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي وصولاً إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري. وتنقل مصادر سياسية مواكبة لبعض الجولات والإجتماعات الأخيرة التي حصلت في بيروت، أجواء تحذير للمسؤولين السياسيين والحزبيين، من مغبة إهمال النصائح الخارجية، ومن تأخير الإصلاحات من جهة ومن خطورة تعميق الانقسام السياسي على الساحة الداخلية من جهة أخرى.
وتشير المصادر إلى أن الملف الاقتصادي هو الذي ما زال يحتل الأولوية لدى عواصم القرار الغربية كما العربية، التي ترى أن التعافي المالي والإقتصادي هو جسر العبور إلى الإستقرار، والذي تتمسك به كل القوى الخارجية المواكبة لتطورات الواقع اللبناني الداخلي منذ 17 تشرين الأول 2019.
ولذا، فإن هذه المصادر ترى أن توافقاً قد تحقق أخيراً وبشكلٍ خاص بين باريس وواشنطن، حول استمرار رعاية الإدارة الفرنسية للملف الاجتماعي والاقتصادي، كما تؤكد أن المنسق الخاص للمساعدات الدولية للبنان السفير بيار دوكان، قد تحدث صراحةً أمام شخصيات سياسية واقتصادية ، عن أن الأسابيع القليلة المقبلة تشكل الفرصة الأخيرة أمام كل القوى الداخلية من أجل تفادي أي أزمة مالية، قد تنجم عن التأخير في إطلاق المرحلة الثانية من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإنجاز اتفاق على برنامج تمويل، بعدما أقفلت أمامه كل الطرق والمعابر إلى التعافي.
وبالتالي، فإن كلّ المؤشرات وحتى الساعة، لا تدل على أن المساعي المبذولة ستنجح في تحقيق هذا الهدف، وفق ما تكشفه المصادر النيابية نفسها، والتي ترى أن الخطة الحكومية للتعافي والإنقاذ، لا تتلاءم مع الواقع الإقتصادي الفعلي، وهي تستلزم إعادة نقاش ودرس وتعديلات من أجل أن تتلاءم الشروط التي وضعها وفد صندوق النقد، من أجل السير بالإتفاق مع لبنان مستقبلاً.
أمّا على المستوى السياسي، فتلفت هذه المصادر إلى أن التأكيد على تشكيل حكومة فاعلة، ما زال عنواناً أساسياً يساعد على تحقيق الأهداف الإقتصادية المتمثلة بالتشريعات الضرورية المالية والإقتصادية، وفي مقدمها مشروع موازنة العام الحالي، ومن ضمنها تحديد قيمة الدولار الجمركي من أجل تحريك عجلة الإقتصاد وتسريع الحلول لأزمة إضراب موظفي القطاع العام المستمر منذ أكثر من شهر.
لكن تكريس الجمود على خطّ تأليف الحكومة، من شأنه أن يعقّد أية مساعي خارجية وداخلية باتجاه الإنقاذ والإنتقال إلى مرحلة التعافي، إذ تتحدث المصادر، عن أن الإنطباعات الديبلوماسية، تلتقي عند معطى واحد، وهو أن المعنيين من المسؤولين، غير مستعدين للتقدّم خطوة للأمام، وكلّ ما قد تحقّق منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة إلى اليوم، هو اتهامات بتعطيل الحلول وبالمسؤولية عن الأزمات، مع تسجيل التوجه الثابت نحو البقاء في مدار تصريف الأعمال على عدة مستويات وليس فقط على المستوى الحكومي.