طهران | اجتذبت القمّة السابعة لقادة الدول الضامنة لـ«مسار أستانا»، والتي عُقدت بعد توقّف دام سنتَين، في العاصمة الإيرانية طهران، اهتماماً أكثر من أيّ وقت مضى، بالنظر إلى سياقها الإقليمي والدولي، وحسابات كلّ من الأطراف المشاركة فيها. وفي هذا الإطار، تَبرز مشاركة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي تعاني بلاده هذه الأيام من تضخّم بلغت نسبته 82%، ويجد بالتالي الحاجة ملحّة إلى تحسين العلاقات مع إيران وروسيا، خصوصاً مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية لعام 2023. بيد أن إردوغان واجه تحذيرات صريحة أطلقها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، حول السياسات التركية تجاه الصراع بين جمهوريتَي أذربيجان وأرمينيا، وكذلك تهديدات أنقرة بشنّ هجمات جديدة على شمالي سوريا. ويرى الكثير من المراقبين أن الصراحة التي وسمت تصريحات خامنئي لم تكن مسبوقة، وهي تستهدف على ما يبدو إظهار جدّية إيران في منع تركيا من إرباك الحدود مع جيران الأولى وحلفائها.
أمّا من جهة روسيا، فقد حاز حضور الرئيس فلاديمير بوتين، بعد الجولة التي قام بها الرئيس الأميركي، جو بايدن، في المنطقة، أهمية خاصة، في ظلّ الصراع الذي تخوضه بلاده مع الغرب بسبب حرب أوكرانيا، واهتمامها بتعزيز علاقاتها مع حلفائها، وعلى رأسهم إيران. وحتى قبل أن يتوجّه بوتين إلى العاصمة الإيرانية، برزت، في خلال الأيام الماضية، وجهات نظر غير مسبوقة نسبياً، طرحها المسؤولون الروس حول أهمية العلاقات مع طهران، والجهود المشتركة لمواجهة العقوبات. ويؤشّر توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروآسيوي وإيران، وتوقيع مذكّرة تفاهم بين طهران وشركة «غازبروم» الروسية، وتشغيل ممرّ الشمال – الجنوب، وكذلك تطوير التعاون العسكري، إلى أن الدولتَين ماضيتان في تمتين تعاونهما على المستويات كافّة.

وحازت قمّة طهران اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية. وكتبت صحيفة «كيهان» الأصولية في هذا الخصوص أن «زيارتَي بوتين لطهران وبايدن للمنطقة حصلتا في وقت بلغت فيه المواجهة بين الجبهة العالمية للمقاومة والغرب ذروتها»، وأن «البُعد الجيوسياسي والمعادلة الإقليمية يتغيّران بشكل أساسي بسبب هذه المواجهة». واعتبرت أن «التخطيط لزيارة بوتين إلى طهران، وبالتزامن زيارة إردوغان، بعد جولة بايدن على المنطقة، هو إجراء ذكي يمكن أن يُلقي بظلاله على جميع المكاسب السياسية والإعلامية والنفسية لجولة بايدن ويُحبطها، ويجعل المناخ السائد في المنطقة يركّز على القضايا والمتطلّبات الحقيقية والتقارب الإقليمي». وفي السياق نفسه، اعتبرت صحيفة «جوان»، القريبة من الحرس الثوري، قمّة طهران «تحالفاً ضدّ العقوبات والإرهاب»، مشيرة إلى الاتفاقيات الاقتصادية بين إيران من جهة وروسيا وتركيا من جهة أخرى، مضيفة أن «مذكّرة التفاهم بقيمة 40 مليار دولار لاستثمار عملاق الغاز الروسي في النفط والغاز الإيرانيَّين والنهوض بالتجارة مع تركيا – الجارة لإيران والبلد الاستراتيجي في المنطقة رغم عضويتها في الناتو والتحالف مع أميركا – لتصل إلى 30 مليار دولار سنوياً، كلُّ ذلك يشكّل جزءاً فحسب من استعراض قوّة إيران، مع الحفاظ على مبادئها ولغتها الثورية في ظروف ركود الاتفاق النووي وتكثيف العقوبات والضغوطات الغربية». أمّا صحيفة «وطن امروز»، فقد نشرت صورة المصافحة بين خامنئي وبوتين على صفحتها الرئيسة، وكتبت في عنوانها العريض: «المصافحة الاستراتيجية». واعتبرت أن أهمّ العوامل التي تعطي زخماً للعلاقات الاستراتيجية بين الدولتَين هي: «1- التوجّه المشترك تجاه النظام الدولي البديل؛ 2- مواجهة السياسات العدائية لأميركا؛ 3- التعاون الاستراتيجي الإقليمي؛ 4- التعاون الاستراتيجي الثنائي؛ 5- تحييد العقوبات الغربية».